نجمات بلا جمهور ، ملهمات بلا شعراء ، عندما أكتب عنهن تقف كل معانى الإيمان و التضحية متضائلة أمام نبل ذواتهن ، قرأت عن كثير من البطولات النسائية على مر العصور وفى مختلف الثقافات سمية ، الخنساء ، جان دارك ، جميلة بوحريد ، لكن صنفا كهذا من النساء و لونا كهذا من البطولات لم أصادف مثله فى كتب التاريخ أو حتى فى خيال المبدعين ، قرأت عن الصوفيين و النساك و رواد العشق الإلهى فما هالتنى تلك الدرجة من التسامى و الإيثار و التعالى على الذات ، أى بطولة تلك التى جسدنها و أى إيمان هذا الذى دفع بهن لأن يقدمن على ما أقدمن عليه .
إنهن عرائس الجنة اللائى خرجن من رام الله و نابلس و جنين و غزة و بيت لحم حيث لا عرس ولا موكب و لا زغاريد ، حيث يمتزج الحانوط بالحناء و تمتزج المبادىء بالأنا فتصيران كيانا واحدا و تصبح الذات مسترخصة اى ثمن تقدمه فى سبيل القضية ، لم يضربن بالدفوف و لم يرقصن و لم يبسن الواوا ربما لأن واواتهم المتعددة لن يداويها مجرد التبويس .
لم تكن عندليب طقاطقة تحلم بأكثر من ببيت يتسع لجميع أسرتها ، لم تتطلع يوما إلى مليارات الذين وضعوا السلاح و تاجروا بقضيتهم ، أما الهام الدسوقى ففجرت نفسها داخل بيتها عندما اقتحمه عليها الصهاينة الإمبرياليون ، ضحت بنفسها و بيتها عندما علمت أن القضية قضية بيت كبير سلب و انتهك ، أما دارين أبو عيشة ذات الاثنين و عشرين عاما فقد كانت شعلة من النشاط داخل الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح على حد وصف أختها ، و كانت دائما تردد مخاطبة أمها : ” أدعي لي يا أمي أن أكون شهيدة في سبيل الله حتى أنال الجنة وستكونين معي بإذن الله ” .
لقد ارتفعت دارين و عندليب و آيات الأخرس و ريم رياشى و غيرهن فى وقت سقطت فيه الرموز ، فى زمن سادت فيه حمى الأنانية و الدجل ، نعم سيذكر التاريخ أن مجوعة من النسوة و الفتيات لم يتجاوز عمر أيهن الثلاثين عاما قلبن الأعراف و الموازين رأساً على عقب كما قال الصهيوني أرنون غولر في “هآرتس ” ، سيذكر لهن أنهن شكلن رقما مهما فى لعبة الصراع بين الخير و الشر ، و أنهن فى سبيل قضيتهم تجاوزن الأنا حتى تلك الأنا المشروعة التى لا غبار عليها و التى لم تتأثر بثقافة القراصنة و المستهلكين ، حتى تلك الأحلام المشروعة التى طالما داعبت قلوبهن و عواطفهن الخضراء تخلوا عنها ليطحن بتحليلات المتفلسفين و دعاة الخنوع ، و ليثبتن بحق أنهن عرائس الجنة