بتـــــاريخ : 9/24/2009 9:46:56 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1149 0


    الإحسان إلى الأم

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الشيخ / محمد بن علي السعوي | المصدر : www.islamlight.net

    كلمات مفتاحية  :
    الإحسان الأم

    من الإحسان الذي يحب اللهُ فاعلَه الإحسانُ بالوالدين وخصوصاً عند الكبر ، قال تعالى : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ  إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا  فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) ( 23 24 ) سورة الإسراء
    والإحسان بالوالدين يتضمنُ كلَ عمل من أعمال البر نحو الوالدين مع البعد عن كلِ ما يؤذيهما ، وبرهما يعتبر من أحب الأعمال إلى الله تعالى ، وأفضلِها ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ، وفي لفظ : أي العمل أفضل قال : الصلاة على وقتها ثم قيل : أيٌ قال : بر الوالدين قيل : ثم أي قال : الجهاد في سبيل الله ، رواه البخاري ومسلم عليهما رحمة الله عن ابن مسعود رضي الله عنه .

    فبر الوالدين مقدم حتى على الجهاد في سبيل الله ، مما يدل على عظيم حق الوالدين ، ليعلمَ الأولادُ فضلَ والدَيهم وقدرهما ، ولهذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال : ( أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد ) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية لمسلم : ( أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله عز وجل ، فقال : فهل من والديك أحد حي ، قال : نعم بل كلاهما ، قال : فتبتغي الأجر من الله عز وجل ، قال : نعم ، قال : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ) .
    لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأم أكثر مما أوصى بالأب وذلك لعظيم حقها على أولادها ، لكون عنائِها أكثر ومشقتِها أعظم ، مع ما تقاسيه من الحمل والوضع والرضاع ، ولذلك جعل لها ثلاثة أمثال ما للأب من البر وحسن الصحبة .جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ، قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟  قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك " رواه البخاري . قال تعالى : { وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } (14) سورة لقمان .

    [ فمن كانت له أم فليتدارك ما بقي من أيامها لئلا يصبح يوماً فلا يجدُها ولا يجدُ ما يعوض عنها ، وإن كانت كبيرة السن أو مريضة أو كثيرة الطلبات ، فاذكر أيها المسلم أنها إن احتاجت إليك اليوم فلقد كنت في يوم أحوج إليها ، ولئن طَلبَتْ أن تقدم لها شيئاً من مالك ، فلقد قدمت لك من نفسها ومن جسدها ، وأنها حملتك في بطنها فكنت عضواً من أعضائها ، وقد تجدُ في الناس من يظهر لك من حبه أكثر مما تظهرُ الأم ويظهرُ الأب ، ولكن منهم من يحبك لجاهك ، أو لجمالك ، أو لمالك ، فإن ساءت الحال ، أو ذهب الجمال ، أو قل المال ، أعرض عنك  ولم يعد يعرفك ، أما الذي يحبك لذاتك ، ويبقى على حبك مهما تبدلت الحال بك ، فهو أمك وأبوك لا تجد مثلَهما ] ) 1 ( .

    إن بر الأم سبب لإجابة الدعاء ودخول الجنة ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (( إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ ، وَلَهُ وَالِدَةٌ ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ ، فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ . وكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ : أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ نَعَمْ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأبَرَّهُ ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ فَاسْتَغْفِرْ لِي ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ الْكُوفَةَ ، قَالَ أَلا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا ؟ قَالَ أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ )) رواه مسلم . ونقل ابن الجوزي في صفة الصفوة ( 3 / 54 ) عن أصبغَ بن زيد قال :  (( إنما منع أويسًا أن يقدم على النبي صلى الله عليه وسلم برُه بأمه (( .

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت : من هذا ؟ فقيل : حارثةُ بنُ النعمان ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : كذلكم البر ، وكان أبر الناس بأمه ) رواه الإمام أحمد وغيره .

    وقالت عائشة رضي الله عنها : [ كان رجلان من أصحاب النبي صلى عليه وسلم أبرَ من كان في هذه الأمة بأمِهِما : عثمانُ بن عفان ، وحارثةُ بن النعمان رضي الله عنهما ، أما عثمان فإنه قال : ما قدرت أتأمل وجه أمي منذ أسلمت ، وأما حارثة فكان يطعم أمه بيده ، ولم يستفهمها كلاماً قطُ تأمر به ، حتى يسأل من عندها بعد أن يخرج ماذا قالت أمي .
    ولازم أبوهريرة رضي الله عنه أمه ولم يحج حتى ماتت . ) 2 (


    صور من بر السلف بالأم


    لقد كان السلف الصالح يجتهدون في الإحسان بوالدِيهم وخصوصاً أمهاتِهم ، فكانوا يستشيرونهن ، ويستأذنونهن في كل شأن من شئونهم ، ويسمعون كلامهن ، حتى وإن كانوا علماء ، ولذلك بارك الله في حياتهم ، وبارك في علمهم بعد مماتهم ، بسبب رضا والديهم عنهم .كان أبو حنيفة رحمه الله باراً بوالديه ، وكان يدعو لهما ، ويستغفر لهما مع شيخة حماد ، وكان يتصدق كل شهر بعشرين ديناراً عن والديه . قال أبو يوسف رحمه الله : كان أبو حنيفة يحمل والدته على حماره إلى مجلس عمرَ بنِ ذر كراهة أن يرد قولها ، وقال أبو حنيفة : ربما ذهبتُ بها إلى مجلسه وربما أمرتني أن أذهب إليه وأسألَه عن مسألة فآتيه وأذكرُها له وأقول له : إن أمي أمرتني أن أسألك عنها ، فيقول : وأنت تسألني عن هذا ؟ فأقول : هي أمرتني فيقول قل لي ، كيف هو : يعني الجواب ، حتى أخبرك ، فاخبره بالجواب ، ثم يخبرني به ، فآتيها وأخبرها عنه بما قال .


    وقال عبدالله بن جعفر المروزي رحمه الله : سمعت بنداراً رحمه الله  يقول : أردتُ الخروج يعني لطلب العلم ، فمنعتني أمي فأطعتها فبورك لي فيه ، قال : فجمع حديث البصرة ولم يرحل براً بأمه ثم رحل بعدها () .


    وقال جعفر الخلدي :كان الأبار من أزهد الناس ، استأذن أمه في الرحلة لطلب العلم إلى قتيبة في خراسان ، فلم تأذن له ، ثم ماتت فخرج حتى وصل بلخ ، وقد مات قتيبة ، فكانوا يعزونه على هذا ، فقالهذا ثمرة العلم إني اخترت رضا الوالدة () .


    البِرّ والعقوق دَينٌ ووفاء أن البِرّ والعقوق دَينٌ ووفاء ، فإذا أطعت
    أيها المسلم  : والديك أطاعك أولادك ، وإذا أكرمت والديك أكرمك أولادك ، وضي الله عنك ، وبالعكس ، إذا توليت عن والديك وأعرضت عنهما ، سخط الله عليك ، وقد يسلّط عليك من ذريتك من لا يراعي فيك عهداً ، ولا يحفظ لك وُدّاً ، ولا يقيم لك وزنًا ، ولا يعرف لك حق أبوّة ولا واجب بنوّة ، وقد جاء في أثر فيه مقال ( بَرُّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم ) . ( رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه خالد بن زيد العمري ، وهو كذاب ) مجمع الزوائد للهيثمي ( 8 / 81 ( .

    أيها المسلم : إحذر عقوبة الله نتيجة لعقوقك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين ، فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ) رواه مسلم .

    وخصوصاً أمك أيها المسلم ، فلقد كانت تحنو عليك صغيراً وترجو نفعك كبيراً ، فلما كَبُرْتَ أسأت إليها مراراً ، وهي تدعو لك بالتوفيق سِراً وجهاراً ، ولما احتاجت عند الكبر إليك ، جعلتها من أهون الأشياء عليك فقدمت عليها أهلك وأصحابك في الإحسان ، وقابلت أياديها بالنسيان ، وصَعُب عليها أمرها وهو يسير ، وطال عمرها عليك وهو قصير ، وهجرتها وما لها سواك نصير .

    إن بعض الناس يسيء إلى أمه فيهملها ، ولا يسأل عنها ، ولا يجلس معها ، وربما يسمع ما يقال فيها من قِبَل زوجته وأولاده ، فيغضب عليها ويتمنى فِراقها ، وهذا مِن أعظم العقوق ، وتتضييع الحقوق والعياذ بالله ، مع أن الأم مهما أساء إليها ولدُها فإنها تظل تشفق عليه .
    إن وجود الأم سبب للتوفيق وحصول الخير ، عن رفاعةَ بنِ إياس قال: رايتُ الحارث العُكْلي في جنازة أمه يبكي ، فقيل له : تبكي ؟ قال : ولمَ لا أبكي وقد أُغلق عني بابٌ من أبواب الجنة ؟وقال هشام بن حسّان : قلت للحسن : إني أتعلّم القرآن ، وإن أمي تنتظرني بالعشاء . قال الحسن : تعشّ العشاء مع أمك تقرُّ بهِ عينها ، أحبُّ إلى من حجّةٍ تحُجُها تطوُّعاً .
    قال ابن عبّاس رضي الله عنهما : إني لا أعلم عملاً أقرب من برّ الوالدة . وعن محمد بن سيرين قال : بلغت النخلة في عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم ، قال فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فعرّقها فأخرج جُمّارها فأطعمه أمّه ، فقالوا : ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم والجُمّارُ لا يساوي درهمين ؟ قال : إن أمي سألتنيه ولا تسألني شيئاً أقدر عليه إلا اعطيتُها .

    وكان طلق بن حبيب يُقبِّلُ رأس أمه ، وكان لا يمشي فوق ظهر بيتٍ وهي تحتَه إجلالاً لها .
    أيها المسلم : يا من مات والداه أو أحدُهما وقد قصر ببرهما في حياتهما وندم على ما فرط ، وخاف من عاقبة العقوق ، إعلم ان باب الإحسان بهما مفتوح ، وبإمكانك أن تدرك شيئاً ولو قليلاً من البر بعد موتهما ، لعل الله تعالى أن يعفو عنك ويرضّي عنك والديك ، من ذلك : الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة ، والصدقة عنهما ، وإنفاذ عهدهما ، وهي الوصية ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام أصدقائهما ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ؟ قَالَ : نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا ، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا ، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا )) رواه أبو داود وغيره .


    فإن هذا الأعمالَ مما يفرح بها الوالدان بعد موتهما لتخفيف  ما عليهما من سيئات ، وزيادة في الحسنات ، وقد ورد في بعض  الأحاديث : (( إن العبد ليموت والداه أو أحدهما ، وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ، ويستغفر لهما ، حتى يكتبه الله بارّاً )) رواه البيهقي .
    نسأل الله تعالى أن يسلك بنا سبيل المحسنين ، وأن

    كلمات مفتاحية  :
    الإحسان الأم

    تعليقات الزوار ()