الجواب :
الحمد لله
إن من الأمور المعلومة ما يلقيه الشيطان من الخواطر والوساوس والشكوك حتى يفرق بين المرء وزوجه كما جاء في صحيح مسلم (2813) عن جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ قَالَ الْأَعْمَشُ أُرَاهُ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ "
وأنت بمجرد عقدك على هذه المرأة ، صرت زوجاً لها ، ولا ينبغي للإنسان أن يحل عقد الزوجية لمجرد الشكوك ، بل لا يكون ذلك إلا لأمر يقيني ، متأكد .
ولا تعجب من عدم الوئام التام المطلوب ، فهذا أمر طبيعي ، لا سيما وأنك بعدُ لم تدخل بها ، ولا تدري لعلك إن تركتها أن لا تجد مثلها ، ولعلك إن كرهت منها اليوم خلقاً ، أن ترضى منها أخلاقاً أخر .
فأخشى ما نخشاه عليك أن تكون في حال رهبة وخوف من الارتباط المقبل مما يجعلك تستحضر في ذهنك الجوانب السلبية وتنسى الجوانب الحسنة الإيجابية ، فلذلك جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" رواه مسلم (1469) .
ونذكرك أن تمام الوئام المطلوب إنما يكون بعد الزواج فتجد أن المرأة إن سكنت بيت زوجها ووصلها خيره ، فإنها تنقاد معه أيسر مما كانت قبلُ ، وهذا أمر مجرب محسوس . فلذلك لا ينصح بتطويل مدة العقد ، وينصح بالإسراع والتعجيل بالزواج ، حتى لا تزيد المشاكل وتتكاثر .
والمرء تشتد همته لما منع منه ، ويشرئب قلبه له ، حتى يسيطر عليه الهم والغم ، فإن هو ظفر بما أراد ، ندّمته نفسه ، وضعفت همته ، وبدأ ينظر بالعين الأخرى ، حتى إن كثيرا منهم - بعد نيل المراد - يشتكي من ذلك ، حتى يبدأ بالوسواس : لعله سحر ، أو عين ، أو مس ، وقد رأينا من مثل هذا ما لا حصر له .
قال الإمام ابن القيم في "الجواب الكافي" (ص320) : " فإن كثيرا من الناس يزيد رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها لما يجد في نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها ، وكثير من الناس يزيده الإباء والامتناع زيادة حب كما قال الشاعر :
وزادني كلفاً في الحب أن منعت ... أحب شيء إلى الإنسان ما منعَ " انتهى .
وأما ما ذكرت من عدم قراءتها للقرآن بالقدر الذي تطلبه ، وعدم استماعها لأشرطة المحاضرات بالشكل المطلوب ، ثم محاسبتك لها على التفريط في ذلك ، بل وقسوتك عليها من أجل هذا !! فهذا أمر عجيب جدا ، لا سيما وأنها ما زالت في بيت أبيها ، وما زالت في طور الدراسة الثانوية ، صغيرة السن ، لا تتقن اللغة العربية جيدا … إلى آخره من المبررات الواضحة العذر .
فأنت تطالبها بالفضل وتعتب عليها فيه ! وقد كان الأولى بك في هذه المرحلة ، المطالبة بالعدل ، من غير عتب .
فالذي ننصحك به أن تبقي على زوجك ، ولا تتعجل في حل ما بينكما ، بل على العكس ، أغلق أبواب الوساوس والفرقة ، وعجل بإتمام زواجك ، ولعل الله أن يقر عينك بها ، لا سيما وهي لك محبة ، وفيك راغبة .
ولعلك أخي الكريم أن تستشير – من أهل التقى والعلم والحكمة – من يدرك بيئتك التي أنت فيها ومالها من تداخلات وتشعبات ، وعليك بالتوكل على الله والدعاء والإلحاح على الله ، والاستغفار في الأسحار .
نسأل الله أن يفرج همك ، وينفس كربك .
وأما بالنسبة لما قلت : من أنهم زوجوك من غير مهر ، فإن كنت تقصد أنهم زوجوك بمهر قليل فهذا خير والحمد لله ، وأما إن قصدت أنهم لم يأخذوا منك أي مهر قط ، فهذا أمر لا يجوز ؛ لأن الزواج بدون مهر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال الله تعالى (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) .
فيجب عليك أن تبذل لها مهراً وإن قل ، وللاستزادة يرجى مراجعة جواب السؤال رقم (112153) .