بتـــــاريخ : 10/6/2009 5:59:22 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 646 0


    السيرة النبوية الشريفة كما وردت في الكتاب المقدس

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : زهدي جمال الدين محمد | المصدر : www.55a.net

    كلمات مفتاحية  :

    السيرة النبوية الشريفة كما وردت في الكتاب المقدس
     
     
     
     
    إعداد زهدي جمال الدين محمد
     
    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي أخر رسل الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم أما بعد
     
     
    هذا الموضوع أساسه كانت دراسة موجهة للقس عـبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العـذراء الأثرية بمسطرد بالقاهرة، حيث تراه يحرف النص عن موضعه وذلك في كتابه ( هل تنبّأ الكتاب المقدّس عن نبيّ آخر يأتي بعد المسيح؟)، الطبعة الأولي7/1/2004م.
     
     
    وفيها نتناول الموضوعات التالية من الكتاب المقدس بدون تأويل للنصوص:-
     
     
    ـ المولد الشريف للنبي محمد والنشأة الطاهرة..
     
     
    ـ ثم نراه مع جبريل عليه السلام في الغار..
     
     
    ـ ثم الهجرة النبوية الشريفة..
     
     
    ـ ثم حديث عن غزوة بدر..
     
     
    ـ بالإضافة إلى صفة الصحابة
     
     
    ـ وأخيراً نتناول الحديث عن فتح مكة وكمال الدين وتمام النعمة.......
     
     
    فبرغم التحريف الكثير الذي طرأ علي التوراة والإنجيل والأسفار في معظم الموضوعات إلا أن صفات النبي محمد صلي الله عليه وسلم مازال موجود منها ما يقيم الحجة علي أهل الكتاب أمام الله سبحانه وأمام المسلمين من كتابهم المقدس و لم تصله يد التحريف بعد , ولكن بالطبع ما تم تحريفه من هذه الصفات لهو الكثير والآن سنعرض كل هذا بالأدلة والمستندات والخرائط الجغرافية المؤيدة لذلك ولسوف تكتشف بنفسك كيف أن جناب القس المذكور كمعظم سلفه قد حرف الكلم عن مواضعه.
     
     
    ولسوف نعرض للأحداث بتسلسلها
     
     
    وليعلم القارئ الكريم أنني قد بعثت بهذه الدراسة إلي هذا القس ومازلت في انتظار رده عليها، وإنا لمنتظرون. ولقد صدق الله العلي العظيم إذ يقول له ولأمثاله، في سورة طه 133:
     
     
    ( وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى{133}.(4)
     
    وأجاب سبحانه بقوله تعالى تكملة الآية الكريمة:
     
     
    ويقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة 15ـ 16 ) (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ{15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ){16}
     
    وليس من بينة ابلغ من البشارة المذكورة في الصحف الأولى. لأنها دائمة وبريئة من تهمة التزوير، خصوصاً إذا لم يمكن انطباقها على غير واحد، وان البشارات الدالة على أحقية رسالة محمد كثيرة.
     
     
    فلقد أرسل الله سبحانه و تعالى نبينا محمّدا ليخرج الناس من غياهب الظلمات..إلى النور, وأكرمه سبحانه وتعالى بالآيات البينات والمعجزات الباهرات..
     
     
    وكان الكتاب المبارك (القرآن الكريم) أعظمها قدراً، وأعلاها مكانة وفضلاً.
     
     
    هذا والله ولي التوفيق
     
     
    أولاً: المولد الشريف
     
    وُلِدَ النبي صلى الله عليه وسلم بوادي بكة، فهل في الكتاب المقدس ما يشير إلى ذلك؟.
     
     
    كما تحدثت المزامير عن مدينة المولد النبوي الشريف وقد سماها باسمها (بكة):
     
     
    فجاء فيها:[ 4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ. سِلاَهْ. 5طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. 6عَابِرِينَ فِي وادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً. أَيْضاً بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. 7يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. ]
     
    والمدقق في المقطع التالي من النبوءة: [6عَابِرِينَ فِي وادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً.].
     
    يجد أن النص في الترجمة الإنجليزية هكذا:
     
     
    "through the valley of Ba'ca make it a well"
     
    فذكر أن اسمها بكة، والبداية بحرف كابيتل علم (حرف B ) وترجمته إلى وادي البكاء صورة من صور التحريف لأن الاسم العلم لا يترجم كما يعرف ذلك الجميع حتى المبتدئين في تعلم اللغة الإنجليزية.
     
     
    وقد سماها النص العبري أيضاً بكة، فقال: [בְּעֵמֶקהַבָּכָא]، وتقرأ : (بعيمق هبكا)، أي وادي بكة، وهذا النص بالذات أحرج الكنيسة العربية فغيرته وبدلت كلمة وادِي الْبُكَاءِ إلى كلمة (7يعبُرونَ في وادي الجفافِ) وهكذا من تحريف إلي تحريف حتى أصبحت هذه الفقرة كألعوبة بأيديهم حتى يضلوا النصارى العرب لأنهم سيصل إلي أسماعهم أن بكة هي مكة المكرمة لمعرفتهم اللغة العربية واحتكاكهم بالمسلمين العرب أما نصارى بلاد الإنجليز ومتحدثي العبرية فلن ينتبهوا لذلك وضلالهم مضمون لعدم معرفتهم اللغة العربية وقلما يحتكوا بمترجمين عرب , ولعل هذه الفقرة نموذج قوي لطريقتهم في تحريف الكلم وتبديله لإبعاد صفات نبي الإسلام عن أتباعهم, فويلاً لهم مما كتبت أيديهم وويلاً لهم مما يفترون ً, وجهنم مصيرهم وبئس المصير ورغم ذلك مازال يوجد بالكتاب المقدس الكثير من صفات النبي الخاتم التي سنعرضها لاحقاً.
     
     
    وهذا الاسم العظيم (بكة) هو اسم بلد محمد صلى الله عليه وسلم الاسم الذي استخدمه القرآن للبلد الحرام آل عمران: 96
     
     
    إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96 ).
    الحرم المكي يظهر كوادي بين الجبال ببكة المكرمة
     
    وقصة مكة المكرمة والبشري بأمة الإسلام من نسل إسماعيل عليه السلام جد رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم مذكورة أيضاً في التوراة
     
     
    سمع الله صوت الغلام ,ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها
     
     
    ما لك يا هاجر,لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به,لأني سأجعله امة عظيمة. 19 وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء.فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام 20 وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس.21 التوراة سفر التكوين الإصحاح 21
     
    بئر زمزم يتفجر ينبوعاً جارياً لايجف منذ ألاف السنيين من بركة الله سبحانه لإسماعيل وهاجر والملائة
     
    ثانيا: مع جبريل عليه السلام في الغار
     
    ويتوعد النبي إشعيا بني إسرائيل الذين يحرفون كتاب الله ولا يلتزمون شريعته، إن اعتكاف الرسول في الغار والطريقة التي أُنْزِلَ إليه بها القران, وكون الرسول أميا لا يعرف الكتابة ولا القراءة، إنما هي انجاز في سفر إشعياء (29 : 12) هذا نصها:
     
     
    [12أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ: « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ» أي" مَا أَنَا بِقَارِئٍ ".]
     
    ومن لا يعرف الكتابة فهو لا يعرف القراءة،و أليس هذا هو عين ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في البدايات الأولى للوحي حينما نزل عليه جبريل عليه السلام وهو يتحنث في غار حراء فقال له: «اقْرَأْ هَذَا».
     
     
    ومن ألزم ما يجب أن تعرفه هو انه لم يكن هنالك نسخة عربية من الكتاب المقدس في القرن السادس الميلادي, أي حينما كان محمد صلى الله عليه وسلم حيا، فضلا على ذلك فانه أمي.
     
     
    يقول القران الكريم عنه في سورة الأعراف/157: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
     
    النص في جميع الترجمات العالمية: بمعنى : "لا أعرف القراءة" فيما سوى الترجمة العربية، ولا يخفى أنه أريد من تحريف الترجمة العربية، وتحويل العبارة من (لا أعرف القراءة) إلى (لا أعرف الكتابة) نوع من التحريف أريد منه صرف القارئ العربي عن تحقق القصة بألفاظها في غار حراء.
     
     
    وفي النص العبراني: (וְנִתַּןהַסֵּפֶר, עַלאֲשֶׁרלֹא-יָדַעסֵפֶרלֵאמֹר--קְרָאנָא-זֶה; וְאָמַר, לֹאיָדַעְתִּיסֵפֶר)، ولفظة: (קְרָא) العبرانية والتي تلفظ (كرا) تعني القراءة، لا الكتابة.
     
     
    وقوله: ( 12أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ: «اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ:
     
     
    « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ».)، يسجل اللحظة العظيمة التي يبدأ نزول الوحي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم.
     
     
    ففي صحيح البخاري عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها قالت:
     
     
    [ حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏عَنْ ‏‏عُقَيْلٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِهَابٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ‏ ‏عَنْ‏ ‏عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ‏ ‏أَنَّهَا قَالَتْ ‏:‏أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّه ُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْم ِفَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ ‏ ‏فَلَقِ ‏ ‏الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو ‏ ‏بِغَارِ حِرَاءٍ ‏ ‏فَيَتَحَنَّثُ‏ ‏فِيهِ ‏ ‏وَهُوَ التَّعَبُّدُ ‏ ‏اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ‏ ‏قَبْلَ أَنْ‏ ‏يَنْزِعَ ‏ ‏إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى ‏خَدِيجَةَ ‏ ‏فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِيغَارِ حِرَاءٍ ‏ ‏فَجَاءَهُ ‏ ‏الْمَلَكُ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ (קְרָא) قَالَ فَأَخَذَنِي ‏ ‏فَغَطَّنِي ‏ ‏حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي ‏ ‏فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي ‏‏فَغَطَّنِي ‏ ‏الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي‏ ‏فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي ‏ ‏فَغَطَّنِي ‏‏الثَّالِثَةَ ثُمَّ ‏ ‏أَرْسَلَنِي ‏ ‏فَقَالَ :‏
     
    pاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5).العلق:1-3.
    غار حراء وبداية الوحي بإقرأ في أعلي الجبل
     
    ثالثاً: الهجرة النبوية الشريفة
     
    جاء في سفر إشعياء: اَلإصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ:
     
    [13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».].
     
    إن دوافع دراساتنا لهذا النص نبوءة أشعياء 21/13-17 :[13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ] والذي يعد من أقوى النصوص التي استدل بها علماء ودعاة الإسلام عند محاججتهم أهل الكتاب، للتسليم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تقدم ذكره ووصفه في أسفار أهل الكتاب وأنهم، وكما أخبر القرآن يعرفون رسول الله وصفته وما وقع له من أمور وأحداث، كما يعرفون أبناءهم قال الله تعالى في محكم كتابه في سورة البقرة/146:
     
     
    الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)
     
    ونبوءة أشعياء ـ الذي يصفونه بأنه من أعظم أنبياء اليهود ـ تتكلم عن العرب و تصف حادثاً جللاً يحدث في بلاد العرب.
     
     
    لذلك سنبدأ بتعريف النبوءة عند علماء النصارى:
     
     
    تعرف دائرة المعارف الكتابية النبوءة الصريحة بإجماع اتفاق اليهود والنصارى
     
     
    "النبوة الحقيقية ـ حسب المفهوم الكتابي ـ لابد أن تتم، فهذا الإتمام هو الدليل القاطع على أصالة النبؤة،ـ التثنية 18 : 20 ـ
     
     
    22[20وَأَمَّا النَّبِيُّ الَّذِي يُطْغِي، فَيَتَكَلَّمُ بِاسْمِي كَلاَمًا لَمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى، فَيَمُوتُ ذلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الْكَلاَمَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ.].
     
    ـ فإن لم تتحقق النبوة، فإنها تسقط إلى الأرض، وتصبح مجرد كلمات خاوية من كل معنى، ولا قيمة لها، ويكون قائلها كاذباً غير أهل للثقة.
     
     
    ففي الكلمة التي ينطق بها النبي تكمن قوة إلهية، وفي اللحظة التي ينطق بها، تصبح أمراً واقعاً، وإن كان الناس لم يروها بعد..
     
     
    ويمكن للمعاصرين الحكم على صحة النبوة بالمعنى الوارد في سفــر التثنية
     
     
    ( 18: 22 ) [ 22فَمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحْدُثْ وَلَمْ يَصِرْ، فَهُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ الرَّبُّ، بَلْ بِطُغْيَانٍ تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ، فَلاَ تَخَفْ مِنْهُ.].
     
    عندما يحدث الإتمام بعد وقت قصير، وتكون النبؤة ـ في تلك الحالة ـ " علامة " واضحة عن صدق النبي ـ ارجع ً إلى إرميا 28 : 16[15فَقَالَ إِرْمِيَا النَّبِيُّ لِحَنَنِيَّا النَّبِيِّ: «اسْمَعْ يَا حَنَنِيَّا. إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يُرْسِلْكَ، وَأَنْتَ قَدْ جَعَلْتَ هذَا الشَّعْبَ يَتَّكِلُ عَلَى الْكَذِبِ. 16لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هاأنذا طَارِدُكَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. هذِهِ السَّنَةَ تَمُوتُ، لأَنَّكَ تَكَلَّمْتَ بِعِصْيَانٍ عَلَى الرَّبِّ». 17فَمَاتَ حَنَنِيَّا النَّبِيُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ.].
     
    ـ أما في الحالات الأخرى فإن الأجيال المتأخرة هي التي تقدر أن تحكم على إتمام النبوءات.
     
     
    ولنتعرف بدءاً بنص النبوءة في عدد من الترجمات للكتاب المقدس (أسفار اليهود والنصارى) حتى يتسنى لنا قراءته والتعرف على ما جاء فيه:
     
     
    نص النبوءة من سفر أشعيا الإصحاح21 الفقرات 13-17 بالعهد القديم من الكتاب المقدس.ـ Holy Bible: (Old Testament), Book of Isaiah, chapter 2 ,verse 13-17 ـ
     
     
    1- ترجمة الفاندايك (الذائعة الصيت):
     
     
    نبوءة عن بلاد العرب
     
     
    13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: ( فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ).
     
    2- ترجمة الكاثوليك (دار المشرق)
     
     
    13 قَولٌ على العَرَبة: في الغابَةِ في العَرَبةِ تَبيتون يا قَوافِلَ الدَّدانِيِّين. 14 هاتوا الماءَ لِلِقاءَ العَطْشان يا سُكَّانَ أَرضِ تَيماء. استَقبِلوا الهارِبَ بِالخُبْز 15 فإِنَّهم قد هَرَبوا مِن أَمامِ السُّيوف
     
    مِن أَمامِ السَّيفِ المَسْلول والقَوسِ المَشْدودةِ وشِدَّةِ القِتال. 16 لِأَنَّه هكذا قالَ لِيَ السَّيِّد: ( بَعدَ سَنَةٍ كسِني الأَجير، يَفْنى كُلُّ مَجدِ قيدار، 17 وباقي عَدَدِ أَصْحابِ القِسِيِّ مِن أَبْطالِ بَني قيدار يُصبِحُ شَيئاً قَليلاً، لِأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرائيلَ قد تَكَلَّم).
     
    3- الترجمة العربية المشتركة:
     
    13وحي على العربِ: بيتُوا في صَحراءِ العربِ، يا قوافِلَ الدَّدانيِّينَ! 14هاتوا ماءً لِلعَطشانِ يا سُكَّانَ تيماءَ! استقبلوا الهارِبَ الجائِعَ بالخبزِ. 15هُم هارِبونَ مِنْ أمامِ السُّيوفِ، مِنْ أمامِ السَّيفِ المَسلولِ والقَوسِ المَشدودةِ ووَيلاتِ الحربِ. 16وهذا ما قالَهُ ليَ الرّبُّ: ( بعدَ سنَةٍ بلا زيادةٍ ولا نُقصانٍ يَفنى كُلُّ مَجدِ قيدارَ 17ولا يَبقى مِنْ أصحابِ القِسيِّ، مِنْ جبابِرةِ بَني قيدارَ، غيرُ القليلِ. أنا الرّبُّ إلهُ بَني إِسرائيلَ تكلَّمتُ).
     
    هذا النص هو نبوءة وشروط النبوءة الدينية الصادقة أن تتسم بالتالي:
     
     
    1ـ أن تصف جملة من الأحداث أو حدثاً ما، فيتحقق في الزمان،فتصبح جزءاً من الموروث التاريخي لأمة ما، ومن ثم يتعزز إيمانها بنص النبوءة ورسالتها، وهو ما نسميه بالإشارات ذات الدلالة التاريخية، فالحقيقة التاريخية لابد وأن تكون معلومة للجميع، وأن تشهد بوقوع الحدث المتنبأ به حتى تكون النبوءة صادقة فنتثبت منها ونقول إنها تحققت فعلاً.
     
     
    2ـ ترتبط النبوءة غالباً بما يحدث مستقبلاً لأشخاص قد لا تصرح النبوءة بأسمائهم بالضرورة ولكنها تشير إلى الأدوار التي يتحتم عليهم أن يقوموا بها فتصفهم بها.
     
     
    3ـ قد ترتبط النبوءة بمجموعات بشرية وليس بأفراد تسميهم النبوءة وقد تحدد أدوارهم في الحدث المتنبأ به وعلاقتهم به.
     
     
    4ـ قد تشير النبوءة إلى مكان ما على الخارطة الجغرافية. فتتحقق فيه جملة من الأمور أو الأحداث كما أخبرت النبوءة، أو إلى عدد من الأماكن في منطقة جغرافية واحدة، وقد تحدد العلاقة بين هذه الأماكن من جهة وصلتها بالحدث المتنبأ عنه من جهة أخرى. أو صلتها بالأشخاص أو الشخص المشار إليه في النبوءة.
     
     
    أهداف الدراسة
     
    1ـ تحليل الإشارات الجغرافية الواردة في نص نبوءة أشعياء 21/13- 17 للمحاججة العلمية المرتكزة على المكان الجغرافي وتاريخه وحقائقه.
     
     
    2ـ الكشف عن المعطيات الزمنية التي حددتها نبوءة أشعياء و قَدَّرَتْها بسنة كاملة تلي حدثاً آخر بعده (الهجرة). له أثره في تغير مجرى التاريخ الإسلامي.
     
     
    3ـ تحليل الإشارات الواردة ودلالاتها بتحليل منطقي مترابط ومتسلسل ومتكامل بأوجهه الدينية والتاريخية والجغرافية.
     
     
    تساؤلات الدراسة
     
     
    تَطرح الدراسة عدداً من التساؤلات بإلحاح على عقل المنصف والباحث هي:
     
     
    من هو العطشان ومن هو الهارب في رحلة الهروب من الوعر من بلاد العرب؟.
     
     
    أين هو المكان الجغرافي المقصود في رحلة الهروب وما خصائصه ؟.
     
     
    ما هي الأحداث الزمنية والمكانية الهامة التي حدثت بعد رحلة الفرار (الهجرة) حتى يتنبأ بها قبل بعثة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ؟.
     
     
    وهل من الممكن أن يصف الكتاب المقدس ( أسفار اليهود والنصارى ) معركة حدثت بعد الهجرة بسنة بين قبيلة عربية اشتهرت بالسيادة والبطش وشدة الحرب والرماية، ومجموعة من المؤمنين تنتهي بهزيمة القبيلة هزيمة نكراء قاسية لجبابرتها و صناديدها وأبطالها؟.
     
     
    و ماهو موقف أهل الكتاب يهوداً ونصارى من هذا النص؟.
     
     
    منهجية الدراسة
     
    ارتكزت منهجية دراسة النص وتحليله من وجهة النظر الإسلامية وفق قواعد أهل الكتاب لدراسة نصوص أسفارهم. ووفق القواعد العامة المنطقية المتعارف عليها لفهم النص الديني ودلالاته من خلال ما يلي :
     
     
    الاعتماد على مصادر أهل الكتاب المعتمدة لدى مختلف طوائفهم من المعاجم، والقواميس، والموسوعات، والكتب التي تشرح أسفارهم (التفاسير).
     
     
    التحليل والنقد الموضوعي عند تفسير وشروحات أهل الكتاب للنص.
     
     
    التصدي لمحاولات المعارضين أو المعاندين من أهل الكتاب عند لجوءهم لتقديم تفسيرات بديلة يتلمسون بها صيغ التعبير المجازية والرمزية
     
     
    أدوات تفسير النصوص في أسفار الكتاب المقدس
     
     
    تبين دائرة المعارف الكتابية النصرانية أن هناك ثلاث أدوات لتفسير النصوص هي:
     
     
    1ـ تحديد المعنى في اللغة الأصلية لأي عبارة:
     
    وهذا يستلزم المعرفة باللغات العبرية والآرامية واليونانية، فإذا لم يتوفر ذلك للمفسر، فعليه أن يستعين بأفضل ترجمات الكتاب المقدس المتاحة له، كما أن عليه أن يعرف الهدف من كتابة السفر، والظروف التاريخية التي أدت إلى كتابته، ففي العهد القديم، ارتبط بنو إسرائيل ـ بسبب أو بآخرـ بالمصريين والأشوريين والبابليين والفرس وغيرهم من الشعوب والممالك. وفى العهد الجديد نشأت الكنيسة في بيئة يهودية ثم امتدت وانتشرت في العالم اليوناني الروماني.
     
     
    ولغات الكتاب المقدسة تعكس هذه الثقافات المختلفة، فيجب أن يكون المفسر على دراية ووعي باستخدام الكلمات في قرائنها المختلفة.
     
     
    2- تفسير الكلمات في أي آية أو فقرة بقرينتها المباشرة:
     
    فالقرينة هي الحكم النهائي في تحديد معنى الكلمة، لأن القاموس قد يعطيك جملة من المعاني،
     
     
    ولكن القرينة هي التي تساعد على تضييق مجال الاختيار وتحديد المعنى،كما يجب أن تؤخذ في الاعتبار قرينة الكتاب ككل، فمبدأ وحدة الكتاب يجب أن يصحح التفسيرات المنعزلة، ويحمى الأفكار المبتترة المبنية على معلومات محدودة.
     
     
    3ـ معرفة الأسلوب الأدبي المستخدم في موضوع الدراسة:
     
    هل يؤخذ بألفاظه؟ أو أنه يستخدم الصورة المجازية؟ هل هو سرد لأحداث، أم هو حوار أو مادة تعليمية الهدف منها توصيل فكرة معينة؟، مما يستلزم بعض المعرفة بالعوائد المألوفة في ثقافات مختلفة، وبالمصطلحات المستخدمة في التعبير عن مختلف الأفكار.
     
     
    تحليل النص ودلالاته في أسفار اليهود والنصارى:
     
    انتهجنا نهجاً تحليلياً بعيداً عن التفسير المجازي الذي يعتمد على الصورة المجازية أو الرمزية عند تحليل نص نبوءة أشعياء في تفسير الحدث الذي يحدث في زمان ومكان محدد. ويرتبط ببلاد العرب، وبالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
     
     
    وهو ما تؤكده دائرة المعارف الكتابية حين تقول عما تسميه بالحقيقة الحرفية أنها: " في رواية أحداث كما وقعت، وهذه يجب تفسيرها بمعناها البسيط الواضح".
     
     
    وهدفنا من ذلك توضيح نهجنا في التصدي لمحاولات المعارضين أو المعاندين من أهل الكتاب عند لجوئهم لتقديم تفسيرات بديلة يتلمسون بها صيغ التعبير المجازية والرمزية، وهو ما اعتاد عليه المنصرون عند الحوار معهم. فعند مواجهتهم نسمع رداً بأن كل هذه رموز.
     
     
    جاء في سفر إشعياء: اَلإصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ
     
     
    [13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».].تفيد هذه البشارة أن الله أوحى إلى أشعيا :" لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم " بأن وحياً سيأتي من جهة بلاد العرب : " وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ " وأن تلك الجهة من بلاد العرب هي الوعر أي الجبال ولك مراجعة الصورتين السابقتين للجبال المحيطة بمكة وجبل غار حراء وبداية الوحي
     
     
    ويأمر الوحي الذي تلقاه أشعيا أهل تيماء أن يقدموا الشراب والطعام لهارب يهرب من أمام السيوف. ومجيء الأمر بعد الإخبار عن الوحي الذي يكون من جهة بلاد العرب قرينة بأن الهارب هو صاحب ذلك الوحي الذي يأمر الله أهل تيماء بمناصرته :
     
     
    [14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ ]
    وكأن اليهود من قديم أعدوا لذلك أكبر بئر بالجزيرة العربية بتيماء واسمه هداج تيماء وبه أكثر من سبعين رافعة مياه يدوية بالدلو كما تظهر بالصورة أعلي البئر وذلك كإنه لاستقبال نبي أخر الزمان كما كانوا يستبشرون بذلك قبل البعثة النبوية علي الأوس والخزرج ولكنهم كفروا به لما علموا أنه من غير اليهود.
     
    وأرض تيماء منطقة من أعمال المدينة. فلا يفصلها عن المدينة المنورة إلا وادي القرى الطويل الذي يسكنه كذلك اليهود ولعل قصة سلمان الفارسي وتنقله إلي يهود تيماء للبحث عن النبي الخاتم كما دله الأحبار والرهبان ستكون غالباً من استدلالات النص الذي معنا الآن وما يدور معه من نصوص أخرى سنعرضها ويهود تيماء انتقل الكثير منهم إلى يثرب وكان ممن انتقل معهم كعبد هو سلمان الفارسي رضي الله عنه مما يدل علي الوحدة الدينية والثقافية والجغرافية بين تيماء ويثرب ووادي القرى الطويل الذي يجمعهم بالقرب من أماكنهم الأخرى بخيبر
     
     
    ويذكر المؤرخون الإخباريون العرب نقلا عن اليهود في الجزيرة العربية أن أول قدوم اليهود إلى الحجاز كان في زمن موسى عليه السلام عندما أرسلهم في حملة ضد العماليق في تيماء، وبعد قضائهم على العالميق وعودتهم إلى الشام بعد موت موسى منعوا من دخول الشام بحجة مخالفتهم لشريعة موسى لاستبقائهم إبناً لملك العماليق، فاضطروا للعودة إلى الحجاز والاستقرار في تيماء ثم انتقل كثير منهم إلى يثرب.
     
     
    فأهل يثرب من اليهود هم من أهل تيماء المخاطبين في النص.
     
     
    لابد أن تكون تلك التيماء إذاً ذات أمر عظيم !!.
     
    تظهر تيماء قريبة جداً من منطقة المدينة المنورة وخيبر مواطن اليهود قديماً كماتبين الخريطة
     
    وكان تاريخ مخاطبة إشعياء لأهل تيماء في هذا الإصحاح هو النصف الأخير من القرن الثامن قبل الميلاد، ويفيد الوحي إلى إشعيا أن الهارب هرب ومعه آخرون:
     
     
    [15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.].
     
    ثم يذكر الوحي الخراب الذي يحل بمجد قيدار بعد سنة من هذه الحادثة
     
     
    [ وفي هذا إشارة إلى غزوة بدر الكبرى والتي حدثت بعد عام ونصف من الهجرة النبوية الشريفة، كما سنعرض لها بعد قليل] مما يدل على أن الهروب كان منهم. وأن عقابهم كان بسبب تلك الحادثة :
     
     
    [16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ].
     
    وتنطبق هذه البشارة على محمد صلى الله عليه وسلم وهجرته تمام الانطباق، فقد نزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب، وفي الوعر من بلاد العرب، في مكة والمدينة.
     
     
    وهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة من أرض بني قيدار قريش الذين كانوا قد عينوا من كل بطن من بطونهم شاباً جلداً ليجتمعوا لقتل محمد صلى الله عليه وسلم ليلة هجرته. فجاء الشباب ومعهم أسلحتهم فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجراً هارباً. فتعقبته قريش بسيوفها وقسيها كما تذكر العبارة : [15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ.]
     
    ثم عاقب الله قريشاً أبناء قيدار بعد سنة ونيف من هجرته صلى الله عليه وسلم بما حدث في غزوة بدر من هزيمة نكراء أذهبت مجد قريش. وقتلت عدداً من أبطالهم :
     
     
    [16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ].
     
    وتؤكد العبارة أن هذا الإخبار وأن هذا التبشير بنزول الوحي في بلاد العرب. وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما يجري له من هجرة ونصر هو بوحي من الله :
     
     
    [لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».].
     
    إن ما حملته هذه البشارة من معانٍ لابد أن يكون قد وقع، لأنه يقع في عصرٍ آلة الحرب فيه السيف والنبل، وقد انتهى عصر الحرب بالسيف والنبل.
     
     
    • فهل نزل وحي في بلاد العرب غير القرآن ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
     
     
    • وهل هناك نبي هاجر من مكة إلى المدينة واستقبله أهل تيماء غير محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
     
     
    • وهل هناك هزيمة لقريش بعد عام من الهجرة إلا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ؟!.
     
     
    إن هذه البشارة تدل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وأنها إعلان إلهي عن مقدمه ينقلها أحد أنبياء بني إسرائيل أشعياء، وبقي هذا النص إلى يومنا هذا على الرغم من حرص كفرة أهل الكتاب على التحريف والتبديل.
     
     
    فما رأيك يا جناب القس؟؟.
     
     
    أتعرف أن الدكتور القس منيس عبد النور رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر التزم الصمت ولم يقوى على الإجابة حينما واجهته بهذا الأمر عند ردي على كتابه "شبهات وهمية حول الكتاب المقدس" في سنة 1981م، ومثله القس صموئيل حبيب مشرقي راعي الكنيسة الخمسينية بالقاهرة عند ردي على كتابه " الكتاب المقدس يتحدى مشاكل الاعتراضات "، وحينما بعثت إليك بدراستي حول البرقليط جاء ردك متأخراً كثيراً جداً،حتى أنني ظننت أنك قد انتقلت إلى الدار الآخرة.
     
     
    دلالات المكان ووصفه عند دراسة نص أشعياء و ما جاء فيه من أخبار وأحداث
     
     
    (أسفار اليهود والنصارى):
     
    نستقرئ من دلالات النص تسلسل للمراحل التالية:
     
     
    المرحلة الأولى تحديد مكان الوحي ووصفه
     
     
    حدد النص [13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ] بأن بدء الوحي في بلاد العرب في الوعر في غار حراء. والأحداث التاريخية تؤكد على أنه لم يكن هناك وحي من جهة بلاد العرب سوى الوحي وبدء رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقد وردت كلمة الوحي بدلالة اللفظ المستخدم لدى المسلمين العرب في القرآن كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)ُ سورة الشورى آية : 3
     
     
     
    ونستنتج من النص ما يلي:
     
    حددت هذه النبوءة من بلاد العرب مكان بدء الوحي على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بكل دقة لفظاً ومكاناَ.
     
     
    وصف طبيعة بلاد العرب الجبلية بالوعورة (في الوعر).
     
     
    والوعر هو الجبل (القاموس المحيط )، وإن أرض الحجاز وسلاسل جبالها هي الموصوفة بالوعر.
     
     
    ولفظ : [13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ] دليل دامغ لموقع الحدث وخصائصه الطبيعية.
     
     
    المرحلة الثانية تحديد منشأ حدث الهجرة ومقصدها
     
    ذكر النص حدث الهجرة النبوية وحدد مكانين اثنين حدثت فيهما رحلة الهجرة هما:
     
     
    1- منشأ خروج المهاجر (مكة المكرمة).
     
     
    2- وجهة (المقصد) وهي (المدينة المنورة) التي هاجر إليها.
     
     
    يترتب على تحديد الموقع الذي هاجر منه الرسول صلى الله عليه وسلم والذي هاجر إليه في رحلة الهجرة، تفسيراً وتحليلاً للحدث من المنظور التاريخي والجغرافي وربطه بالموقع المكاني المرتحل منه وإليه في رحلة الهجرة من مكان خروجه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة (يثرب) فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يهاجر إلا للمدينة فقط.
     
     
    ونستنتج من هذا النص التالي:
     
    ـ اعترافاً صريحاً بنبي هذه الأمة وخاتم الأنبياء الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
     
     
    ـ إقراراً بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والتنبؤ بها.
     
     
    ـ تحديداً للجهة التي هاجر منها وإليها.
     
     
    ـ وصف أسباب الهجرة كما في النص: [15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ].
     
    ونحن نعرف الأحداث التي سبقت الهجرة. ومحاولة قتل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وكل ذلك هربا من بطش قريش، عندما تسلحوا بسيوفهم وأقواسهم،وحاصروا بيته لقتله في الفراش، ونوم علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بدلاً منه، وقصة الهروب إلى غار حراء مع أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
     
     
    ـ اعترافاً بالظلم الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم المرسل في مكة من قومه.
     
     
    ـ وصفه أحوال المهاجر صلى الله عليه وسلم من اضطهاد قريش له في مكة المكرمة في النص (لأَنَّهُمْ قَدْ فَرُّوا مِنَ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَالْقَوْسِ الْمُتَوَتِّرِ، وَمِنْ وَطِيسِ الْمَعْرَكَةِ) أشعياء 21/ 15.
     
    المرحلة الثالثة مطالبة سكان تيماء بنصرة المهاجر
     
     
    في هذه المرحلة يطلب أشعياء من سكان منطقة "تيماء" مناصرة المهاجر الهارب والعطشان، وإتباع هذا الدين الحنيف الذي يدعو إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأثرها في تغير مجريات الأحداث والتاريخ في العالم.
     
     
    وإن هذا النص بين لنا أن النداء كان لسكان ومنطقة المكان المهاجر إليه في (يثرب) وتيماء وهي أماكن تشكل نسيجاً واحداً متكاملاً من حيث السكان والظروف والوظيفة التجارية كمعبر للقوافل، وهي متقاربة بمفهوم المسافة الطبيعية.
     
     
    فالنص يخاطب الدداينين من أهل تيماء، ويطلب منهم حماية الهارب إلى بلادهم الوعرة، ويبشرهم بفناء مجد أبناء قيدار بن إسماعيل بعد سنة من الهروب (الهجرة).
     
     
    والددانيون كما يشير معجم الكتاب المقدس هم سكان تيماء في شمال الحجاز، وما تتميز به سلسة الجبال من وعورة في التضاريس.
     
     
    فنستدل من ذلك، على أنه خطاب موجه لسكان منطقة المدينة المنورة (يثرب) وما حولها، بأن عليهم عمل التالي:
     
     
    أن يأتوا لملاقاة العطشان الهارب من الظلم، وأن يطعموه، وأن ينصروا المهاجرين المظلومين، ونحن نعرف كم خرج أهل يثرب فرحين منتظرين قدومه وهم ينشدون (طلع البدر علينا)، وملاقاتهم للرسول صلى الله عليه وسلم الذي عرفوا دعوته في مكة ومبايعتهم له ودعوتهم له،ثم ما تلا ذلك من أحداث في مناصرتهم وإطعامهم وإسقاهم ومقاسمتهم أموالهم وأرزاقهم (ولذلك سموا بالأنصار).
     
     
    وقد كان الرجل يورث أخاه المهاجر وغير ذلك من أحداث ليست من موضوع الدارسة.
     
     
    طالب أشعياء سكان تيماء من اليهود، بمناصرة المهاجر لمعرفته وإيمانه بالرسالة،وأهميتها، ودورها المستقبلي على المنطقة المهاجر إليها.
     
     
    ومنطقة تيماء يقطنها جماعات من اليهود، وعلى ذلك فخطابه لهم من واقع عظمة الحدث المشهود.
     
    صورة أخري لأكبر بئر بالجزيرة العربية وهو بئر هداج تيماء وتظهر بالصورة ضخامة وكبر البئر
     
    وهكذا فلقد تنبأ أشعياء بالدعوة،وبالفتح الإسلامي الذي سيتجاوز مكان الهجرة (يثرب) إلى تيماء وحدود جزيرة العرب إلى أنحاء المعمورة ,وإن من أسباب رفض اليهود للتسليم بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ على الرغم من أمر الله سبحانه وتعالى لهم بإتباع محمد صلى الله عليه وسلم والله عز وجل يقول في سورة الأعراف آية : 158 : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158). ـ هو أن رغبتهم كانت في أن يكون خروج النبي القادم من بينهم، بل ولابد وأن يكون من اليهود أنفسهم، وعلى ذلك فكافة الحروب والنزاعات التي وقعت فيما بين المسلمين واليهود في ذلك العهد كانت بسبب المعتقدات والعادات القبلية والاجتماعية السائدة في ذلك المكان الذي يحتم على الفرد الولاء لقبيلته والمحافظة على ما توارثه من معتقدات، وإن الخروج عليهم بمعتقد ودين كالإسلام ونبي هو محمد الذين يعرفون قدومه وينكرونه هو بمثابة التهديد للسيادة والأعراف، ومن ثم تلاحقت الأحداث بمعاداة الإسلام ومحاولات تدبير المكائد والصراعات. وما نجم عنها من إجلاءهم من مناطق وجودهم فيها.
     
     
    ونحن عندما نستقرئ أحداث ما بعد الهجرة، نتبين كيف كانت العلاقة بين اليهود والمسلمين في المدينة المنورة وما تضمنته من صراعات وحروب ومكائد من اليهود حتى طردوا منها.
     
     
    وفي ذلك دلالة كما تؤكد الأحداث والعهود والمواثيق احترام المسلمين لليهود في صدر الإسلام والتعامل معهم بعد أن أتاح لهم الحياة في المجتمع مع المسلمين.
     
     
     
     
    أحد قصور تيماء القديمة التي بناها اليهود ويوجد أيضا معبد الحمراء وبه ثلاث مذابح
     
    رابعاً:غزوة بدر الكبرى في نص أشعياء
     
    نستدل من بشارة أشعياء 21/13-17 بحدوث معركة بدر الكبرى، من قول أشعياء بعد ذكر حدث الهجرة:
     
     
    [16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ:«فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ]. وقيدار كما يشير الباحثين إلى أنه أحد أولاد إسماعيل عليه السلام. كما جاء في سفر التكوين 25/13 [13وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ ]، وأن أبناءه هم أهل مكة.
     
     
    فنستنتج من النص التالي :
     
     
    ـ أشار النص لمعركة بدر الكبرى التي تحدث بعد سنة من الهجرة.
     
     
    ـ حدد النص وقت وقوع معركة بدر الكبرى. بعد سنة من هجرة [العطشان.. والهارب].
     
    ـ تنبأ النص بنتيجة معركة بدر الكبرى بين الرسول صلى الله عليه وسلم وصناديد قريش وهزيمتهم بفناء مجد قيدار [فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ] وقد قُتل سبعون من قادة و صناديد قريش يوم بدر وهو دليل على انتصار هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على قومه [لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».]،ولأن رسالة هذا النبي من عند الله، وتنتشر دعوة هذا النبي وينتصر لأن هذا أمر الله.
     
     
    ـ وصف الأسلحة التي كانت، وهي القسي والسيوف، و ذلك من خلال الإشارة إلى هروبهم من السيف المسلول وأن قسي أبطال قيدار ستقل بعد المعركة الفاصلة بين الحق والباطل. [17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ]... [يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ].
    مجسم في نفس مكان معركة بدر مكتوب عليه أسماء شهداء المعركة
     
    ـ لقد حدثت معركة بدر الكبرى وقد نصر الله سبحانه وتعالى فيها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد مرور سنة أي في السنة الثانية من الهجرة والتي استخدم حدثها تقويماً يؤرخ لما بعدها. وكانت بداية فناء أمجاد قيدار واعتناقهم للإسلام فيما بعد.
     
     
    إذاً نستخلص من قراءة النص وتحليله ما يلي:
     
     
    ـ أن المتكلم في النبوءة هو الرب في نص أشعياء، وهو الآمر أهل تيماء بمناصرة العطشان والهارب، مما يدل على أن كلا الشخصين من الأبرار والأخيار وأهل الحق والإيمان، قال الله تعالى في سورة الأنعام آية 20: الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20).
     
    هناك وعيد لقيدار بالهزيمة مجدداً فيها وقت المعركة بعد سنة من حدث هجرة المسلمين. وعدد أبطال قيدار يقل بالقتل وتنكسر شوكتهم بالهزيمة مما يعني أنهم من الأشرار وأهل الضلال والكفر ولذا استوجبوا العقوبة.
     
     
    إن أي باحث محايد إن أراد أن يلخص القراءة المذكورة أعلاه لظاهر النص لسوف يجد نفسه أمام هذين الحدثين:
     
     
    (الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة المنورة) و(غزوة بدر الكبرى).
     
     
    ـ وإن نحن استندنا على الحدث التاريخي والموروث الديني الإسلامي لوجدنا المسرح الجغرافي وهو مكان الحدث يعضده، فشبه جزيرة العرب مذكورة وموصوفة في النص صراحة لا تلميحاُ.
     
     
    ـ وقد حدد النص بلاد العرب، والجزء الوعر منها الذي يتصف بطبيعته التضاريسية الجبلية(جبال الحجاز).
     
     
    ـ وطالب قوافل الددانيين فيها بترقب قدوم العطشان مع الهارب، و ومناصرتهما ومساعدتهما ضد أهل قيدار الأشداء الذين كانوا يطلبونهما. والذين ُعرف عنهم أنهم أهل شدة في الحرب ويستخدمون القوس.
     
     
    ـ قوام الجيش المكي: نحو ألف وثلاثمائة مقاتل في بداية سيره، وكان معه مائة فرس وستمائة درع، وجمال كثيرة لا يعرف عددها بالضبط، وكان قائده العام أبا جهل بن هشام، وكان القائمون بتموينه تسعة رجال من أشراف قريش، فكانوا ينحرون يوماً تسعاً ويوماً عشراً من الإبل..
     
     
    ـ وبين لنا النص أن قيدار تتصدى لحربهم بعد سنة من فرار وهجرة الهارب والعطشان فتكون النتيجة خسارة مجد قيدار، وإن من علامات ذلك مقتل وأسر عدد من أبطالها وصناديدها في تلك المعركة.
     
     
    ـ قال ابن إسحاق: ومن الأسرى من المشركين من قريش يوم بدر: من بني هاشم بن عبد مناف عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ; ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم. ومن بني المطلب بن عبد مناف: السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب، ونعمان بن عمرو بن علقمة بن المطلب , أما من قتل منالمشركين يوم بدر من قريش من بني عبد شمس بن عبد مناف : حنظلة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس. قتله زيد بن حارثة. مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ابن هشام ويقال اشترك فيه حمزة وعلي وزيد فيما قال ابن هشام. قال ابن إسحاق : والحارث بن الحضرمي وعامر بن الحضرمي حليفان لهم قتل عامرا : عمار بن ياسر. وقتل الحارث النعمان بن عصر. حليف للأوس فيما قال ابن هشام. وعمير بن أبي عمير. وابنه موليان لهم. قتل عمير بن أبي عمير : سالم مولى أبي حذيفة ; فيما قال ابن هشام. قال ابن إسحاق : وعبيدة بن سعيد ( بن ) العاص بن أمية بن عبد شمس. قتله الزبير بن العوام. والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية قتله علي بن أبي طالب. وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس. قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح. أخو بني عمرو بن عوف صبرا.
     
     
    قال ابن هشام: ويقال قتله علي بن أبي طالب. قال ابن إسحاق : وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس. قتله عبيدة بن الحارث بن المطلب. قال ابن هشام : اشترك فيه هو وحمزة وعلي. قال ابن إسحاق : وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس. قتله حمزة بن عبد المطلب. والوليد بن عتبة بن ربيعة. قتله علي بن أبي طالب ; وعامر بن عبد الله حليف لهم من بني أنمار بن بغيض قتله علي بن أبي طالب. اثنا عشر رجلا. سيرة ابن هشام 2/362.
     
     
    ولكننا من خلال القراءة الفاحصة والناقدة للترجمات العربية المقارنة لنص أشعياء نلاحظ ونتساءل عن المفردات المستخدمة في النص:
     
     
    لماذا تم تغيير الترجمة الكاثوليكية العربية للاسم الجغرافي من بلاد العرب (شبه جزيرة العرب) في النص إلى العرَبَة (وادي العربة)؟!
     
     
    النص من سفر أشعياء 21/13ـ17: النسخة الكاثوليكية
     
    [ 13 قَولٌ على العَرَبة:في الغابَةِ في العَرَبةِ تَبيتون يا قَوافِلَ الدَّدانِيِّين. 14 هاتوا الماءَ لِلِقاءَ العَطْشان يا سُكَّانَ أَرضِ تَيماء.إِستَقبِلوا الهارِبَ بِالخُبْز15 فإِنَّهم قد هَرَبوا مِن أَمامِ السُّيوف
     
    مِن أَمامِ السَّيفِ المَسْلول والقَوسِ المَشْدودةِ وشِدَّةِ القِتال. 16 لِأَنَّه هكذا قالَ لِيَ السَّيِّد: ( بَعدَ سَنَةٍ كسِني الأَجير، يَفْنى كُلُّ مَجدِ قيدار، 17 وباقي عَدَدِ أَصْحابِ القِسِيِّ مِن أَبْطالِ بَني قيدار يُصبِحُ شَيئاً قَليلاً، لِأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرائيلَ قد تَكَلَّم).].
     
    وهل هناك تميز في أسفار النصارى بين مدلول لفظ (بلاد العرب) و (العَرَبة) أم أن كليهما مرادف للآخر؟.
     
     
    ومن دائرة المعارف الكتابية تحت مدخل "عربة": كلمة سامية تعني القفر أو البادية أو البرية أو السهل، وقد تُرجم هكذا في مواضع كثيرة في الكتاب المقدس.
     
     
    وكانت كلمة أعرابي تعني لليهود سكان القفار المتنقلين أكثر مما تعني سكان المراعي الذين يتحضّرون ويستقرون وخاصة المتنقلين منهم قرب الهلال الخصيب كما في إشعيا 13: 20
     
     
    [ 20لاَ تُعْمَرُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ تُسْكَنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ، وَلاَ يُخَيِّمُ هُنَاكَ أَعْرَابِيٌّ، وَلاَ يُرْبِضُ هُنَاكَ رُعَاةٌ، 21بَلْ تَرْبُضُ هُنَاكَ وُحُوشُ الْقَفْرِ، وَيَمْلأُ الْبُومُ بُيُوتَهُمْ، وَتَسْكُنُ هُنَاكَ بَنَاتُ النَّعَامِ، وَتَرْقُصُ هُنَاكَ مَعْزُ الْوَحْشِ،].
     
    وفي 2 إخبار 21: 16 [16وَأَهَاجَ الرَّبُّ عَلَى يَهُورَامَ رُوحَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَالْعَرَبَ الَّذِينَ بِجَانِبِ الْكُوشِيِّينَ، ].
     
    وللتدليل والربط مع مواقع أخرى وردت في نصوص أخرى من أسفار اليهود والنصارى تشير إلى مكان هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم, ففي سفر أشعياء تسبيح للرب 42/10ـ17:
     
    [10غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا، 11لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا، الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ. 13الرَّبُّ كَالْجَبَّارِ يَخْرُجُ. كَرَجُلِ حُرُوبٍ يُنْهِضُ غَيْرَتَهُ. يَهْتِفُ وَيَصْرُخُ وَيَقْوَى عَلَى أَعْدَائِهِ.14«قَدْ صَمَتُّ مُنْذُ الدَّهْرِ. سَكَتُّ. تَجَلَّدْتُ. كَالْوَالِدَةِ أَصِيحُ. أَنْفُخُ وَأَنَخُرُ مَعًا. 15أَخْرِبُ الْجِبَالَ وَالآكَامَ وَأُجَفِّفُ كُلَّ عُشْبِهَا، وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَبَسًا وَأُنَشِّفُ الآجَامَ، 16وَأُسَيِّرُ الْعُمْيَ فِي طَرِيق لَمْ يَعْرِفُوهَا. فِي مَسَالِكَ لَمْ يَدْرُوهَا أُمَشِّيهِمْ. أَجْعَلُ الظُّلْمَةَ أَمَامَهُمْ نُورًا، وَالْمُعْوَجَّاتِ مُسْتَقِيمَةً. هذِهِ الأُمُورُ أَفْعَلُهَا وَلاَ أَتْرُكُهُمْ. 17قَدِ ارْتَدُّوا إِلَى الْوَرَاءِ. يَخْزَى خِزْيًا الْمُتَّكِلُونَ عَلَى الْمَنْحُوتَاتِ، الْقَائِلُونَ لِلْمَسْبُوكَاتِ: أَنْتُنَّ آلِهَتُنَا!.].
     
    وقيدار كما ورد في النص هو أحد أبناء إسماعيل كما جاء في سفر التكوين الإصحاح الخامس والعشرون العدد الثالث عشر وتشير لمكة المكرمة.
     
     
    [ 12وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. 13وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ، وَقِيدَارُ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16هؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ، وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيسًا حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ. 17وَهذِهِ سِنُو حَيَاةِ إِسْمَاعِيلَ: مِئَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً، وَأَسْلَمَ رُوحَهُ وَمَاتَ وَانْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ. 18وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ. أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ.].
     
    وسالع جبل سلع في المدينة المنورة.
     
     
    والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان ولا يزال يشق أجواء الفضاء كل يوم خمس مرات , وذلك التحميد والتكبير في الأعياد وفي أطراف النهار وآناء الليل كانت تهتف به الأفواه الطاهرة من أهل المدينة الطيبة الرابضة بجانب سلع.
     
     
    نتائج الدراسة:
    مسجد الخندق بالمدينة وخلفه جبل سلعه (سالع) الذي وقف عليه الأنصار لإستقبال النبي وهجرته إليهم
     
    إننا إن طبقنا شروط النبوءات الدينية لنتعرف على ما اجتمع منها في نص نبوءة أشعياء 21/13-17 فنستنتج ما يلي:
     
     
    1ـ رَسَم نص نبوءة أشعياء 21/13-17 وبدقة المسرح الجغرافي لحدثين هامين متعاقبين في المكان (بلاد العرب ـ وظروف الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة ومسارها).
     
     
    2ـ حَدَد نص نبوءة أشعياء 21/13-17 هوية المخاطبين (سكان تيماء) وأدوارهم كجماعة بشرية يسكنون في تلك المناطق المذكورة بالاسم.
     
     
    3ـ وَصَف نص نبوءة أشعياء 21/13-17 شخصين رئيسين في الحدث (الهجرة) وهما ( العطشان والهارب ) وهما مثني من المعاني يرمزان للمهاجران وما يحملانه من هدي هاجروا به إلي من ينصره وهما كما في الواقع الذي حدث وزكره القرآن الكريم : الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه , مثني الهجرة التي غيرت التاريخ.
     
     
    يقول الله عز وجل :إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) [ سورة التوبة آية : 40 ].
     
    4ـ ذكر النص أهمية حدث ( الهجرة) وتأثيره على التاريخ الذي أصبح يؤرخ به التاريخ الهجري ودوره في الدولة الإسلامية.
     
     
    5ـ ذكر النص أهمية الحدث الذي يحدث بعد الهجرة بعام هي(غزوة بدر الكبرى)
     
     
    وأهميتها في تغير مجرى الأحداث في المدينة المنورة والإسلام.
     
     
    خامساً:صفة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في التوراة
     
     
    قول داود في المزمور الثاني والسبعين:
     
     
    [1اَللهُمَّ أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ وَبِرَّكَ لاِبْنِ الْمَلِكِ. 2يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ. 3تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَماً لِلشَّعْبِ وَالآكَامُ بِالْبِرِّ. 4يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ. 5يَخْشُونَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 6يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ. 7يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. 8وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. 9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ. 10مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً 11وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ 12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ. 15وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. 16تَكُونُ حُفْنَةُ بُرٍّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. 17يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ. وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. ].
     
    وقال المهتدي الطبري:تأمل قوله " وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. "
     
    (ولا نعلم أحداً يصلى عليه في كل وقت غير محمد صلى الله عليه وسلم).
     
     
    وغني هذا النص عن زيادة تعليق أو شرح، فلم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو ملك قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما تحققت له، وبمقارنة سريعة بين الآيات التي سأوردها وهذا النص يتضح التماثل التام بينهما، قال تعالى في سورة التوبة 128:-
     
     
    لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)
     
    وهذا هو عين الموجود بالنبوءة:[كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ 12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ.].
     
    ولاحظ الدقة في النص عند قوله ( كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ ) قال (لَهُ) ولم يقل: ( به).
     
    قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)i.(الأعراف: 158 ).
     
    ولقد ذكرت السيدة خديجة بنت خويلد صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عودته من الغار ولقائه جبريل عليه السلام فقالت له كما رواه البخاري في كتاب الوحي:
     
     
    فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ « لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِى ». فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَداً.[ كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ ] إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ. وَتَحْمِلُ الْكَلَّ. وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ. وَتَقْرِى الضَّيْفَ. وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ[12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. ].
     
    وقوله تعالى في سورة الفتح/ 28:  هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (28)
     
    وفي قوله:
     
     
    [16تَكُونُ حُفْنَةُ بُرٍّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. ].
     
    هو هو عين الموجود في آخر سورة الفتح:
     
     
    مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)
     
    وقد تضمن المزمور الذي وردت فيه هذه البشارة بعض الألفاظ التي لا تزال مشرقة وشاهدة وهي قول داود:
     
     
    (7يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. 8وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. 9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ.). الأصحاح 72 المزامير بالكتاب المقدس
     
    ولنفاسه هذا اللفظ أحببت إيراده، وقد ضُبطت لفظة " الصِّدِّيقُ " بالشكل الذي نقلته من الكتاب المقدس، فهل بعد هذا الإيضاح يبقى إشكال لذي عقل؟ وقد ذكر صاحبه الصديق رضي الله عنه،أول الخلفاء الراشدين وذكر سنة من سنن دينه وهي كثرة السلام والإسلام بالطبع ويعلوا علي أهل البرية والمقصود بها أهل البوادي الذين حاولوا منع الزكاة في عهده وملكه يكون من البحر للبحر ومن النهر إلي أقاصي الأرض , وسبحان ربي العظيم هذا ماحدث بالضبط وإليكم الخريطة التي تبين ملك وحكم الصديق رضي الله عنه وما إستخلف من حكم رسول الله من البلاد.
     
    هذا ملك وفتوحات وحكم الصديق رضي الله عنه وما إستخلف من فتوحات رسول الله باللون الأصفر والبنفسجي, فمن البحر للبحر هو مابين البحر العربي والبحر الأحمر ومابين النهر إلي أقصي الأرض فهي بداية أرض العراق ونهر دجلة إلي حدود الجزرة العربية المقابلة وبهذا تتحقق بشارة الصديق رضي الله عنه كماهي بالكتاب المقدس إسماً وموضوعاً.
     
    سادسا:فتح مكة المكرمة
     
    ورد في سفر تثنية الآيات 1-3 من الإصحاح الـ33 والتي تشكّل المقدّمة، والتي تقرأ كما يلي:
     
     
    [ وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ 2فَقَال: جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. 3فَأَحَبَّ الشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ].
     
    فاران بالتأكيد هي مكة المكرمة سواء من تاريخ إسماعيل عليه السلام أوالقرأن الكريم بالطبع.
     
     
    قد أورد المهتدي الإسكندراني هذه البشارة باللغة العبرية كالتالي والتي تنطق هكذا:
     
     
    ( وآماد أذوناى مسيناى إشكلي ودبهور يقايه مسيعير اثحزى لانا استخى بغبورتيه تمل طوراد فاران وعميه مربواث قديسين ).
     
    والنص العبري هكذا:
     
    [אוְזֹאתהַבְּרָכָה, אֲשֶׁרבֵּרַךְמֹשֶׁהאִישׁהָאֱלֹהִים-אֶת-בְּנֵייִשְׂרָאֵל:לִפְנֵי, מוֹתוֹ. בוַיֹּאמַר, יְהוָהמִסִּינַיבָּאוְזָרַחמִשֵּׂעִירלָמוֹ—הוֹפִיעַמֵהַרפָּארָן, וְאָתָהמֵרִבְבֹתקֹדֶשׁ; מִימִינוֹ, אשדתאֵשׁדָּתלָמוֹ. גאַףחֹבֵבעַמִּים, כָּל-קְדֹשָׁיובְּיָדֶךָ; וְהֵםתֻּכּוּלְרַגְלֶךָ, יִשָּׂאמִדַּבְּרֹתֶיךָ.].
     
    أرجو ملاحظة كلمة ((מֵרִבְבתـمربواث ـקדֶשׁ ـ قديسين ) لواردة في النص السابق،إنها تعني عشرة آلاف قديس بالتحديد وذلك طبقاً للغة العبرية وطبقاً لما هو وارد في القاموس العبري بالإضافة إلي دقة النص المترجم إلى اللغة الإنجليزية وتحديداً نسخة الملك جيمس كما سنرى، والعجيب أن جناب القس عـبد المسيح بسيط أبو الخير قد حرف النص عن موضعه، حيث أنه قد أثبت الرسم وحرف النطق هكذا:
     
     
    من ( מֵרִבְבתקדֶשׁ مربواث قديسين ) إلى ( מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربيبوت قودش)

    فالنص العبري هو هو ولكن النطق غير سليم فمن مربواث قديسين إلى مربيبوت قودش.
     
     
    فما المقصود بربوات القدس ( מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربيبوت قودش )  طبقاً لتفسير القس المبجل؟.
     
     
    يقول بالحرف الواحد ما نصه:[ " قودش = قدس أو مقدس "، ومن ثمّ فترجمة النص العبري إلى العربية حرفيًا هو:
     
     
    " أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَجلّيَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ؛ وَأَتَى مِنْ رُبَي القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ مُشْتَعَلَة "].
     
    لاحظ أنه نطق كلمة קדֶשׁ قديسين هكذا: [ قودش ] لتصبح القدس بعد ذلك ويصبح النص بناء على كلامه كالآتي:
     
    يقول:
     
    [ قبل موت موسى النبي مباشرة أخذ يبارك أسباط إسرائيل الإثنى عشر ويذكّرهم بأعمال الله العظيمة التي عملها معهم طوال رحلة الخروج من مصر، ويعرّفهم بماهيّة الرب ( يهوه יְהוָה) مانح البركة ثم يقدم لهم في الإصحاح الـ 33 بركة فردية خاصة لكل سبط من أسباط إسرائيل الإثنى عشر، ويبدأ الإصحاح بقوله " وَهَذِهِ هِيَ البَرَكَةُ التِي بَارَكَ بِهَا مُوسَى رَجُلُ اللهِ بَنِي إِسْرَائِيل قَبْل مَوْتِهِ، فَقَال: " جَاءَ الرَّبُّ ( يهوه יְהוָה) مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ
     
    ( يهوه יְהוָה) لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ( يهوه יְהוָה) مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. "]. (تثنية33/1و2).
     
    تصحيح خطأ جناب القس:
     
    لو نظرنا إلى الترجمة الحرفية للنص نجدها كالتالي:
     
    بداية جاءت العبارة في اللغة العبرية ( מֵרִבְבתקדֶשׁ ـ مربواث قديسين ) .وليست كما قال جناب القس: (مربيبوت قودش ).
     
    مع ملاحظة أن كلمة [ מֵ ـ مي ]  تعني [مع] وليست [ من ]، وكلمة [רִבְבתـ ربواث ] تعني [عشرة آلاف] وليست [ربوات جمع ربوة]. كما يذكر نيافته، كما أن كلمة [ קדֶשׁ] تعني [ قديسين ]، وليست [القدس] كما يحاول التضليل، نسأل الله له ولنا الهداية.
     
    والمدقق في النص نجد أن جناب القس قد أغفل كلمة ( يهوهיְהוָה) من باقي النص كما هو متبع في شرحه حيث قال:
     
    [ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.] وبناءً على تفسيره يفترض أن يصبح النص هكذا:
     
    [وَأَتَى( يهوهיְהוָה) مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ ( يهوهיְהוָה) نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ. ] حيث أن الضمير في النص يعود على( يهوهיְהוָה)، ومع ذلك فهو لم يفعل. لماذا لأنه بعد ذلك أكد أن القادم مِنْ رُبَي القُدْسِ هو السيد المسيح، وإليك إعادة قوله مرة ثانية:
     
    [ ومن ثمّ فترجمة النص العبري إلى العربية حرفيًا هو " أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَجلّيَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ؛ وَأَتَى مِنْ رُبَى القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ مُشْتَعَلَة ].
     
    والذي نرتاح إليه ونركن، هو ما ذكره المهتدي سعيد الإسكندراني والمهتدي عبد الأحد داوود وليس كما ذكره جناب القس كاهن كنيسة السيدة العـذراء الأثرية بمسطرد بالقاهرة، ويصبح النص كالتالي:
     
    [ אוְזֹאתהַבְּרָכָה, אֲשֶׁרבֵּרַךְמֹשֶׁהאִישׁהָאֱלֹהִים-אֶת-בְּנֵייִשְׂרָאֵל:לִפְנֵי, מוֹתוֹ. בוַיֹּאמַר, יְהוָהמִסִּינַיבָּאוְזָרַחמִשֵּׂעִירלָמוֹ—הוֹפִיעַמֵהַרפָּארָן, וְאָתָהמֵרִבְבֹתקֹדֶשׁ; מִימִינוֹ, אשדתאֵשׁדָּתלָמוֹ ] .
     
    وإليك النص من ترجمة King James والتي أنقلها كالآتي:
     
    1 And this is the blessing, wherewith Moses the man of God blessed the children of Israel before his death.
     
    2 And he said, The LORD came from Sinai, and rose up from Seir unto them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right hand went a fiery law for them.
     
    والربوات μυριασι  في اللغة اليونانية وفي اللغة العبرية רִבְבת تعني عشرة آلاف، كما جاءت في معاجم اللغة العبرية مثل ( Dictionary Young’s Hebrew ) تعني:
     
    [ ten thousands, multitude, ] عشرة آلاف.
     
    أما النص المستشهد به من قبل جناب القس فلقد تم التحريف فيه هكذا:
     
    “2 And he said The Lord came from Sinai and dawned over them from Seir; He shone forth from Mount Paran. He came from myriads of holyones from his right hand went a fierly”
     
    ويقوم بالشرح والتعليق على النص بقوله:
     
    " مع ملاحظة أنّ عبارة [ holy ones] هي حرفيًا [holy one].
     
    ونقلت في بعض الترجمات الإنجليزية ومنها الترجمة الدولية الحديثة، " myriads " NIV
     
    في حين أن كلمة " myriad " كما جاء في " The Lexicon Webster Dictionary " والتي استشهد بها نيافته تعني عشرة آلاف وإليك التعريف كما هو وارد في القاموس :
     
    Indefinite, immense number; a multitude of things or people” “: ten thousand
     
    وما لنا نذهب بعيداً إليك النص التوراتي الشارح لها:
     
    جاء في سفر عزرا اَلإصْحَاحُ الثَّانِي عدد 64و65:
     
    [63وَقَالَ لَهُمُ التِّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ. 64كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعاً اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ 65فَضْلاً عَنْ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ فَهَؤُلاَءِ كَانُوا سَبْعَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ وَلَهُمْ مِنَ الْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ مِئَتَانِ.].
     
    وجاء في سفر نحميا اَلإصْحَاحُ السَّابِعُ عدد 65ـ76:
     
    [ 65وَقَالَ لَهُمُ التَّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ. 66كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعاً أَرْبَعُ رَبَوَاتٍ وَأَلْفَانِ وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ 67فَضْلاً عَنْ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمِ الَّذِينَ كَانُوا سَبْعَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ.].
     
    ويقول البروفسور عبد الأحد داوود والذي أورد نصّ الفقرة كالآتي:
     
    [ جاء نور الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبل فاران وجاء معه عشرة آلاف قديس، والشريعة المشعّة بيده ]… ففي الكلمات شبه نور الرب بنور الشمس:
     
    " إنه يأتي من سيناء ويشرق من ساعير، ولكنه تلألأ من ( فاران ) حيث يظهر مع عشرة آلاف قديس ( مؤمن ) وهؤلاء هم عدد فاتحي مكة من الصحابة مع رسول الله بالإضافة إلي أنه لم يكن هناك وحي قد تلألأ بنوره من مكة المكرمة بعد نور التوراة والإنجيل غير القرأن الكريم, ولاحظ هنا أن التلألأ بالمجد أقوي في بيان وضوح الأمر وقوته عن المجيء والإشراق في إشارة للمحجة البيضاء لهذا الدين الخاتم , كما أن الترتيب يبين خاتمة الأمر بوحي مكة (فاران) بالقرآن الكريم.
     
    الصادق الأمين
     
    إن الصادق الأمين ليس اسم لرسول الله الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم وإنما هو لقب أطلقه سكان مكة المكرمة عليه وأصبح يُدعي بذلك بينهم.
     
    وهنا نجد هذا الوصف والإدعاء مذكور بالإنجيل بسفر رؤيا يوحنا مع صفات أخري لرسول الله الخاتم واستحالة وجودها في غيره من بعد الإنجيل ومن قبل
     
    11 ) رأيت السماء مفتوحة واذا فرس ابيض والجالس عليه يدعى امينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب. 12 وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس احد يعرفه الا هو. 13 وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله. 14 والاجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزا ابيض ونقيا 15 ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد )......انتهى سفر رؤيا يوحنا بالإنجيل
     
    إن المسيح عليه السلام وغيره من الأنبياء لاشك أن بهم صفة الأمانة والصدق ولكن لم يثبت في الكتاب المقدس أن لقب (الصادق الأمين) قد أصبح لقب يدعي به نبي من هؤلاء الأنبياء
     
    فيا ترى من كان يُدعي بهذه الصفة من أهله وقومه غير رسول الله النبي الخاتم محمد بن عبد الله ؟ حكي لنا التاريخ ذلك بكل أمانة.
     
    ثم إن عبارة (وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو) يعقبها بفاصل جملة واحدة(ويدعي اسمه كلمة الله) إن هاتان الجملتان المتناقضتان يبين لك مدي الاضطراب في تحريف النص بالزيادة والنقصان في محاولة فاشلة لنسب هذه الصفات للمسيح عليه السلام.
     
    فالمسيح عليه السلام لم يحكم ويحارب ويجاهد في سبيل الله وأسال دماء المشركين هو وأصحابه بلباسهم الأبيض وإنما رسول الله كما دلت الأحاديث الكثيرة في السنة النبوية والتاريخ , بالإضافة إلي أنه لم يكن للمسيح عليه السلام ولا لأحد قاد الأمم بالحزم وقوة الحكم التي وصفت بعصا من حديد غير رسول الله صلي الله عليه وسلم النبي الخاتم وشريعته المحكمة القوية التي دانت لحكمها كل الأمم من عرب وفرس وروم وأهل كتاب يهود ونصارى وغيرهم في ظل عدلها المطلق, فكل الأنبياء فيما قبل النبي محمد ما كان لهم حكم وسلطان إلا لقومهم فقط كما تدل كتبهم فهاهم أنبياء بني إسرائيل في بني إسرائيل فقط ومن قبلهم كذلك أما أخرهم من بعدهم وهو المسيح عليه السلام فلم يقم له حكم وسلطان وجهاد ولا حتى لإتباعه من الحواريين وغيرهم, بل ظل الأتباع مستضعفين حتى بدايات القرن الرابع عندما أعتنق الإمبراطور الروماني قسطنطين النصرانية المشوهة التي تقول بالتثليث وترك التي تقول بالتوحيد وعدم تأليه المسيح وظل الحكم والسلطان خليط من أحكام وضعية رومانية شركية مبتدعة منسوبة للنصرانية زوراً وبهتاناً, فهل بعد ذلك يقبل أحد أن تكون صفات القيادة والحكم والسلطان والجهاد للمسيح بدلاً من النبي محمد صلي الله عليه وسلم والذي بالفعل حكم أمة العرب كلها وما يتصل بحدودها من الفرس والروم وما حوت من يهود ونصارى ثم في غضون عشرون سنة فقط من بعده حكم أصحابه باقي قارات العالم المسكونة أسيا وأوربا وأفريقيا فأيهما أولي بهذه المعاني والصفات التي تصف المنتظر الخاتم لكل الرسل (المسيح أم محمد) عليهم صلوات الله وسلامه.
     
    والآن أترككم مع الإصحاح كامل من الكتاب المقدس لسفر أشعياء يحكي عن هذا الأمر وصفات النبي العبد لا كما يوصف المسيح في الإنجيل بابن الله أو ابن الإنسان أو المعلم وغيرها من الصفات دون العبد التي وصف بها النبي محمد في القرآن أكثر من مرة ثم تجد الكلام البين علي نهاية الأصنام المنحوتة والأوثان علي يد هذا النبي الخاتم المنتظر في حين أن المسيح عليه السلام لم يصطدم بذلك الشرك لأن كل دعوته كانت بين بني إسرائيل وكانوا يعبدون الله لهذه الأصنام والتماثيل كما في عهد النبي محمد صلي الله عليه وسلم , وهناك الكثير من الصفات الأخرى التي ذكرناها ولكن البداية كانت مع وصف هذا النبي العبد كما وصفه القرآن الكريم مع وصف طريقة كلامه وصوته كما دلت الأحاديث النبوية :
     
    ( سفر أشعياء من الكتاب المقدس الإصحاح 42 )
     
    هو ذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سُرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. 2 لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته.3 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.الى الامان يخرج الحق. 4 لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته 5 هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. 6 انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم 7 لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة 8 انا الرب هذا اسمي ومجدي لا اعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات. 9 هوذا الاوليات قد اتت والحديثات انا مخبر بها.قبل ان تنبت اعلمكم بها. 10 غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحه من أقصى الأرض.ايها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها. 11 لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار.لتترنم سكان سالع.من رؤوس الجبال ليهتفوا. 12 ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر. 13 الرب كالجبار يخرج.كرجل حروب ينهض غيرته.يهتف ويصرخ ويقوى على اعدائه 14 قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت.كالوالدة اصيح.انفخ وانخر معا 15 اخرب الجبال والآكام واجفف كل عشبها واجعل الانهار يبسا وانشف الآجام 16 واسير العمي في طريق لم يعرفوها.في مسالك لم يدروها امشيهم.اجعل الظلمة امامهم نورا والمعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها ولا اتركهم. 17 قد ارتدوا إلى الوراء.يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتنّ آلهتنا 18 ايها الصم اسمعوا.ايها العمي انظروا لتبصروا. 19 من هو اعمى الا عبدي واصم كرسولي الذي أرسله.من هو اعمى كالكامل واعمى كعبد الرب. 20 ناظر كثيرا ولا تلاحظ.مفتوح الاذنين ولا يسمع. 21 الرب قد سرّ من اجل بره.يعظّم الشريعة ويكرمها. 22 ولكنه شعب منهوب ومسلوب قد اصطيد في الحفر كله وفي بيوت الحبوس اختبأوا.صاروا نهبا ولا منقذ وسلبا وليس من يقول رد 23 من منكم يسمع هذا.يصغى ويسمع لما بعد. 24 من دفع يعقوب الى السلب واسرائيل الى الناهبين. أليس الرب الذي اخطأنا اليه ولم يشاءوا ان يسلكوا في طرقه ولم يسمعوا لشريعته. 25 فسكب عليه حمو غضبه وشدة الحرب فاوقدته من كل ناحية ولم يعرف واحرقته ولم يضع في قلبه.
     
    ثمانية وعشرون غزوة بخلاف إرسال عشرات السرايا التي لم يخرج فيها رسول الله,وهذا خلال تسع سنوات من بداية إقامة دولة الإسلام بالمدينة المنورة , وهذا يعني بمتوسط ثلاث غزوات بالعام الواحد بخلاف السرايا , مما يبين المجهود العظيم لتحركات رسول الله الحربية في سبيل نشر وإقامة دولة الإسلام عزيزة قوية.
     
    الوصية الأخيرة من المسيح عليه السلام للحواريين ماهي إلا البشارة بالنبي الخاتم رسول الله محمد
     
    ففي إنجيل يوحنا يقول المسيح عليه السلام
     
    لكني أقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. 8 ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. 9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي. 10 واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا. 11 واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين 12 ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.13 واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية. 14 ذاك يمجدني لانه يأخذ مما لي ويخبركم.... أنتهي إنجيل يوحنا
     
    لم يجد القساوسة جميعاً وصف للمعزي المذكور يبتعدوا به عن أن المقصود هو رسول الله النبي الخاتم محمد إلا أنهم يدعوا أن المقصود بهذه الوصية الأخيرة من المسيح هو الروح القدس , والرد علي ذلك يكون ببساطة شديدة جداَ وهي أن الروح القدس كان يأتي للمسيح عليه السلام في حياته كما دلت علي ذلك النصوص الكثيرة بالإنجيل وهذا لا ينكره النصارى ومعلوم جيداً, إذاً كيف يشترط المسيح ذهابه حتى يأتي الروح القدس ثم تجد قوله (وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق ) هذه تعني بلا شك علي عدم كمال رسالة المسيح عليه السلام فهل النصارى شهدوا بذلك ؟
     
    إن الكمال لم يكن إلا في الدين الإسلام الخاتم كما جاء علي لسان رسول الله في القران الكريم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) صدق الله العظيم
     
    ومن هو المعزي المكمل لها بعد سقوط تفسيرهم بأن المعزي هو الروح القدس؟
     
    وأما قوله (لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به) فهذا عين قوله سبحانه في القرأن الكريم في وصف رسول الله (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) صدق الله العظيم.
     
    وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
    ومن أراد التأكد من نصوص الكتاب المقدس التي ذكرناها بالبحث فهاهو رابط موقع نصراني http://www.enjeel.com/search.php
     
    للبحث في هذا الموقع عما تريده من ألفاظ مع ربطك بصفحاته الموجودة مباشرة بالكتاب المقدس, وكلمات البحث غالباً التي تقودك للفقرات المذكورة ببحثنا إلي داخل الكتاب المقدس هي كالأتي :- قيدار- هاجر- تيماء – يدفع الكتاب – بلاد العرب – فرس ابيض – عبدي الذي – المعزي.
     
    والسلام علي من إتبع الهدي
     
    زهدي جمال الدين محمد
     
    جمع وترتيب
     
    طارق عبده إسماعيل
     
    باحث بالطب النبوي

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()