بتـــــاريخ : 11/4/2009 1:44:12 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1132 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 91

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا

    القول في تأويل قوله تعالى : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا } يعني بقوله جل ثناؤه : { وإذا قيل لهم } وإذا قيل لليهود من بني إسرائيل للذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم : { آمنوا } أي صدقوا , { بما أنزل الله } يعني بما أنزل الله من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم . { قالوا نؤمن } أي نصدق , { بما أنزل علينا } يعني بالتوراة التي أنزلها الله على موسى .

    وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ويكفرون بما وراءه } . يعني جل ثناؤه بقوله : { ويكفرون بما وراءه } ويجحدون بما وراءه , يعني بما وراء التوراة . قال أبو جعفر : وتأويل " وراءه " في هذا الموضع " سوى " كما يقال للرجل المتكلم بالحسن : ما وراء هذا الكلام شيء , يراد به ليس عند المتكلم به شيء سوى ذلك الكلام ; فكذلك معنى قوله : { ويكفرون بما وراءه } أي بما سوى التوراة وبما بعده من كتب الله التي أنزلها إلى رسله . كما : 1285 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { ويكفرون بما وراءه } يقول : بما بعده . 1286 - حدثني المثنى , قال : ثنا آدم , قال : ثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية : { ويكفرون بما وراءه } أي بما بعده , يعني بما بعد التوراة . 1287 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { ويكفرون بما وراءه } يقول : بما بعده .

    وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وهو الحق مصدقا لما معهم } . يعني بقوله جل ثناؤه : { وهو الحق مصدقا } أي ما وراء الكتاب الذي أنزل عليهم من الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه الحق . وإنما يعني بذلك تعالى ذكره القرآن الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم . كما : 1288 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما علينا ويكفرون بما وراءه } وهو القرآن . يقول الله جل ثناؤه : { وهو الحق مصدقا لما معهم } . وإنما قال جل ثناؤه : { مصدقا لما معهم } لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا ; ففي الإنجيل والقرآن من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به وبما جاء به , مثل الذي من ذلك في توراة موسى عليه السلام ; فلذلك قال حج ثناؤه لليهود إذ خبرهم عما وراء كتابهم الذي أنزله على موسى صلوات الله عليه من الكتب التي أنزلها إلى أنبيائه : إنه الحق مصدقا للكتاب الذي معهم , يعني أنه له موافق فيما اليهود به مكذبون . قال : وذلك خبر من الله أنهم من التكذيب بالتوراة على مثل الذي هم عليه من التكذيب بالإنجيل والفرقان , عنادا لله وخلافا لأمره وبغيا على رسله صلوات الله عليهم .

    قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { قل فلم تقتلون أنبياء الله } يعني جل ذكره بقوله : { قل فلم تقتلوا أنبياء الله } : قل يا محمد ليهود بني إسرائيل الذين إذا قلت لهم : { آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا فلم تقتلون } إن كنتم يا معشر اليهود مؤمنين بما أنزل الله عليكم { أنبياء } وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم , بل أمركم فيه باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم . وذلك من الله جل ثناؤه تكذيب لهم في قولهم : { نؤمن بما أنزل علينا } وتعيير لهم . كما : 1289 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي , قال : قال الله تعالى ذكره وهو يعيرهم , يعني اليهود : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } . فإن قال قائل : وكيف قيل لهم : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } فابتدأ الخبر على لفظ المستقبل , ثم أخبر أنه قد مضى ؟ قيل : إن أهل العربية مختلفون في تأويل ذلك , فقال بعض البصريين : معنى ذلك : فلم قتلتم أنبياء الله من قبل ؟ كما قال جل ثناؤه : { واتبعوا ما تتلو الشياطين } 2 102 أي ما تلت , وكما قال الشاعر : ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت عنه وقلت لا يعنيني يريد بقوله : " ولقد أمر " : ولقد مررت . واستدل على أن ذلك كذلك بقوله : " فمضيت عنه " , ولم يقل : " فأمضي عنه " . وزعم أن " فعل ويفعل " قد تشترك في معنى واحد , واستشهد على ذلك بقول الشاعر : وإني لآتيكم تشكر ما مضى من الأمر واستيجاب ما كان في غد يعني بذلك : ما يكون في غد . وبقول الحطيئة : شهد الحطيئة يوم يلقى ربه أن الوليد أحق بالعذر يعني : يشهد . وكما قال الآخر : فما أضحي ولا أمسيت إلا أراني منكم في كوفان فقال : أضحي , ثم قال : ولا أمسيت . وقال بعض نحويي الكوفيين : إنما قيل : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } فخاطبهم بالمستقبل من الفعل ومعناه الماضي , كما يعنف الرجل الرجل على ما سلف منه من فعل , فيقول له : ويحك لم تكذب ولم تبغض نفسك إلى الناس ؟ كما قال الشاعر : إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ولم تجدي من أن تقري به بدا فالجزاء للمستقبل , والولادة كلها قد مضت ; وذلك أن المعنى معروف , فجاز ذلك . قال : ومثله في الكلام إذا نظرت في سيرة عمر لم تجده يسيء , المعنى : لم تجده أساء , فلما كان أمر عمر لا يشك في مضيه لم يقع في الوهم أنه مستقبل , فلذلك صلحت من قبل مع قوله : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } . قال : وليس الذين خوطبوا بالقتل هم القتلة , إنما قتل الأنبياء أسلافهم الذين مضوا , فتولوهم صلى الله عليه وسلم على ذلك ورضوا فنسب القتل إليهم . والصواب فيه من القول عندنا أن الله خاطب الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود بني إسرائيل , بما خاطبهم في سورة البقرة وغيرها من سائر السور , بما سلف من إحسانه إلى أسلافهم , وبما سلف من كفران أسلافهم نعمه , وارتكابهم معاصيه , واجترائهم عليه وعلى أنبيائه , وأضاف ذلك إلى المخاطبين به ; نظير قول العرب بعضها لبعض : فعلنا بكم يوم كذا وكذا , وفعلتم بنا يوم كذا كذا وكذا , على نحو ما قد بيناه في غير موضع من كتابنا هذا ; يعنون بذلك أن أسلافنا فعلوا ذلك بأسلافكم وأن أوائلنا فعلوا ذلك بأوائلكم . فكذلك ذلك في قوله : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } إذ كان قد خرج على لفظ الخبر عن المخاطبين به خبرا من الله تعالى ذكره عن فعل السالفين منهم على نحو الذي بينا , جاز أن يقال من قبل إذ كان معناه : قل فلم يقتل أسلافكم أنبياء الله من قبل ؟ وكان معلوما بأن قوله : { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } إنما هو خبر عن فعل سلفهم . وتأويل قوله : { من قبل } أي من قبل اليوم .

    إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

    أما قوله : { إن كنتم مؤمنين } فإنه يعني إن كنتم مؤمنين بما أنزل الله عليكم كما زعمتم . وإنما عنى بذلك اليهود الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم , إن كانوا وكنتم كما تزعمون أيها اليهود مؤمنين . وإنما عيرهم جل ثناؤه بقتل أوائلهم أنبياءه عند قولهم حين قيل لهم : { آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا } لأنهم كانوا لأوائلهم الذين تولوا قتل أنبياء الله مع قيلهم : { نؤمن بما أنزل علينا } متولين , وبفعلهم راضين , فقال لهم : إن كنتم كما تزعمون مؤمنين بما أنزل عليكم , فلم تتولون قتلة أنبياء الله ؟ أي ترضون أفعالهم .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()