بتـــــاريخ : 11/4/2009 3:15:49 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2570 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية - 109

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا

    القول في تأويل قوله تعالى : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا } قال أبو جعفر : وقد صرح هذا القول من قول الله جل ثناؤه , بأن خطابه بجميع هذه الآيات من قوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا } وإن صرف في نفسه الكلام إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم , إنما هو خطاب منه للمؤمنين وأصحابه , وعتاب منه لهم , ونهي عن انتصاح اليهود ونظرائهم من أهل الشرك وقبول آرائهم في شيء من أمور دينهم , ودليل على أنهم كانوا استعملوا , أو من استعمل منهم في خطابه ومسألته رسول الله صلى الله عليه وسلم الجفاء , وما لم يكن له استعماله معه , تأسيا باليهود في ذلك أو ببعضهم . فقال لهم ربهم ناهيا عن استعمال ذلك : لا تقولوا لنبيكم صلى الله عليه وسلم كما تقول له اليهود : " راعنا " تأسيا منكم بهم , ولكن قولوا : " انظرنا واسمعوا " , فإن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر بي وجحود لحقي الواجب لي عليكم في تعظيمه وتوقيره , ولمن كفر بي عذاب أليم ; فإن اليهود والمشركين ما يودون أن ينزل عليكم من خير من ربكم , ولكن كثيرا منهم ودوا أنهم يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم لكم ولنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم , من بعد ما تبين لهم الحق في أمر محمد وأنه نبي إليهم وإلى خلقي كافة . وقد قيل إن الله جل ثناؤه عنى بقوله : { ود كثير من أهل الكتاب } كعب بن الأشرف . 1479 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري في قوله : { ود كثير من أهل الكتاب } هو كعب بن الأشرف . 1480 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا أبو سفيان العمري , عن معمر , عن الزهري وقتادة : { ود كثير من أهل الكتاب } قال : كعب بن الأشرف . وقال بعضهم بما : 1481 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : حدثني ابن إسحاق . وحدثنا أبو كريب , قال : ثنا يونس بن بكير , قال : ثنا محمد بن إسحاق , قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت , قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة , عن ابن عباس قال : كان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا , إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم , وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا , فأنزل الله فيهما : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم } الآية . وليس لقول القائل عنى بقوله : { ود كثير من أهل الكتاب } كعب بن الأشرف معنى مفهوم ; لأن كعب بن الأشرف واحد , وقد أخبر الله جل ثناؤه أن كثيرا منهم يودون لو يردون المؤمنين كفارا بعد إيمانهم . والواحد لا يقال له كثير بمعنى الكثرة في العدد , إلا أن يكون قائل ذلك أراد بوجه الكثرة التي وصف الله بها من وصفه بها في هذه الآية الكثرة في العز ورفعة المنزلة في قومه وعشيرته , كما يقال : فلان في الناس كثير , يراد به كثرة المنزلة والقدر . فإن كان أراد ذلك فقد أخطأ , لأن الله جل ثناؤه قد وصفهم بصفة الجماعة , فقال : { لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا } فذلك دليل على أنه عنى الكثرة في العدد . أو يكون ظن أنه من الكلام الذي يخرج مخرج الخبر عن الجماعة , والمقصود بالخبر عنه الواحد , نظير ما قلنا آنفا في بيت جميل ; فيكون ذلك أيضا خطأ , وذلك أن الكلام إذا كان بذلك المعنى فلا بد من دلالة فيه تدل على أن ذلك معناه , ولا دلالة تدل في قوله : { ود كثير من أهل الكتاب } أن المراد به واحد دون جماعة كثيرة , فيجوز صرف تأويل الآية إلى ذلك وإحالة دليل ظاهره إلى غير الغالب في الاستعمال.

    حَسَدًا

    القول في تأويل قوله تعالى : { حسدا } . ويعني جل ثناؤه بقوله : { حسدا من عند أنفسهم } أن كثيرا من أهل الكتاب يودون للمؤمنين ما أخبر الله جل ثناؤه عنهم أنهم يودونه لهم من الردة عن إيمانهم إلى الكفر حسدا منهم وبغيا عليهم . والحسد إذا منصوب على غير النعت للكفار , ولكن على وجه المصدر الذي يأتي خارجا من معنى الكلام الذي يخالف لفظه لفظ المصدر , كقول القائل لغيره : تمنيت لك ما تمنيت من السوء حسدا مني لك . فيكون الحسد مصدرا من معنى قوله : تمنيت من السوء ; لأن في قوله تمنيت لك ذلك , معنى حسدتك على ذلك . فعلى هذا نصب الحسد , لأن في قوله : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا } يعني : حسدكم أهل الكتاب على ما أعطاكم الله من التوفيق , ووهب لكم من الرشاد لدينه والإيمان برسوله , وخصكم به من أن جعل رسوله إليكم رجلا منكم رءوفا بكم رحيما , ولم يجعله منهم , فتكونوا لهم تبعا . فكان قوله : { حسدا } مصدرا من ذلك المعنى .

    مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ

    وأما قوله : { من عند أنفسهم } فإنه يعني بذلك : من قبل أنفسهم , كما يقول القائل : لي عندك كذا وكذا , بمعنى : لي قبلك . وكما : 1482 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه , عن الربيع بن أنس قوله : { من عند أنفسهم } قال : من قبل أنفسهم . وإنما أخبر الله جل ثناؤه عنهم المؤمنين أنهم ودوا ذلك للمؤمنين من عند أنفسهم إعلاما منه لهم بأنهم لم يؤمروا بذلك في كتابهم , وأنهم يأتون ما يأتون من ذلك على علم منهم بنهي الله إياهم عنه .

    مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ

    القول في تأويل قوله تعالى : { من بعد ما تبين لهم الحق } . يعني جل ثناؤه بقوله : { من بعد ما تبين لهم الحق } أي من بعد ما تبين لهؤلاء الكثير من أهل الكتاب الذين يودون أنهم يردونكم كفارا من بعد إيمانكم الحق في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند ربه والملة التي دعا إليها فأضاء لهم أن ذلك الحق الذي لا يمترون فيه . كما : 1483 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : حدثنا سعيد , عن قتادة : { من بعد ما تبين لهم الحق } من بعد ما تبين لهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم , والإسلام دين الله . 1484 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , عن أبي العالية : { من بعد ما تبين لهم الحق } يقول : تبين لهم أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل . * حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , مثله ; وزاد فيه : فكفروا به حسدا وبغيا , إذ كان من غيرهم . 1485 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { من بعد ما تبين لهم الحق } قال : الحق : هو محمد صلى الله عليه وسلم ; فتبين لهم أنه هو الرسول . * حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { من بعد ما تبين لهم الحق } قال : قد تبين لهم أنه رسول الله . قال أبو جعفر : فدل بقوله ذلك أن كفر الذين قص قصتهم في هذه الآية بالله وبرسوله عناد , وعلى علم منهم ومعرفة , بأنهم على الله مفترون . كما : 1486 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا عثمان بن سعيد , قال : ثنا بشر بن عمارة , عن أبي روق , عن الضحاك , عن ابن عباس : { من بعد ما تبين لهم الحق } يقول الله تعالى ذكره : من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئا , ولكن الحسد حملهم على الجحد . فعيرهم الله ولامهم ووبخهم أشد الملامة .

    فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } . يعني جل ثناؤه بقوله : { فاعفوا } فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وخطأ في رأي أشاروا به عليكم في دينكم , إرادة صدكم عنه , ومحاولة ارتدادكم بعد إيمانكم وعما سلف منهم من قيلهم لنبيكم صلى الله عليه وسلم : { اسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين } 4 46 واصفحوا عما كان منهم من جهل في ذلك حتى يأتي الله بأمره , فيحدث لكم من أمره فيكم ما يشاء , ويقضي فيهم ما يريد . فقضى فيهم تعالى ذكره , وأتى بأمره , فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم ) الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } . 9 5 فنسخ الله جل ثناؤه العفو عنهم والصفح بفرض قتالهم على المؤمنين حتى تصير كلمتهم وكلمة المؤمنين واحدة , أو يؤدوا الجزية عن يد صغارا . كما : 1487 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : حدثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير } ونسخ ذلك قوله : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } . 9 5 1488 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } فأتى الله بأمره فقال : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } حتى بلغ : { وهم صاغرون } 9 29 أي صغارا ونقمة لهم ; فنسخت هذه الآية ما كان قبلها : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } . 1489 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } قال : اعفوا عن أهل الكتاب حتى يحدث الله أمرا . فأحدث الله بعد فقال : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى : { وهم صاغرون } . 9 29 * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق . قال : أنا معمر , عن قتادة في قوله : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } قال : نسختها : { اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } . 9 5 1490 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره } قال : هذا منسوح , نسخه { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى قوله : { وهم صاغرون } .

    إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

    القول في تأويل قوله تعالى : { إن الله على كل شيء قدير } قال أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى على معنى القدير وأنه القوي . فمعنى الآية ههنا : أن الله على كل ما يشاء بالذين وصفت لكم أمرهم من أهل الكتاب وغيرهم قدير , إن شاء الانتقام منهم بعنادهم ربهم وإن شاء هداهم لما هداكم الله له من الإيمان , لا يتعذر عليه شيء أراده ولا يتعذر عليه أمر شاء قضاءه ; لأن له الخلق والأمر .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()