بتـــــاريخ : 11/6/2009 9:59:37 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1645 0


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 207

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } يعني جل ثناؤه : ومن الناس من يبيع نفسه بما وعد الله المجاهدين في سبيله وابتاع به أنفسهم بقوله : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } 9 111 وقد دللنا على أن معنى شرى باع في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته . وأما قوله : { ابتغاء مرضات الله } فإنه يعني أن هذا الشاري يشري إذا اشترى طلب مرضاة الله . ونصب " ابتغاء " بقوله " يشري " , فكأنه قال . ومن الناس من يشري من أجل ابتغاء مرضاة الله , ثم ترك " من أجل " وعمل فيه الفعل . وقد زعم بعض أهل العربية أنه نصب ذلك على الفعل على يشري كأنه قال : لابتغاء مرضاة الله , فلما نزع اللام عمل الفعل . قال : ومثله : { حذر الموت } 2 19 وقال الشاعر وهو حاتم : وأغفر عوراء الكريم ادخاره وأعرض عن قول اللئيم تكرما وقال : لما أذهب اللام أعمل فيه الفعل . وقال بعضهم : أيما مصدر وضع موضع الشرط وموضع " أن " فتحسن فيها الباء واللام , فتقول : أتيتك من خوف الشر , ولخوف الشر , وبأن خفت الشر ; فالصفة غير معلومة , فحذفت وأقيم المصدر مقامها . قال : ولو كانت الصفة حرفا واحدا بعينه لم يجز حذفها كما غير جائز لمن قال : فعلت هذا لك ولفلان , أن يسقط اللام . ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية فيه ومن عني بها , فقال بعضهم : نزلت في المهاجرين والأنصار , وعني بها المجاهدون في سبيل الله . ذكر من قال ذلك : 3173 - حدثنا الحسين بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } قال : المهاجرون والأنصار . وقال بعضهم : نزلت في رجال من المهاجرين بأعيانهم . ذكر من قال ذلك : 3174 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن عكرمة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } قال : نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري جندب بن السكن ; أخذ أهل أبي ذر أبا ذر , فانفلت منهم , فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم , فلما رجع مهاجرا عرضوا له , وكانوا بمر الظهران , فانفلت أيضا حتى قدم على النبي عليه الصلاة والسلام . وأما صهيب فأخذه أهله , فافتدى منهم بماله , ثم خرج مهاجرا فأدركه منقذ بن عمير بن جدعان , فخرج له مما بقي من ماله , وخلى سبيله . 3175 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } الآية , قال : كان رجل من أهل مكة أسلم , فأراد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويهاجر إلى المدينة , فمنعوه وحبسوه , فقال لهم : أعطيكم داري ومالي وما كان لي من شيء فخلوا عني فألحق بهذا الرجل ! فأبوا . ثم إن بعضهم قال لهم : خذوا منه ما كان له من شيء وخلوا عنه ! ففعلوا , فأعطاهم داره وماله , ثم خرج ; فأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } الآية ; فلما دنا من المدينة تلقاه عمر في رجال , فقال له عمر : ربح البيع , قال : وبيعك فلا يخسر , قال : وما ذاك ؟ قال : أنزل فيك كذا وكذا . وقال آخرون : بل عنى بذلك كل شار نفسه في طاعة الله وجهاد في سبيله أو أمر بمعروف . ذكر من قال ذلك : 3176 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا حسين بن الحسن أبو عبد الله , قال : ثنا أبو عون , عن محمد , قال : حمل هشام بن عامر على الصف حتى خرقه , فقالوا : ألقى بيده , فقال أبو هريرة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } 3177 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا مصعب بن المقدام , قال : ثنا إسرائيل , عن طارق بن عبد الرحمن , عن قيس بن أبي حازم , عن المغيرة , قال : بعث عمر جيشا فحاصروا أهل حصن , وتقدم رجل من بجيلة , فقاتل , فقتل , فأكثر الناس فيه يقولون : ألقى بيده إلى التهلكة . قال : فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال : كذبوا , أليس الله عز وجل يقول : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد } ؟ 3178 - حدثنا ابن بشار , قال : ثنا أبو داود , قال : ثنا هشام , عن قتادة , قال : حمل هشام بن عامر على الصف حتى شقه , فقال أبو هريرة : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } 3179 - حدثنا سوار بن عبد الله العنبري , قال : ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال : ثنا حزام بن أبي حزم , قال : سمعت الحسن قرأ : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد } أتدرون فيم أنزلت ؟ نزلت في أن المسلم لقي الكافر فقال له : قل لا إله إلا الله , فإذا قلتها عصمت دمك ومالك إلا بحقهما . فأبى أن يقولها , فقال المسلم : والله لأشرين نفسي لله . فتقدم فقاتل حتى قتل . 3180 - حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , ثنا زياد بن أبي مسلم , عن أبي الخليل , قال : سمع عمر إنسانا قرأ هذه الآية : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } قال : استرجع عمر فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون , قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل . والذي هو أولى بظاهر هذه الآية من التأويل , ما روي عن عمر بن الخطاب وعن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم , من أن يكون عنى بها الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر . وذلك أن الله جل ثناؤه وصف صفة فريقين : أحدهما منافق يقول بلسانه خلاف ما في نفسه وإذا اقتدر على معصية الله ركبها وإذا لم يقتدر رامها وإذا نهي أخذته العزة بالإثم بما هو به إثم , والآخر منهما بائع نفسه طالب من الله رضا الله . فكان الظاهر من التأويل أن الفريق الموصوف بأنه شرى نفسه لله وطلب رضاه , إنما شراها للوثوب بالفريق الفاجر طلب رضا الله . فهذا هو الأغلب الأظهر من تأويل الآية . وأما ما روي من نزول الآية في أمر صهيب , فإن ذلك غير مستنكر , إذ كان غير مدفوع جواز نزول آية من عند الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بسبب من الأسباب , والمعني بها كل من شمله ظاهرها . فالصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله عز وجل وصف شاربا نفسه ابتغاء مرضاته , فكل من باع نفسه في طاعته حتى قتل فيها أو استقتل وإن لم يقتل , فمعني بقوله : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله } في جهاد عدو المسلمين كان ذلك منه أو في أمر بمعروف أو نهي عن منكر .

    وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ

    القول في تأويل قوله تعالى : { والله رءوف بالعباد } قد دللنا فيما مضى على معنى الرأفة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع , وأنها رقة الرحمة ; فمعنى ذلك : والله ذو رحمة واسعة بعبده الذي يشري نفسه له في جهاد من حاده في أمره من أهل الشرك والفسوق وبغيره من عباده المؤمنين في عاجلهم وآجل معادهم , فينجز لهم الثواب على ما أبلوا في طاعته في الدنيا , ويسكنهم جناته على ما عملوا فيها من مرضاته .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()