بتـــــاريخ : 11/7/2009 10:34:22 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1548 1


    تفسير بن كثير - سورة البقرة - الآية 245

    الناقل : elmasry | العمر :42 | المصدر : quran.al-islam.com

    كلمات مفتاحية  :

    مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا

    القول في تأويل قوله تعالى : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } يعني تعالى ذكره بذلك : من هذا الذي ينفق في سبيل الله , فيعين مضعفا , أو يقوي ذا فاقة أراد الجهاد في سبيل الله , ويعطي منهم مقترا . وذلك هو القرض الحسن الذي يقرض العبد ربه . وإنما سماه الله تعالى ذكره قرضا , لأن معنى القرض : إعطاء الرجل غيره ماله مملكا له ليقضيه مثله إذا اقتضاه . فلما كان إعطاء من أعطى أهل الحاجة والفاقة في سبيل الله إنما يعطيهم ما يعطيهم من ذلك ابتغاء ما وعده الله عليه من جزيل الثواب عنده يوم القيامة , سماه قرضا , إذ كان معنى القرض في لغة العرب ما وصفنا . وإنما جعله تعالى ذكره حسنا , لأن المعطي يعطي ذلك عن ندب الله إياه وحثه له عليه احتسابا منه , فهو لله طاعة وللشياطين معصية . وليس ذلك لحاجة بالله إلى أحد من خلقه , ولكن ذلك كقول العرب : " عندي لك قرض صدق وقرض سوء " : للأمر يأتي فيه للرجل مسرته أو مساءته , كما قال الشاعر : كل امرئ سوف يجزى قرضه حسنا أو سيئا ومدينا بالذي دانا فقرض المرء : ما سلف من صالح عمله أو سيئه . وهذه الآية نظيرة الآية التي قال الله فيها تعالى ذكره : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } 2 261 وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول . 4378 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } قال : هذا في سبيل الله , { فيضاعفه له أضعافا كثيرة } قال : بالواحد سبعمائة ضعف . 4379 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن زيد بن أسلم , قال : لما نزلت : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } جاء أبو الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله , ألا أرى ربنا يستقرضنا مما أعطانا لأنفسنا ؟ وإن لي أرضين إحداهما بالعالية , والأخرى بالسافلة , وإني قد جعلت خيرهما صدقة ! قال : فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كم من عذق مذلل لأبي الدحداح في الجنة " . 4380 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد , قال : حدثنا سعيد , عن قتادة : أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع بهذه الآية , قال : أنا أقرض الله ! فعمد إلى خير حائط له , فتصدق به . قال : وقال قتادة : يستقرضكم ربكم كما تسمعون وهو الولي الحميد , ويستقرض عباده . 4381 - حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي النيسابوري , قال : حدثنا خلف بن خليفة , عن حميد الأعرج , عن عبد الله بن الحارث , عن عبد الله بن مسعود , قال : لما نزلت : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } قال أبو الدحداح : يا رسول الله , أو إن الله يريد منا القرض ؟ قال : " نعم يا أبا الدحداح " . قال : يدك قبل ! فناوله يده . قال : فإني قد أقرضت ربي حائطي حائطا فيه ستمائة نخلة . ثم جاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه في عيالها , فناداها : يا أم الدحداح ! قالت : لبيك ! قال : اخرجي قد أقرضت ربي حائطا فيه ستمائة نخلة .

    فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً

    أما قوله : { فيضاعفه له أضعافا كثيرة } فإنه عدة من الله تعالى ذكره مقرضه ومنفق ماله في سبيل الله من إضعاف الجزاء له على قرضه ونفقته ما لا حد له ولا نهاية . كما : 4382 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } قال : هذا التضعيف لا يعلم أحد ما هو . 4383 - وقد حدثني المثنى , قال : حدثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن ابن عيينة , عن صاحب له يذكر عن بعض العلماء , قال : إن الله أعطاكم الدنيا قرضا وسألكموها قرضا , فإن أعطيتموها طيبة بها أنفسكم ضاعف لكم ما بين الحسنة إلى العشر إلى السبعمائة إلى أكثر من ذلك , وإن أخذها منكم وأنتم كارهون فصبرتم وأحسنتم كانت لكم الصلاة والرحمة وأوجب لكم الهدى . وقد اختلفت القراء في قراءة قوله : " فيضاعفه " بالألف ورفعه ; بمعنى : الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له , نسق " يضاعف " على قوله " يقرض " . وقرأه آخرون بذلك المعنى " فيضعفه " , غير أنهم قرءوا بتشديد العين وإسقاط الألف . وقرأه آخرون { فيضاعفه له } بإثبات الألف في يضاعف ونصبه بمعنى الاستفهام . فكأنهم تأولوا الكلام : من المقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ؟ فجعلوا قوله : { فيضاعفه } جوابا للاستفهام , وجعلوا : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } اسما ; لأن الذي وصلته بمنزلة عمرو وزيد . فكأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى قول القائل : من أخوك فنكرمه ؟ لأن الأفصح في جواب الاستفهام بالفاء , إذا لم يكن قبله ما يعطف به عليه من فعل مستقبل , نصبه . وأولى هذه القراءات عندنا بالصواب قراءة من قرأ : { فيضاعفه له } بإثبات الألف , ورفع يضاعف , لأن في قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه } معنى الجزاء , والجزاء إذا دخل في جوابه الفاء لم يكن جوابه بالفاء لا رفعا ; فلذلك كان الرفع في " يضاعفه " أولى بالصواب عندنا من النصب . وإنما اخترنا الألف في " يضاعف " من حذفها وتشديد العين , لأن ذلك أفصح اللغتين وأكثرهما على ألسنة العرب .

    وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ

    القول في تأويل قوله تعالى : { والله يقبض ويبسط } يعني تعالى ذكره بذلك : أنه الذي بيده قبض أرزاق العباد وبسطها دون غيره ممن ادعى أهل الشرك به أنهم آلهة واتخذوه ربا دونه يعبدونه . وذلك نظير الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي : 4384 - حدثنا به محمد بن المثنى ومحمد بن بشار , قالا : ثنا حجاج , وحدثني عبد الملك بن محمد الرقاشي , قال : ثنا حجاج وأبو ربيعة , قالا : ثنا حماد بن سلمة , عن ثابت وحميد وقتادة , عن أنس , قال : غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم غلا السعر , فأسعر لنا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله الباسط القابض الرازق , وإني لأرجو أن ألقى الله ليس أحد يطلبني بمظلمة في نفس ومال " . قال أبو جعفر : يعني بذلك صلى الله عليه وسلم : أن الغلاء والرخص والسعة والضيق بيد الله دون غيره . فكذلك قوله تعالى ذكره : { والله يقبض ويبسط } يعني بقوله : { يقبض } يقتر بقبضه الرزق عمن يشاء من خلقه , ويعني بقوله : { ويبسط } يوسع ببسطة الرزق على من يشاء منهم . وإنما أراد تعالى ذكره بقيله ذلك حث عباده المؤمنين الذين قد بسط عليهم من فضله , فوسع عليهم من رزقه على تقوية ذوي الإقتار منهم بماله , ومعونته بالإنفاق عليه , وحمولته على النهوض لقتال عدوه من المشركين في سبيله , فقال تعالى ذكره : من يقدم لنفسه ذخرا عندي بإعطائه ضعفاء المؤمنين وأهل الحاجة منهم ما يستعين به على القتال في سبيلي , فأضاعف له من ثوابي أضعافا كثيرة مما أعطاه وقواه به , فإني أنا الموسع الذي قبضت الرزق عمن ندبتك إلى معونته وإعطائه , لأبتليه بالصبر على ما ابتليته به , والذي بسطت عليك لأمتحنك بعملك فيما بسطت عليك , فأنظر كيف طاعتك إياي فيه , فأجازي كل واحد منكما على قدر طاعتكما لي فيما ابتليتكما فيه , وامتحنتكما به من غنى وفاقة وسعة وضيق , عند رجوعكما إلي في آخرتكما ومصيركما إلي في معادكما . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال من بلغنا قوله من أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4385 حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } الآية . قال : علم أن فيمن يقاتل في سبيله من لا يجد قوة , وفيمن لا يقاتل في سبيله من يجد غنى , فندب هؤلاء , فقال : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط } قال : يبسط عليك وأنت ثقيل عن الخروج لا تريده , وقبض عن هذا وهو يطيب نفسا بالخروج ويخف له , فقوه مما في يدك يكن لك في ذلك حظ .

    وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

    القول في تأويل قوله تعالى : { وإليه ترجعون } يعني تعالى ذكره بذلك : وإلى الله معادكم أيها الناس , فاتقوا الله في أنفسكم أن تضيعوا فرائضه وتتعدوا حدوده , وأن يعمل من بسط عليه منكم من رزقه بغير ما أذن له بالعمل فيه ربه , وأن يحمل المقتر منكم . فقبض عن رزقه إقتاره على معصيته , والتقدم على ما نهاه فيستوجب بذلك منه بمصيره إلى خالقه ما لا قبل له به من أليم عقابه . وكان قتادة يتأول قوله : { وإليه ترجعون } : وإلى التراب ترجعون . 4386 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : حدثنا يزيد , قال : حدثنا سعيد , عن قتادة : { وإليه ترجعون } من التراب خلقهم , وإلى التراب يعودون .

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()