الخطبة الأولى
إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا...
\"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...\"
أما بعد أيها المسلمون
إن الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي مظهر من مظاهر رحمة الله.\"وجعلنا من الماء كل شيء حي\" يشربه الإنسان فيروي عطشه ويستعمله وسيلة لإيجاد طعامه قال تعالى \"وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء\".-الأنعام 99- فالشكر لله- والماء أيها المومنون وسيلة لوجود حدائق حولنا تبتهج لها النفوس. قا ل تعالى \"وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة\" -فالشكر لله-.والمطر أيها المؤمنون علامة لرحمة الله بنا يدخل به علينا الفرح، ويدفع به عنا اليأس والقنوط- فشكرا لله- الذي قال :\"وهو الذي ينزل الغيث من بعدما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد\"ويسألنا الله عز وجل عن مصدر هذا المطر فيقول :\"أفرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون؟\".أيها المؤمنون إنه لو لم يسخر لنا الله المطر،ولم يسق به هذه الأرض ،لانتهى أمرنا وانعدم زرعنا،وماتت بهائمنا التي منها نفعنا\"أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تاكل منه أنعامهم وأنفسهم، أفلا يبصرون؟\".- فشكرا لله- ومن أعظم منافع الماء لك أيها الإنسان استخدامه في حاجاتك اليومية: في المطبخ، و الطهارة للعبادة، وحسن المظهر الموصل الى مرضاة الله \"وأنزلنا من السماء ماء طهورا\"- فالشكر لله -. والمطر أيها المسلمون علامة لغفران الذنوب \"فقلت استغفروا ربكم يرسل السماء عليكم مدرارا\"-نوح-.\"ويا قوم استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا\"-هود-.وتأملوا أيها المسلمون- مع الشكر لصاحب الأمر-،تأملوا أن من لطيف قدرة الله ورأفته ورحمته بعباده أن الأمطار إنما تهطل على شكل قطرات، ولو أنزل الله علينا المطر دفعة واحدة،لأتلف حياتنا وأنفسنا وما نملك... –فالشكر لله- .معشر المسلمين،كما أن المطر رحمة من الله فإنه كذلك جندي مطيع لله من جنود رب العالمين التي لا يعلمها الا هو، يسلطها متى شاء على العصاة والمذنبين من عباده الكافرين، فدعوة نوح عليه السلام لقومه والتي دامت ألف سنة إلا خمسين عاما والتي واجهها القوم بالإعراض والتكذيب والعناد... فكان المطر ح ربا عليهم ونقمة لا رحمة ونعمة. قال تعالى:\"ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا،فالتقى الماء على أمر قد قدر\":لا اله إلا الله محمد رسول الله- فشكرا لله- ماذا كان مصير قوم نوح؟ - الغرق-/فلنحمد الله كثيرا أيها المسلمون، ولا ننسب النعمة لغير المنعم، فلا ننسب نعمة المطر لغير الله كما يفعل البعض من أبناء جلدتنا بقولهم: جادت علينا الطبيعة بالمطر... أو غضبت الطبيعة بالفيضان ... ولنقرأ في السيرة العطرة أنه بعد ليلة ممطرة في عهد رسول الله <صلى الله عليه وسلم> (قال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟-قالوا:الله ورسوله أعلم-قال:أصبح من عبادي مومن وكافر،فأما من قال: مَطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مومن بي كافر بالكوكب،وأما من قال بنوءِ كذا أو كذا فذلك كافر بي مومن بالكوكب.) فقد كان أهل الجاهلية يظنون أن المطر منحة من كوكب اسمه:نوء. ونستنكر من على هذا المنبر ما يقوم به بعض المستهترين من سائقي السيارات السرعة التي يسوقون بها فوق برك تجمع ماء المطر في حفر الطرقات المغشوشة:فيؤذون المارة من بني البشر ويرشون أجسامهم وثيابهم بما على الأرض من القاذورات. فلا نحول نعمة الله من المطر والماء الى نقمة. وقد كار رسول الله <صلى الله عليه وسلم> يطلب خير ونفع الريح والمطر،بقوله : (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به،وأعوذ بك من شرها وشر مافيها وشر ما أرسلت به).وإذا راى المطر قال : (اللهم صيبا نافعا).نسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا كثيرا على ما أسداه من النعم....
أيها الإخوة المسلمون،لابد أن نقف --هذه الأيام ونحن نعيش أيام الخير والرحمات والبركات--،على حقيقة يغفل عنها الكثيرون وهي : طرح السؤال بيننا :هل نستحق هذه النعمة و هذه الرحمة؟ وهل يصدق علينا قول ربنا سبحانه: \"وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا \" فهل استقمنا فعلا على طريق الهدى قولا وعملا؟ هل استقامت أحوالنا حتى نستحق هذا الفضل الكثير؟ أم أننا مذنبون،عصاة،مقصرون؟ فما السر إذن لارسال هذه الرحمة...اسمعوا قول حبيبنا <صلى الله عليه وسلم>:\"لم ينقص قوم المكيال،والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم الا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم ما أمطروا \" فلولا رحمة الله بنا وببهائمنا، مارأينا هذا الخير. فلنشكر الله أيها المؤمنون كما علمنا رسول الله <صلى الله عليه وسلم> فقد كان يقول :\"مطرنا بفضل الله ورحمته\" وكان إذا نزل المطر وخشي منه الضرر دعا بقوله \"اللهم حوالينا ولا علينا \". وإذا سمع الرعد ترك الحديث و قال:\"سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته\" واعلموا أيها المؤمنون أن الدعاء عند نزول الغيث مستجاب. قال <صلى الله عليه وسلم>:أطلبوا اجابة الدعاء عند التقاء الجيوش،وإقامة الصلاة، ونزول المطر\".
فاللهم إنا نسألك أن تجعلنا في مستوى شكر نعمتك، وطهر اللهم قلوبنا كما طهرت الأرض بالمطر،من النفاق وأعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة... واغننا اللهم بالقناعة والعلم وزين أقوالنا وأفعالنا بالحلم ...اللهم إنا نعوذ بك من خليل ماكر،عيناه ترقبنا وقلبه يرعانا إن رأى حسنة دفنها وأن رأى سيئة أذاعها.... اللهم اجعل بلدنا الحبيب هذا وسائر بلاد المسلمين في دوام الأمن والاستقرار وافضح اللهم كل مفسد فتان واشغله بنفسه، ووحد اللهم صف المسلمين على الصلاح.واشف أمراض شباب الأمة وأعنه على الاستقامة ياذا الجلال والإكرام........
ذ/الحسين أشقرا
مسجد الأمنية
المغرب