منذ ثلاثة أشهر ينشغل المجتمع الأمريكي وتنشغل معه شركات صناعة النفط, بالكارثة التي يستمر حدوثها في خليج المكسيك, الخلاصة أن الشركة التي تستخرج النفط من مياه الخليج فقدت السيطرة, بسبب عدم اجراء عمليات الصيانة والتدريب اللازمة, علي أحد حقولها العاملة في أعماق المياه مما تسبب في تسرب كميات هائلة من خام النفط طوال فترة الأشهر الثلاثة هذه.
وفي مواجهة الغضب الأمريكي تحركت الأمور, استقال المدير التنفيذي لشركة صناعة النفط التي تملك البئر وغيرها الآلاف من الآبار, ورصدت الشركة20 مليار دولار كتعويضات للمؤسسات وللأفراد المتضررين من الكارثة, وتعهدت بإصلاح الخلل البيئي وتنظيف كل المساحات التي غمرها النفط المتدفق.
ونحن لا نعترض علي أي من هذه الاجراءات. فمن حق المجتمع الأمريكي وحكومته الفيدرالية اتخاذ كل ما تستطيع اتخاذه من الاجراءات حماية للمصالح العليا لهذا الشعب. الذي يثير الدهشة هو ذلك الموقف الانتقائي الذي تعامل به الشركات العالمية الشعوب المختلفة التي تعمل علي أراضيها.
فمنذ أكثر من عام تعوم دلتا نهر النيجر الافريقي في بحيرة كبيرة من النفط نتيجة للخلل الذي أصاب عددا من آبار استخراج النفط بها, تلوثت مياه النهر وأراضي الدلتا, فباتت المياه غير قابلة للشرب أو للري وأصبحت الأراضي غير قابلة للزراعة, فتشرد الملايين من المزارعين الصغار بعد ان تركوا زراعاتهم.
وقع ذات الخلل وحدثت نفس النتيجة, ولكن اختلف الاهتمام والتوجهات والاجراءات التي اتخذتها الشركات العالمية التي تحقق سنويا المليارات من الأرباح. في الحالة الأولي تحركت الشركة بسرعة لمواجهة غضب الإنسان الأمريكي, وفي الحالة الثانية لم تتقدم بإجراء واحد لمواجهة كارثة وقعت لأحد الشعوب الافريقية, وكأن الإنسان هناك ليس كالإنسان هنا.