محمود مسلم
وصلنى العديد من ردود الأفعال حول مقالى السابق عن «ضعف الحكومة ومظاهرات الأقباط» من شخصيات عامة أعتز بها، طالبونى بالاستمرار فى فتح هذا الملف.. وكنت قد طالبت فى المقال السابق بضرورة أن تفتح الكنيسة حواراً داخلياً حول جدوى خروج المظاهرات فى كل كبيرة وصغيرة بالمخالفة للقانون، خاصة أن هناك جيلاً جديداً من شباب الأقباط ثائراً باستمرار فى كل المواقف، لأنهم تربوا فى مناخ بعيد عن الوحدة الوطنية.. فقد كان قديماً كما كان يحكى والدى باستمرار يأكل الأطفال المصريون من أقباط ومسلمين فى طبق واحد، وذلك فى الصعيد.
لكن الوضع اختلف الآن بين الأجيال الجديدة من الطرفين، وبالتالى فالكنيسة مطالبة بفتح حوار داخلى حول قضايا كثيرة أبرزها الزواج الثانى، فحكم الدستورية العليا رغم غرابته القانونية أزال الجدل حول حكم القضاء الإدارى، لكن الأزمة مازالت مستمرة مع وجود آلاف الطلبات من داخل الكنيسة تطلب السماح بالزواج الثانى.
الأمر الثانى الذى يحتاج حواراً داخل الكنيسة هو موقف بعض أعضائها من أى قبطى يشهر إسلامه، فهذا الأمر يتناقض تماماً مع الدستور وحرية العقيدة، فلا يمكن أن تخرج المظاهرات لمجرد إسلام سيدة أو رجل مسيحى. فى المقابل لا يتخذ المسلمون مثل هذا الموقف لو تنصر مسلم أو مسلمة.
وحدث أنه منذ فترة قريبة أعلنت سيدة مسلمة تعمل فى مجال حقوق الإنسان، وبالمصادفة كنت ضيفاً على برنامج «صباح دريم»، الذى تقدمه المذيعة المتألقة دينا عبدالرحمن، وقام البرنامج بإجراء مداخلة مع السيدة التى استفزتنا بإعلان تنصر أبنائها فى عمر 5 و7 سنوات.. وزعمت أن هناك حواراً بينها وبين الأطفال منذ 3 سنوات حول تنصرهم.. وهو أمر غير منطقى.. ومع ذلك فقد قلت لها على الهواء: «إن تحولك للمسيحية لن ينتقص من الإسلام شيئاً.. ولن يضيف للأقباط شيئاً».. وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولم أسمع أن المسلمين خرجوا فى مظاهرات حول الأزهر يطالبون على الأقل بمنع الأطفال من التنصر.
إذا كانت الحكومة ضعيفة فى إقرار حقوق الأقباط فى بناء الكنائس وفى مواجهتهم بتنفيذ القانون بمنع التظاهر بدور العبادة.. فإن الأقباط ملزمون بفتح حوار فيما بينهم حول أسباب بث الأفكار الطائفية لدى الشباب، وهل رجال الدين المسيحى أحد هذه الأسباب.. فالحكومة قامت بحملة لضم المساجد الأهلية لوزارة الأوقاف وأبعدت الكثير من الأئمة الذين يبثون الفتنة الطائفية، وبذلت جهوداً فى توعية وتدريب الأئمة الآخرين لمواجهة هذه الظاهرة.. فى حين لم تعلن الكنيسة أى إجراءات فى هذا الاتجاه.
لا يمكن للكنيسة أن تتجاهل مسؤوليتها حول مظاهرات الأقباط، فإذا كانت قد تبرأت من أفعال أقباط المهجر فلا يمكن أن تحذو نفس الطريق مع أقباط المظاهرات، وأغلبهم من الشباب فى الداخل، خاصة أن الأمر وصل لدرجة أن هذه المظاهرات تنطلق بناءً على شائعات.. وبالتالى فإن قيادات الكنيسة يجب أن يقوموا بدورهم بدلاً من دفن الرؤوس فى الرمال.