بتـــــاريخ : 9/17/2010 4:06:38 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1146 0


    من هو المنعم؟

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرنى | المصدر : alislamnet.com

    كلمات مفتاحية  :

    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً.
    وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الهادي إلى الصراط المستقيم صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
    أما بعد:
    أيها الناس: (الله هو المنعم)، هذه حقيقة يجب أن تصبح لدينا من البديهيات؛ فكل نعمة تعود إليه، وكل جميل ينسب إليه، وكل مكروه فهو الذي صرفه، ومن يفعل الخير يجده أمامه يوم العرض الأكبر، ومن أحسن هنا، أحسن إليه هناك.

    من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس


    وقد تكفل الله لمن أحسن لخلقه أن يحسن إليه. فأول إحسان إليه: أن يشرح صدره، وأن يزيل كربه، وأن يفرج همه، وأن يدخر له من الأجر والمثوبة على قدر ما أحسن إلى خلقه، (
    فالخلق عيال الله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) (1) .
    ومن أساء إلى خلقه، وكدر على عباده، نغّص الله عليه عيشه، وكدّر حياته، وادّخر له من العذاب والألم بقدر ما فعل.
    يخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بقصة رجل مر في طريق فأصابه العطش وبلغ به الظمأ مبلغاً عظيماً، فرأى بئراً فيها ماءٌ عذب طيب بارد.. فنزل فشرب، فلما رويت كبده واستقرت روحه صعد من البئر فرأى كلباً من الكلاب يلهث من شدة العطش يمد لسانه يريد الماء.. لا يستطيع أن يهبط إلى البئر ليشرب.. ولا يستطيع أن يُنزل دلواً فيستقي.
    فقال الرجل وقد أدركته إنسانيته ورقته ورحمته..: لقد بلغ بهذا الكلب من العطش ما بلغ بي، فنزل فملأ خفه ثم صعد فأعطى الكلب.
    فجعل يغرف له حتى أرواه فشكر الله له فغفر له وأدخله الجنة.
    ولفظ الحديث: (
    بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقى فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له) (1) .
    ويخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن امرأة فظة غليظة قاسية عاتية معها هرة في البيت قد حبستها في دارها وأغلقت عليها النوافذ والأبواب.
    والله يرى ذلك.
    فلا هي تركت الهرة تأكل من خشاش الأرض، ولا هي أطعمتها وسقتها، فماتت الهرة!
    فأدخل الله هذه المرأة النار، وسلط عليها الهرة تخمشها في وجهها في نار جهنم.
    يقول صلى الله عليه وسلم عندما رأى الجنة والنار في صلاة الكسوف: (
    ورأيت النار فرأيت امرأة تخمشها هرة حبستها في الدنيا، لا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) (1) .
    وفي الحديث: (
    ثلاثة من البشر لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، أولهم رجل كان بفلاة عنده ماء فمر به رجل بلغ به العطش مبلغاً عظيماً فمنعه).
    فقال الله لهذا الإنسان يوم العرض الأكبر -وهو يرد يوم الظمأ ويوم العطش ويوم الجوع ويوم الفقر- فقال الله له: (
    قف، اليوم أمنعك فضل مائي، كما منعت الناس فضل مائك في الدنيا) (1) .
    عن
    أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني. قال: يا رب! كيف أعودك؟
    وأنت رب العالمين. قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده. أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟
    يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني قال: يا رب وكيف أطعمك؟
    وأنت رب العالمين.
    قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟
    أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟
    يا ابن آدم! استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟
    قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي
    ) (1) .
    فهذه رسالة لعلها تصل للأغنياء، وللأثرياء، وللتجار الذين تمتلئ بيوتهم بالأطعمة، والأشربة، والفواكه، والخضروات.. وهناك آلاف يموتون في الخيام جوعاً، وعطشاً، ومرضاً.
    ويقول الله تعالى: (
    يا ابن آدم ظمئتُ فلم تسقني.
    قال: كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟
    قال: أما علمت أن عبدي فلاناً قد ظمئ فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي.
    وهذه رسالة للناس أن يوصلوا الماء لمحتاجيه، فقد بلغ في بعض القرى قيمة سيارة الماء الواحدة: خمسمائة ريال!
    ويقول تعالى: يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني.
    قال: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟
    قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما إنك لو عُدته لوجدت ذلك عندي
    ).
    والمستشفيات الآن مليئة بالمرضى، والكثير منهم ليس له قرابة، ولا أبناء، ولا أحباب، ولا إخوان، فأين من يزور ويسلي ويسرِّي؟
    فالحال، والعطاء، والحياة موهبة من الله يحاسِب عليها، سبحانه، ويبتلي بها من يشاء ويرى من يشكر أو يكفر.
    عن
    أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا للّه عزَّ وجلَ أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟
    قال: لون حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس. قال فمسحه فذهب عنه، فأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً فقال: أي المال أحب إليك؟
    قال: الإبل -أو قال: البقر، هو شك في ذلك: إن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل، وقال الآخر: البقر- فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك الله فيها، وأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك؟
    قال: شعر حسن ويذهب هذا عني، قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب، وأعطي شعراً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟
    قال: البقر. قال: فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: يبارك لك فيها، وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟
    قال: يرد الله إليَ بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه فردَّ الله إليه بصره. فقال: فأي المال أحب إليك؟
    قال: الغنم، فأعطاه شاةً والداً، فأنتج هذان وولدا هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين تقطعت به الحبال في سفره فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك -الذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال- بعيراً أتبلغ به في سفري. فقال له: إن الحقوق كثيرة. فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيراً فأعطاك الله؟
    فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر، فقال: إن كنت كاذباً فصيَّرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت. وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن السبيل وتقطعت به الحبال في سفره، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري. فقال له: قد كنت أعمى فردَّ الله بصري وفقيراً فقد أكناني، فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك
    ) (1) .
    إنها موعظة عظيمة لمن آتاه الله مالاً، أو جاهاً، أو نفوذاً، أو تأثيراً أن يستغله في مرضاة الله، قبل أن لا يكون درهم ولا دينار فيقتص منه ويدخل بماله مع
    قارون و هامان و فرعون .
    فهل آن لتجارنا، وأصحاب الأموال فينا، أن يعتبروا، ويعلموا أن هذه النعم التي عندهم هي من الله أولاً وآخراً، وأنه سبحانه هو الرازق الباسط، ((
    إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ))، ((وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ)). فيدفعهم هذا إلى بذل فضول أموالهم في مشاريع الخير الباقية.. وفي إغاثة الملهوفين والفقراء والمساكين.
    والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()