ما أحسن الهداية! وما أجمل أن تعرف الله! وما أعظم أن تتعرف على الواحد الأحد! فسبحان الله! كيف أعرض كثير من القلوب عن الله؟ يقول جل في علاه: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)). كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم يحمل لا إله إلا الله، يتصدر الدعوة في سبيل الله، ينزل للناس ويدخل على الطغاة في قصورهم، ويدخل على المجرمين في أوكارهم، وفي هذا درس لطلبة العلم ولدعاة الإسلام ولحملة الشهادات وأبناء الكليات الذين درسوا العلم الشرعي للنزول إلى الساحة، وأن يدخلوا أعين الناس، وأن يستغلوا المنابر، وأن يتحدثوا إلى الجماهير. فالله سبحانه وتعالى يقول: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ)). وهل ينكر عظمة الله إلا من ألحد؟ هل ينحرف عن منهج الأنبياء إلا من تزندق؟ ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ))، أي فمن الذي يحيي العظام وهي رميم إلا الله؟ ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)). من الذي أخرج المولود باكياً من بطن أمه لا يفهم شيئاً ولا يعلم ولا يعرف شيئاً، فدلّه وبصّره وأحياه وأطعمه وسقاه؟ من علم النحلة بيتها ورزقها وهداها أن تأتي وتجوب القفار والوهاد والجبال؟ ومن علّم الثعبان أن يرتحل ويهاجر؟ من علم الجراد والنملة أن تأوي في جحرها؟ إنه الله الذي خلق فسوى، والذي قدّر فهدى. قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداك قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك ذكر ابن الجوزي : أن رجلاً رأى عصفوراً يأتي بقطعة لحم فينقلها من مكان في المدينة ويرتحل بها إلى رأس نخلة كل يوم، فتعجب هذا الرجل؛ لأن العصفور لا يعشعش في النخل، فتسلق النخلة فوجد حية عمياء كلما اشتهت الأكل أتى هذا العصفور بقطعة لحم وهي عمياء فاقترب منها. فإذا اقترب فتحت فمها، ثم يلقي هذا العصفور اللحم في فمها! سبحان من سخر العصفور لتلك الحية، ودل تلك الحية على رزقها. نعود إلى القصة. يقول سبحانه: ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)). فانظر أخي المسلم إلى ذلك الكذاب، وذلك الدجال الملعون الذي يماري ويجادل في أعظم آيات الكون وهي الموت؛ ولذلك وجدنا أن هناك من تزندق وجادل وشكك في توحيد الربوبية والألوهية. فعجباً لهم كيف يكفرون؟ وعجباً لهم لماذا لا يؤمنون؟ أفي الله شك؟ أفي آياته لبس وريب؟ حتى يستهزئ بعض هؤلاء المارقين بالقيم والأخلاق والدين والكتاب والسنة. فقد جاء النمرود برجل مسجون وقال: هذا أحييته لوجوهكم، وأتى برجل آخر فذبحه وقال: هذا أمتُّه! يا لغباء وسفه وجهل هذا الزنديق الكاذب. فرد عليه إبراهيم ردّاً لا يحتمل المجادلة ولا يترك له باباً لينفذ منه مرة أخرى، فقال له: ((فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)) إن كنت صادقاً بأنك إله، ((فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ)) أي: انهزم وانهدم وخاب وخسر وخزي، ((وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))، أي: إن الله لا يهدي هؤلاء القوم الظالمين؛ لأن أوراقهم تحترق، فليس لديهم حجج ولا براهين؛ لأنهم دجالون وكذابون ومجترئون على الله. وبعد هذه الحجة الدامغة التي حاج بها إبراهيمالنمرود لم يسكت ولم ينته عن غيه وتكذيبه ومجونه، فقد جمع حطباً وأجّج ناراً، وأخذ جنوده إبراهيم وقيدوه وهبوا وأسرعوا لإلقائه في النار، فإلى من يلتفت إبراهيم الخليل وإلى من يلتجئ وممن يطلب النصر والنجاة؟ يا واهب الآمال أنت حفظتني ومنعتني وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فنصرتني فانقاد لي متخشعاً لما رآك منعتني فمن يمنع الضر إلا الله: ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)). يقول ابن عباس كما في صحيح البخاري : (حسبنا الله ونعم الوكيل) قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار فجعلها الله برداً وسلاماً عليه، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: (( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ))[آل عمران:173] (1) . فلما قيّد جنود النمرودإبراهيم صلى الله عليه وسلم بالحبال وحملوه في المنجنيق وأشعلوا له ناراً أتاه جبريل في الساعات الحرجة، وهي الساعات الصعبة جداً في حياة أي إنسان عندما يتعرض لمشكلة صعبة في حياته أو أزمة معضلة، فلما أتاه جبريل وهو مقيد بالحبال قال له: يا إبراهيم ألك إليّ حاجة؟ فرد عليه إبراهيم قائلاً قول المؤمن الواعي الصابر المتأكد من قدرة ربه عز وجل، الواثق بنصره جل وعلا، قال: أمّا لك فلا، وأما إلى الله فنعم، فلما حملوه قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، ووقع في النار فكانت برداً وسلاماً عليه، فسبحان من أنجاه وحماه ووقاه؛ لأنه تقي، وسبحان من رد الخبيث الخسيس؛ لأنه شقي.
ما أحسن الهداية! وما أجمل أن تعرف الله! وما أعظم أن تتعرف على الواحد الأحد! فسبحان الله! كيف أعرض كثير من القلوب عن الله؟ يقول جل في علاه: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)). كان إبراهيم صلى الله عليه وسلم يحمل لا إله إلا الله، يتصدر الدعوة في سبيل الله، ينزل للناس ويدخل على الطغاة في قصورهم، ويدخل على المجرمين في أوكارهم، وفي هذا درس لطلبة العلم ولدعاة الإسلام ولحملة الشهادات وأبناء الكليات الذين درسوا العلم الشرعي للنزول إلى الساحة، وأن يدخلوا أعين الناس، وأن يستغلوا المنابر، وأن يتحدثوا إلى الجماهير. فالله سبحانه وتعالى يقول: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ)). وهل ينكر عظمة الله إلا من ألحد؟ هل ينحرف عن منهج الأنبياء إلا من تزندق؟ ((إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ))، أي فمن الذي يحيي العظام وهي رميم إلا الله؟ ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)). من الذي أخرج المولود باكياً من بطن أمه لا يفهم شيئاً ولا يعلم ولا يعرف شيئاً، فدلّه وبصّره وأحياه وأطعمه وسقاه؟ من علم النحلة بيتها ورزقها وهداها أن تأتي وتجوب القفار والوهاد والجبال؟ ومن علّم الثعبان أن يرتحل ويهاجر؟ من علم الجراد والنملة أن تأوي في جحرها؟ إنه الله الذي خلق فسوى، والذي قدّر فهدى.
قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب من عافاك
يا واهب الآمال أنت حفظتني ومنعتني وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فنصرتني
فانقاد لي متخشعاً لما رآك منعتني