حكم السعي في المسعى الجديد
السؤال: ما حكم السعي في المسعى الجديد؟ لأنه قد اختلف أهل العلم في ذلك كثيرًا، فمن قائل لا بأس، ومن قائل لا يجوز السعي فيه للحج والعمرة ومن فعل ذلك لم يحل من إحرامه وعليه العودة وإعادة العمرة أو الحج، ومن قائل بل يجبر السعي بدم، ومن متوقف . فبم تنصحون؟
الجواب :
الحمد لله
عُرض موضوع السعي في المسعى الجديد على هيئة كبار العلماء ، وصدر قرارهم كما يلي :
"قرار رقم (227) وتاريخ 22/2/1427هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه ، أما بعد:-
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والستين التي انعقدت في مدينة الرياض ابتداء من تاريخ 18/2/1427هـ . درس موضوع توسعة المسعى ، من الناحية الشرعية ....
وقد استعرض المجلس ما سبق أن صدر منه بالقرار رقم ( 21 ) ، وتاريخ 12/11/1393هـ المتضمن جواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة ، واطلع على البحوث المعدة حول مشعر المسعى من الناحية الشرعية والتاريخية .
واطلع كذلك على الفتوى الصادرة من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، المفتي الأسبق للمملكة العربية السعودية رحمه الله ، حول ما أدخلته العمارة الجديدة للمسعى ، وحول الصفا والمروة ، بناء على قرارات اللجان المشكلة من عدد من العلماء الذين أمرهم - رحمه الله - بذلك ، وهم :
الشيخ عبد الملك بن إبراهيم آل الشيخ ، والسيد علوي عباس المالكي ، والشيخ عبد الله بن دهيش ، والشيخ عبد الله بن جاسر ، والشيخ يحيى أمان ، والشيخ محمد الحركان - رحمهم الله جميعًا -، وذلك لمتابعة إدخال ما هو من المسعى ، وإخراج ما ليس منه ، مما هو منصوص عليه في كتب أهل العلم من محدثين وفقهاء ومؤرخين . أ . هـ .
وقد نص العلماء على عرض المسعى بالذراع وجزء الذراع ، فكان ذلك المنصوص حدًا لعرضه بما هو مذكور في كتب العلماء - رحمهم الله - .
والمسعى بطوله يحكمه جبل الصفا وجبل المروة ، وعرضه يحكمه عمل القرون المتتالية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا .
وبعد الدراسة والمناقشة والتأمل رأى المجلس بالأكثرية أن العمارة الحالية للمسعى شاملة لجميع أرضه ، ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها ، ويمكن عند الحاجة حل المشكلة رأسيًا بإضافة بناء فوق المسعى ، وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى .
وينبني على هذا مسألتان :
الأولى : أن من أراد العمرة أو الحج اشترطَ عند إحرامه قائلاً: إن حَبَسَنِي حابسٌ فَمَحِلِّي حيث حَبَسْتَنِي ، فإن استطاعَ أنْ يُتِمَّ سعيه في المسعى القديم دونَ أن يُحْدِثَ ضرراً لنفسهِ ، أو لغيره أتم نسكه والحمد لله ، وإنْ لم يستطعِ السعيَ ، ولم يستطعِ البقاءَ لوقتٍ يتمكنُ فيه من إتمامِ نُسُكِهِ فهو مُحْصَرٌ حِيلَ بينه وبين إتمامِ النُّسُك ، فيتحلَّل من عمرتهِ أو حجه مجَّاناً لاشتراطهِ ، ولا شيء عليه ، كما دلَّ عليه حديثُ ضُباعةَ بنتِ الزبير رضي الله عنها ، فقد روى البخاري (5089) ومسلم (1207) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا : (لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ ، لَا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً . فَقَالَ لَهَا : حُجِّي وَاشْتَرِطِي ، وَقُولِي : اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ).
فإن لم يشترط فعليه دمٌ للإحصار يذبحه قبل أن يتحلَّل ، ويوزعه على فقراء الحرم ، ثم يحلق أو يقصِّر .
هذا كلُّه على القولِ المعروفِ المشهورِ وهو قولُ الجمهور ، وهو أنَّ السَّعيَ ركنٌ من أركان الحج والعمرة .
وأما على القول بأن السعي واجب – وهو قول بعض العلماء – فإنه يسقط بالعجز ، أو يُجبر تركه بدم .
المسألة الثانية : أن من سعى في المسعى الجديد ، إن كان قد أُفْتِيَ بذلك فهو على ذمَّةِ من أفتاه.
وإن سعى جاهلا بالحكم معتمدا على سعي جمهور الناس حوله ، فهو معذور كذلك .
فإن كان عالما بالحكم لزمه أن يعيد السعي في المسعى القديم ، فإن لم يستطع فهو محصر يذبح دم الإحصار في مكة ثم يتحلل .
وانظر : بيان الشيخ علوي السقاف في ذلك ، وقد قرئ على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك وأقره وزاد فيه .
http://www.dorar.net/art/102
والله أعلم .