خطا النثر العباسي خطوات كبيرة ،
فواكب نهضة العصر وأصبح قادراً على استيعاب المظاهر العلمية والفلسفية والفنية
كما أن الموضوعات النثرية تنوعت فشملت مختلف نواحي الحياة ..
فالكتابة الفنية توزعت على ديوان الرسائل والتوقيعات وغيرها ..
وكان المسؤولون يختارون خيرة الكتاب لغة وبلاغة وعلماً لتسلم الدواوين،
ولاسيما ديوان الرسائل الذي كان يقتضي أكثر من غيره إتقان البلاغة والتفنن ، و مستوى رفيع من الثقافة
فضلاً عن ذلك النثر الفني القصص و المقامات و النقد الأدبي ، و النوادر ، و الأمثال و الحكم ، و التدوين ، و الرحلات ، و التاريخ ، و العلوم .
وظهرت الرسائل الأدبية التي تضمنت الحكم و جوامع الكلم و الأمثال و الفكاهات
و كانت موضوعات الرسائل تتراوح بين الأخبار و الأخوانيات ، والاعتذار وغير ذلك
وراجت الرسائل الطويلة في العصر العباسي فتناولت السياسة والأخلاق والاجتماع ، و منها :
رسالة الصاحبة لابن المقفع
رسالة القيان رسالة التربيع والتدوير للجاحظ رسالة الغفران لأبي العلاء المعري
وعظم شأن القصص في العصر العباسي ،
فاتسع نطاقه وأصبح مادة أدبية غزيرة ،
وتنوعت المؤلفات القصصية
فأقبل الناس على مطالعتها وتناقلها ومنها ما اهتم بالحقل الديني
كتاب قصص الأنبياء المسمى بالعرائس للثعالبي قصص الأنبياء للكسائي قصة يوسف الصديق قصة أهل الكهف قصة الإسراء والمعراج
ومنها القصص الاجتماعية والغرامية والبطولية
كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني قصص العذريين سيرة عنترة حمزة البهلوان
وسواها ومنها القصص التاريخية التي تناولت سير الخلفاء والملوك والأمراء .
كما عرف العصر العباسي القصص الدخيلة المنقولة ،
نذكر منها
كليلة ودمنة كتاب مزدك كتاب السندباد بعضٌ من ألف ليلة وليلة
وأكثره خيالي خرافي يدور بعضه على ألسنة الحيوان .
وإلى جانب القصة ازدهر أدب الأقصوصة ،
وكتاب البخلاء للجاحظ خير مثال على هذا النوع من الأدب
وقد امتاز الأدب القصصي العباسي
1 . دقة الوصف و التصوير .
2 . براعة الحوار .
3 . القدرة على استنباط الحقائق .
4 . تصوير مرافق الحياة
5 . تسقط العجائب و الغرائب .
6 . الكشف عن العقليات و العادات و التقاليد .
وفي العصر العباسي ظهر فن المقامة،
وضعه بديع الزمان الهمذاني ، ولقي كثيراً من الرواج في العصر العباسي وما بعده ..
وهو سرد قصصي يتناول الأخلاق والعادات والأدب واللغة ، ويمتاز بالأسلوب المسجوع وإغراقه في الصناعة ,
وكثرة الزخارف والمحسنات المتنوعة ..
وفضلاً عما ذكرنا اهتم النثر العباسي بـ تدوين العلوم على أنواعها ,
وهذه العلوم كانت إما عربية إسلامية كعلوم الشريعة والفقه والتفسير والحديث والقراءات والكلام والنحو والصرف والبيان وغير ذلك ،
وإما أجنبية التأثير كالمنطق والفلسفة والرياضيات والطب والكيمياء والفلك وعلم النبات والحيوان وغير ذلك .