|
التطرف و الأسوأ منه العيش خارج الزمان، أحوال تنفي الحرية
الناقل :
elmasry
| العمر :42
| الكاتب الأصلى :
محمد سعيد عفارة
| المصدر :
forum.egypt.com
بسم الله الرحمن الرحيم
التطرف و أسوأ منه العيش خارج الزمان، أحوال تنفي الحرية
الدهر و الزمان و تقاربه و امتداده
الدهر و الزمان، هل هما معنى واحد، أم مختلفان.
لجلب فرصة التوفيق من الله تعالى يحسن أن يكون منطلق الاجتهاد في أي موضوع، نهل قوت مناسب من الأحاديث الأهلية.
بداهة يبدو مستحيلا تمييز معنى كلمة الدهر من معنى كلمة الزمان، و يسبق الظن و الوهم إلى أنهما كلمتان مترادفتان تشيران إلى نفس المعنى، خاصة عندما نقرأ بسطحية كلاما مثل حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه: "قَدْ أصْبَحْنا في زَمان عَنُود، وَ دَهْر كَنُود، يُعَدُّ فيهِ المُحْسِنُ مُسيئاً، وَ يَزْدادُ الظّالِمُ فيهِ عُتُوّاً"
لكن بعد الترو و التدبر يمكن العلم بالمعنى المختلف لك منهما.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن الله هو الدَّهْرُ"
فمعناه أَن ما أَصابك من الدهر فالله فاعله ليس الدهر، فإِذا شتمت به الدهر فكأَنك أَردت به الله؛ لأَنهم كانوا في الجاهلية يضيقون النوازل إِلى الدهر، فقيل لهم: لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإِن ذلك هو الله تعالى.
و في حديث موت أَبي طالب: "لولا أَن قريشاً تقول دَهَرَهُ الجَزَعُ؛ لفعلتُ"
قال أَبو عبيد قوله "فإِن الله هو الدهر" مما لا ينبغي لأَحد من أَهل الإِسلام أَن يجهل وجهه.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:--
"أَلا إِنَّ الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئته يومَ خَلَق اللهُ السمواتِ والأَرضَ"
"إذا تَقارب الزمانُ لم تَكَدْ رؤيا المؤْمن تكذب"
"بين يدي الساعة يتقارب الزمان، فتكون السنة كشهر و الشهر كجمعة و الجمعة كيوم و اليوم كساعة و الساعة كاحتراق سعفة"
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه:--
"إذا تغيرت نية السلطان فسد الزمان"
"اَلدَّهْرُ يَوْمانِ: يَوْمٌ لَكَ، وَ يَومٌ عَلَيْكَ، فَإذا كانَلَكَ فَلا تَبْطَرْ، وَ إذا كانَ عَلَيْكَ فَاصْطَبِرْ "
و الدهر هو النازلة. و الإشارة إلى النازلة بكلمة الدهر هو مجاز عرفي بسبب شيوع أخلاق الكنود عند الناس، لأن النعمة من الدهر أيضا، فينسون النعمة و يذكرون النقمة.
الزمان أطوار المحدث،
و الدهر قضاء الله تعالى و قدره.
الزمان أطوار المحدث، أي جملة العالم الأكبر أو جزء منه أي الذرة أو مجموعة شمسية، أو مجرة، أو مختصرات العالم الأكبر أي الكائن الحي، المفردات مثل الباكتيريا و الأميبا أو المركبات و هي الشجرة و الحيوان و الإنسان.
الزمان نظام من الأطوار أو الأحوال يخص المحدث، يعيشه و يشعر بحاله، بينما الدهر أمر خارجي.
"أَلا إِنَّ الزمانَ قد اسْتَدارَ كهيئته يومَ خَلَق اللهُ السمواتِ والأَرضَ"
ما شيء غير السموات و الأرض و مخلوق قبلهما و له حركة دوران أو لف؟ قال تعالى: "وسع كرسيه السموات و الأرض"
و استدارة الفلك أو الزمان نظام يعيشه الكون، و ليس أمور خارجه عنه، أي ليست أقدار نعم أو نقم تنزل به.
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "إذا تَقارب الزمانُ لم تَكَدْ رؤيا المؤْمن تكذب"، و قال عليه الصلاة و السلام: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كشهر و الشهر كجمعة و الجمعة كيوم و اليوم كساعة و الساعة كاحتراق سعفة".
و تقارب الزمان هو تسارع الأحداث في نفس الانسان و أفقه، النبي لا يتكلم عن شيء خارجي، أي لا يصح الفهم من قوله أن الحركات الثلاث لكوكب الرض مثلا نبض (زلازل و براكين) أو دوران أو لف سوف تزداد سرعة.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "اَلدَّهْرُ يَوْمانِ: يَوْمٌ لَكَ، وَ يَومٌ عَلَيْكَ، فَإذا كانَلَكَ فَلا تَبْطَرْ، وَ إذا كانَ عَلَيْكَ فَاصْطَبِرْ "
و الدهر يومان دائما سواء تقارب الزمان أو تباعدت أحداثه.
تقارب الزمان و امتداد الزمان معنى واحد
فكرة تقارب الزمان النبوية لا تزال مجهولة غير مفهومة، و جاء الفيلسوف آينشتاين بنفس الفكرة تحت اسم جديد هو امتداد الزمان، و يبدوا أنه بدلا من خدمة الفكرة و توضيحها، قد زاد في غموضها و وهم استعصاءها على فهم الانسان العادي.
مسألة من الفيزياء القديمة: سيارة يمكن أن تقطع مسافة الخمسة و أربعين كيلومترا بين صيدا و بيروت بنصف ساعة، و باص يتطلب لقطع نفس المسافة مدة مضاعفة مرتين أي ساعة.
لكن علم النفس يمكن أن يتدخل و يجعلها من مسائل الفيزياء الحديثة!! كيف؟؟
امتداد الزمان إذا لم يقم علم النفس أو الاجتماع بتوضيحها و تيسيرها للفهم، ستبقى مجهولة و غامضة، بسبب عجز علماء الفيزياء عن شرحها، و ربما بسبب غموضها حتى بالنسبة لهم، أو بسبب ميلهم إلى إثارة دهشة الناس و اعجابهم، و استعلاء شأنهم عن طريق تثبيت و هم صعوبة أفكارهم. لكن احتمال قصور عقولهم و أنفسهم عن فهم فكرة تقارب الزمان أو امتدده بوضوح هو السبب الأرجح.
الموضوع يصير من مسائل الفيزياء الحديثة على أساس العلم بما يلي من حقائق تبدو من المفارقات المستحيلة: بعض ركاب السيارة البطيئة يحتمل أن يشعروا أنها سيارة سريعة، و البعض في السيارة السريعة يحتمل أن يشعروا أنها سيارة بطيئة.
نفترض أن بعض ركاب الباص يقصدون بيروت للنزهة، و أنهم يعتبرون السفر بالباص من ضمن النزهة بسبب بطئه بالذات و أيضا لارتفاعه الذي يمكنهم من الاطلاع إلى مدى أبعد، و سعته و كثرة الرفقة من الناس و الأطفال التي تشبع الجو بالبهجة و الأنس. إن هذا البعض من الركاب ربما شعر بأن حركة الباص يعيبها استعجال سائقه، و ربما نقموا على السائق بسبب امتناعه عن الاستجابة لطلبهم التوقف لشراء بعض المشروبات و الطعام، أو أخذ الصور في بعض المواقع الجميلة.
و بعض آخر ربما كان يريد أن يتعثر الباص بزحمة خانقة مثلا، حتى يتأخر ساعة أخرى زيادة أو حتى أكثر، لسبب معاكس، ليس أنه يقصد بيروت للنزهة، بل بالعكس بسبب كراهته الذهاب إلى بيروت، ربما ينتظره امتحان صعب عليه في إحدى الجامعات، و هو متيقن من الإخفاق و يخفي عن أبويه ضعف استعداده و يريد لو يطول زمن السفر إلى بيروت حتى يمنع المشرفون دخوله قاعة الامتحان ، و بذلك ينقذ نفسه من افتضاح تقصيره في الدرس.
بالنسبة للسيارة السريعة، لا تنعدم الأسباب التي تجعل بعض الركاب يشعرون ببطئها. و ربما نفس الركاب الذي عابوا على سائق الباص البطيء تسارعه، لو وجدت هذه الأسباب عندهم و هم ركاب السيارة السريعة، كانوا سوف يشعرون بأن سائق السيارة متهيب و بطيء السواقة.
خلاصة الكلام في تقارب الزمان و تباعده:-
إن مدة ساعتين يمكن أن تتساوى مع مدة ربع ساعة، بالنسبة لنفس الأشخاص إذا اختلفت أسباب سفرهم من صيدا إلى بيروت.
أي حركة الباص الذي يقطع الطريق إلى بيروت في ساعتين ستبدو عادية أو مقبولة لا سريعة و لا بطيئة لأسباب معينة. و حركة السيارة التي تقطع نفس الطريق في ربع ساعة أيضا ستبدو عادية و مقبولة لا سريعة و لا بطيئة لأسباب معاكسة.
نفس الأحداث في الحلم تأخذ وقتا قصيرا جدا،
مقارنة مع ما تتطلبه من وقت في اليقظة.
من منتديات يا حسين... قال الإمام علي بن أبي طالب رضي اللهعنه- : بينما نحن في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه- إذ رأيتُ في المنام كأنيأصلي الفجر خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم. فلما فرغنا من صلاة الفجر، خرجت منالمسجد، فإذا امرأة واقفة بباب المسجد و بيدها طبق فيه تمر.
فقالت لي: يا علي خذهذا الطبق وقدمه لرسول الله عليه الصلاة و السلام،
فلما قدمته لرسول الله فيالمنام وضع يده الشريفة في الطبق وأخذ تمرة فوضعها في فمي، فلما شعرت بحلوطعمها.
قلتُ: زدني تمرة أخرى يا رسول الله.
و لكني استيقظت قبل أن يزدني،استيقظت و مؤذن الفجر يؤذن في مسجد رسول الله عليه الصلاة و السلام، استيقظ علي رضيالله عنه- من المنام، وذهب ليُصلي الفجر خلف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللهعنه-.
قال علي رضي الله عنه-: فلما فرغت من الصلاة خرجت من المسجد، فإذا امرأةواقفة بباب المسجد، و بيدها طبق فيه تمر.
فقالت لي: يا علي أعطِ هذا الطبق لأميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فلما أعطته التمر أخذ تمرة، و وضعها فيفمي، فشعرتُ بحلو طعمها.
قلتُ: زدني تمرة أخرى يا أمير المؤمنين.
فقال لي عمربن الخطاب رضي الله عنه- : لو زادك رسول الله لزدتك.
فتعجب علي بن أبي طالب رضيالله عنه- من قول عمر بن الخطاب و قال: يا أمير المؤمنين أهي رؤية رأيتها أم غيباطلعت عليه؟!
فقال أمير المؤمنين: ما هي رؤيا و لا غيب، و لكن المؤمن إذا أخلصقلبه لله يرى بنور الله.
نفس الحدث صار في الحلم ثم صار في الواقع، لكن في الحلم لا يتطلب أكثر من بضعة ثوان، أما في الواقع فهو بداهة يتطلب وقتا أطول، و في الحالتين كانت وتيرة الحدث عادية المدة.
ما يعنى أن نفس الحدث ، أي صور الحلم لم تكن متسارعة رغم قصر المدة، و صور الواقع لم تكن متباطئة رغم طول
يعيشه نفس الإنسان، يتطلب مددا من الزمان متفاوتة غير متساوية.
قاعدة: كلما شرف الشيء من الانسان كلما كان زمانه أبرك، و الأبرك زمانا أي الأطول آنا هو اسم الله أو الكلمة التامة المنقوشة في القلب.
الشيء الشريف من الإنسان مبارك الزمان،
إذا اشتد يؤثر و يفعل فيما سواه.
الجزء من الإنسان الذي ينضج و يشتد يستأثر بمعظم الوعي، و يحيل بقية أشياء التكوين الانساني إلى مماثلته، بل أيضا يحيل موضوعاته المقتنيات من أفكار و صور و أموال، و حتى الكائنات غيره. إلى محدثات مباركة الزمان، بسبب توفر القابلية في كل شيء للتسامي.
الزجاج ليس سوى رمل ارتفع، و أيضا الماس هو أصلا كان فحما، و كل شيء معتم قابل للارتفاع أي ليصير قارورة شفافة منفذة للضوء، قال تعالى: "وَ يُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَ أَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا # قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا"، و جسم الانسان من عظم ودم و لحم و شحم قابل للارتفاع، أي قابل لمحاكاة الروح أو النقشة في شفافيتها و احتجابها عن الحس، و النقشة في الفرد من الناس أو الأمة يحدثها الله تعالى تامة من فورها، لا تحتاج للتنامي حتى تتم كالأشياء. و كل رسول هو إمضاء إلهي أو توقيع اسم الله في سقف جماعة الأمة المسمى خليقة، أي سلطان قدرة أو سلطان حجة. قال تعالى في شأن المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام: " إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رَافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَ جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "، و الرفع إلى الله عز و جل ليس قطع مسافة، بل ترقية حقيقة المرفوع. الله تعالى مستور ممتنع عن الحواس، و الرفع إليه يكون بالستر، و الستر ليس بغطاء، لأن الغطاء ليس مستور، و يخبر عما يحتويه، لكن الشفافية ستر.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "تمام البدن إلى 22 سنة، و تمام العقل إلى 28 سنة".
النوى تنفعل لزمان الرسول الأطول آنـًا،
و تثمر بلحا بعد ساعة.
المعجزة ليست خرقا لسنة الله، أو لقانون طبيعي، بل هي فعل جزء من تكوين الولي أو النبي أو الرسول، نظير هذا الشيء الشريف في معظم الناس يكون خاملا، فليس الولي سوى إنسان أنشط ما فيه هو اسم الله المنقوش في قلبة، ما يجعله كله حكما و كأنه اسما إلهيا، و عند استقرار وضع غلبة الاسم في المزاج على حضور خبرات الأشياء الستة من العالمين الملكوت و الملك أي الروح و العقل و الأنفس الأربعة الكلية و الناطقة و الحيوانية و النباتية، و مقتنياتها، يستطيع الإنسان أن يفعل أمورا طبيعية عادية بالنسبة للكلمة التامة أي الاسم الإلهي، تبدو لمعظم الناس خوارق و معجزات.
الرسول كلمة إلهية، و الكلمة الإلهية سواء العالمية أو الجماعية الأممية أو الشخصية التي تخص الفرد من الناس، هو تامة فور حدوثها و لا تحتاج للتنامي، بينما البدن و العقل، يصف تطورهما قول الله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَ شَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ "، و الذي لا يبدأ وجوده بضعف، لا ينتهي بضعف و شيبة، أي تبقى كلمات الله التامات و رسل الله مستصحبة القوة الدائمة.
زرع رسول الله نوى تمر في فلاة من الأرض، و عندما سأله عمه و متى نأكل منها يا رسول الله، ابتسم الرسول و قال الساعة. و رجع المسلمون فوجدوا النوى قد صار شجرا مثمرا. كما أن النخل مخلوق تاما ابتداء.
هنا الزمان ليس فقط متقارب، بل أكثر إن أحداثه أو أطواره مجتمعة في آن واحد.
و هنا الزمان المجموع ليس فقط إيقاعا يلزم صاحبه فقط، بل يصير زمانا مجموعا متعديا، يشمل غير صاحبه من الكائنات، فيجمع زمانها، أو أطوارحياتها العادية في طور واحد متسارع الأحداث للغاية.
الأموال المختلفة تقصر آن المالك المرتهن لها. ثم يكون تعويض اضطراري باستطالة الآن الشخصي.
اضعف ما يكون الانسان أو الشيء حالا و تأثيرا هو عندما يرتهن لمقتنياته، من عقل مستفاد أو أفكار أو صور خيالية أو أموال مادية، حتى لو كان المقتنى شريفا أي عقلا مسموعا أي عقيدة أممية أو مذهبية، باعتبار أن شعور الإيمان هو المهم و هو المعنى، بينما العقيدة لا تزيد عن مبنى بمكن تقشير الانسان منها أو تحسينها و تجديدها باستمرار أو هذا هو المفترض على الأقل، إذ أن المعرفة بالله سبحانه و تعالى التي هي: "أول الدين معرفته"، لا تتم أبدا، و لا تصح أبدا. و لو مارس الانسان تحسينها ألف سنة، إذ تبقى حقيقة الله سبحانه و تعالى يصدق عليها قول الرسول صلى الله عليه و آله و سلم: "كل شيء في بالك فهو هالك، و الله غير ذلك".
عندما يضطر إنسان لتسخير شيء من ذاته لتأسيس موضوع، فإن زمانه يتباعد، أو بتعبير فلسفي زمانه تتقاصر آناته، يضطر إلى التباطؤ بالنسبة إلى وتيرة ايقاعه المعتاد،
عندها يكون أشبه بالموظف الذي ينفق راتبه كله في الشهر، و اضطر في أول عشرة أيام لسبب ما إلى التقتير و البخل، في العشرة التالية سيضطر ايضا إلى سيرة معاكسة، أي التوسعة على نفسه و أهله فوق المعتاد لدرجة الإسراف و التبذير، و في العشرة الأيام الأخيرة يستعيد حال الانفاق الاختياري أي السماحة و الاقتصاد في الإنفاق.
أي الإنسان الذي يكلف نفسه الاجتهاد في موضوع يعيش أولا حالا سلبيا، بسبب تباطؤه و هو يؤسس الموضوع يشعر بالسلفية أو الرجعية أو الماضوية لا فرق، ثم ينتقل آليا و غصبا عنه إلى عيش حال معاكس إيجابي، فيه السيطرة تكون للذات على الموضوع، و هو حال تعويضي، مقابل التباطؤ يختبر الإنسان حال التدفق و الحدس و الشقشقة و المعنى واحد، و يشعر و هو يتعسف في استغلال موضوعه بالتقدمية أو المستقبلية، أي يتقارب زمانه أو يمتد لا فرق، و يكون وعيه متجها إلى ما هو آت من الأحداث و يمكنه التوقع حسب عقله، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "ظن الرجل على قدر عقله".
لكن بعد تجاوز الحالين الاضطراريين، أو يمكن تسميتهما بالشطرين السلبي و الإيجابي من الحال، يدخل في طور الملكة أو الرسوخ في العلم أو المهارة، و الملكة يصحبها الشعور بالحاضر أو الحداثة و الجدة، بسب اعتدال الزمان و توسطه بين التباعد السلفي و بين التقارب التقدمي.
و الزمان الحاضر يخصه توفر حرية الانسان و فرصة الاختيار، و انصاف الموضوع من الذات التي كانت تستغله تعويضا لها عن سابق تسخير نفسها في تنميته، فتكتفي الذات باستعمال موضوعها دون استغلاله، أي تستعمله لصالحه و صالحه، تستعمله مع مراعاة معطياته، بينما في الشطر السلبي من الحال يكون الانسان عرضه للاختراق قابلا للاضطهاد، و في الحال الإيجابي أيضا تنتفي فيه الحرية و الاختيار رغم ما يبدو من ظهور و بسطة و وقاحة، في علاقة الانسان الايجابي مع الآخرين. لكنه الانفجار الذي يحدث آليا و اضطرارا، و يكون صاحبه عاجزا عن الامتناع عنه، و الامساك بنفسه أو التحفظ و التورع على الأقل.
هنا السلفية و التقدمية و الحداثة لا علاقة لها بمعاني الأصولية الاسلامية و العلمانية الاشتراكية، بل هي مجرد مشاعر زمانية يعيشها مطلق إنسان من أي عرق و أية أمة و أي بلد.
ليست بالغريبة فكرة امتداد الزمان، و لا عديمة النظائر، حتى....!!!
ليست بالغريبة فكرة امتداد الزمان و لا عديمة النظير، حتى تثير العجب، و توهم بقصور العقل و الفهم عن استيعابها، حتى لو جهل الناس أن الحلم قصير عمره جدا، لا يتعدى عشرات الثواني، بعض الناس جربوا في الأحلام عيش أحداث ربما تتطلب مدة تفوق ساعات النوم، و هذه الحقيقة تعطي فكرة مباشرة عن تقارب الزمان أو امتداده.
أما نظير تقارب الزمان و امتداده فهو تقارب المكان و امتداده، و هي حقيقة يعرفها جميع الناس لكن يغفلون عنها، أليس أن أفق البصر الدقيق يتسع للجبل الضخم، الذي يحتاج إلى حيز كبير جدا من المكان، بينما في أفق البصر لا يحتاج إلا لحيز دقيق جدا، أصغر كثيرا جدا حتى من حجم ذرة النمل.
أيضا يمتد الجوهر، كأن يستحق قيمة تجارية كبرى، الجميع يعلم أن الذهب يساوي أضعاف مضاعفة كثيرة جدا، ما يساوي ثقله من النحاس.
و من امتداد الجوهر كثرة كمية الشيء من الملكوت، أو جودة كيفية الشيء من الملك، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "كيفية الفعل تدل على كمية العقل".
لا يلتقيان الشريعة و الفلسفة عندما تفسد الفلسفة و تتشبع بالجهل و الجاهلية
من هذيان أصحاب آينشتاين:---
- النظريةالنسبية تقول في السرعات العالية و القصوى القريبة من سرعة الضوء, الزمن يقلفيها حقيقة
-
- لو فرضنا مركبة فضائية تسير بسرعة 200 ألف كم/ث و في داخل هذهالمركبة شخص وبجواره ساعة حائط وعنده تلسكوب, وشخص في الأرض عنده تلسكوب وبجوارهساعة حائط, الشخص الذي في المكوك يراقب الشخص الذي في الأرض, سوف يرى أن هذاالشخص حركاته سريعة وساعة الحائط تسير أيضا بسرعة, و عندما يتصل رائد المكوك علىالشخص, يقول له لماذا حركاتك سريعةو ساعتك تمشي بسرعة, يرد الشخص على رائدالمكوك, الأمور كلها طبيعية عندي و حركاتي ليست سريعة و ساعتي تتحرك بانتظام و ليستسريعة.
عندما يراقب الشخص الذي في الأرض الشخص الذي في المكوكفسوف يرى أنحركاته بطيئة وساعته تسير ببطء شديد, و عندما يتصل على رائد المكوك, و يسأله لماذاحركاتك بطيئة وساعتك تسير ببطء, يجيب رائد المكوك الوضع عندي طبيعي وحركاتي ليستبطيئة وساعتي تسير بانتظام, تقول النظرية أن الزمن يختلف فعليا حقيقتا بين الزمنعند رائد المكوك وبين الشخص الذي فيالأرض, فالمكوك و ما بداخل المكوك كله يسيربسرعة واحده و لذلك الزمن بداخل المركبة واحد و رائد المكوك لا يشعر بذلك أنكله يسير بزمانه.
- السؤال لماذا تحدث هذه الظاهرة ما السر في أن الزمن يقل حقيقتا و اقعافعليا,
-
- و هناك نكتة علمية على هذه النظرية , وهي أن توأمان أحدهما ركب مركبة فضائيةوالأخر بقي في الأرض, و سارت المركبة الفضائية بسرعة مقاربة لسرعة الضوء إلي هيحوالي 300 ألف كم/ث و رجع بعد خمس سنوات مثلا حسب ساعته, ثم نزل ليرى الأرض قد مضتعليها خمس وعشرين سنة و هو رحلته استغرقت خمس سنوات ثم ذهب لأخيه إذ يراه قد أصبحأكبر منه ب20 عاما .
نقاط الضعف الرئيسة في النظرية النسبية:
1. اعتبارها سرعة الضوء مشترك بين جميع الكائنات من جماد و حي و دقيق ضخم،
2. قصر الحركة على جنس واحد هو الانتقال.
3. ظنها أن الشعاع من الضوء ثابت السرعة، صحيح أنه يقطع المسافات و ينتقل 200 ألف كم/ث بسرعة لكن ماذا عن سعة الموجة؟ طول الموجة ثابت و المسافة المقطوعة ثابته، لكن لسعة الموجة حد معتدل متوسط، ازديادها يعنى حال إيجابي و نقصان السعة يعنى حال سلبي. لشعاع الضوء الأخضر مدى نشاط و خمول فوق التسعين درجة، لا يتساوى الشعاع المدهم أو الغامق مع الشعاع و الفاتح و الباهت، بمجرد تساويهما في طول الموجة. الشعاع الأوسع موجة هو الشعاع الأسرع حركة. و الشعاع ينتفي في موجته السعة، يعني أنه شعاع خامل أضعف من أن يحسه البصر، و لو ازدحم و كان معه فئته لايزرا.
4. الخلط بين حركات الكائنات، نسبة حركة المركبة أو الكوكب إلى الراكب. الأعلى يؤثر في الأدنى، (الرسول في النخلة جعلها تامة النمو من فورها)، لكن و سيلة النقل سواء السريعة أو البطيئة لها تأثيرات مختلفة و ربما متناقضة، حسب الظروف في نفس الراكب، أي لكل منها ثلاث تأثيرات، أي ربما اتفقت تأثير المركبة السريعة و تأثير المركبة البطيئة حسب ظروف نفس الراكب.
5. الحركة ليست فقط انتقال، لليد حركة، و الكاتبة الآلية أو الكهربية أو الحاسوب وسائل جنس مختلف من الحركة غير الانتقال، و حسب ظرف الكاتب ربما شعر بالسرعة لحركته باستعمال الكاتبة البطيئة الآلية، و ربما شعر ببطء حركته في الكتابة باستعمال الحاسوب السريع الاستجابة.
6. تشويه العلم إشباعه بشوائب خرافية، الأغنياء ليست أعمارهم أطول من أعمار الأغنياء، أو لا يبدون أكثر صبا و شبابا من الفقراء، رغم أن الوسائل السريعة الحركة في الانتقال و في الكتابة و في الاتصال، الخ. متوفرة لهم حسب مطلبهم.
7. إن الشيء قد يتجاوز حده من السرعة، و أيضا حده من السكون، (يميع بعد سيلان، يجمد)، لا يوجد سرعة قصوى لا يمكن اختراقها، و لا يوجد حد سكون أدنى لا يمكن الانحطاط دونه، الكسل أدنى من السكون، و التوتر و التهور أعلى من السرعة القصوى. : "ثمرة العجلة التعثر"، لأن العجلة تجاوز حد السرعة القصوى لذا يكون تعثر و اضطراب.
8. إهمال أو العجز عن الانتباه إلى نظائر ظرف الزمان، من مكان و معدن قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "ينزاح الجبل من مكانه و لا تتغير أخلاق الرجل". المكان المعروف هو أفق المادة أو العضو، لكن أفق البصر مكان أيضا و هو يستوعب في الحيز الضيق أضعاف مضاعفة جدا جدا، ما يستوعبه المكان العضوي في الحيز الضخم، و الذهب مثقال منه يستوعب من القيمة أضعاف مضاعفة ما يستوعب مكافئة وزنا من النحاس.
9. جهل النظرية النسبية بالكائنات التي تفوق سرعتها سرعة الضوء، مثلا سيدنا جبريل عليه السلام و البراق.
10. حتى لو سافر الإنسان بمركبة فضائية سرعتها عشرة أضعاف سرعة الضوء سيجدها بطيئة، لا تسايره، إذا كان يقصد أقرب نجمة إلى شمسنا، كيف لو كان يقصد السفر إلى نجمة أبعد.
11. مهما تفاوتت حركة الإنسان في أي عمل بين سرعة و بطء، هو في المحصلة لا يتجاوز حده، كل إعاقة و تباطؤ يعوضه لاحقا بتسارع و استعجال.
12. ربما يكون لسرعة الحركة و بطئها تأثير في كمية البدن، ترهل بدانه، امتلاء، نحافة، نحول. لكن لا تأثير لهما في إطالة الصبا أو التعجيل بالشيخوخة، و لا في تطويل الأجل أو تقصيره.
السؤال لماذا تحدث هذه الظاهرة ما السر في أن الزمن يقل حقيقتا و اقعافعليا؟
تساؤل أصحاب النسبية، مرجعه إلى أنهم ضللوا أنفسهم باعتبارهم سرعة الضوء أمر مشترك بين جميع الكائنات، و بداهة طالما هم في ضلال يستمر الجواب ممتنعا عليهم.
كان اليونان تقول: "الإنسان مقياس الأشياء"، و هم جعلوا الضوء الجماد مقياس الأشياء و الإنسان أيضا. الزمن يقل، يقل عندما يمتد أو يتقارب أو يتطاول بمعنى أن القليل من آناته أو مدده المتناهية القصر، تتسع لأحداث أكثر، أي لأحداث تتطلب كما أكثر من الآنات في حال تقاصره.
ليس المقصود بتقارب الزمان أو امتداده أن الكاتب يطبع كلام أكثر في الدقيقة كلما ازداد مهارة، بل إن المقصود أن أمر قياس المدة التي تتطلبها طباعة صفحة مثلا، سواء طبعها بسرعة أو ببطء، متوقف على الكاتب وحده، فقل إنسان مقياس نفسه، في موضوع امتداد الزمان و قصره، الناس فقط يقيسون سرعة حركة الطباعة و بطئها أم قياس الزمان أو طون الآن منه، فهو سر، أي شعور لا يتسع الحرف له للتعبير عنه، الحرف يتسع لفكرة أو صورة خيالية، لكن لا يتسع للمعرفة و الشعر، و الأمر متوقف على صبر الكاتب أيا كان ماهرا أو مبتدئا و يتوقف على أناته أو على عجلته و تهوره.
بناء على ما تقدم يمكن أن نفهم أن الانسان حتى المبتدئ البطيء في أي عمل طباعة صفحة من الكلام مثلا على الحاسب، سوف يعيش حال طول الزمان و امتداده، إذا قانعا راضيا عن نفسه و قانعا بالمستوى الذي اكتسبه مستمتعا بالممارسة واعدا نفسه بمواصلة الاستعداد لتحسين عمله و زيادة سرعة حركته. و ليس محتاجا للسفر بسفينة فضائية قريب سرعتها من سرعة الضوء، حتى يدرك معنى امتداد الزمان، و ربما توفرت له هذه الفرصة لكنه لو كان يقصد السفر إلى أقرب نجمه، فإنه بسبب بعدها سوف يعيش حال تقاصر الزمان و ليس امتداده، لشعور نفسه بداهة بأن هذا السفر يتطلب سفينة تفوق سرعتها سرعة الضوء بعشرات الأضعاف إن لم يكن بالمئات وحتى بالآلاف.
تعمق أبعد في معنى تقارب الزمان
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "بين يدي الساعة يتقارب الزمان، فتكون السنة كشهر و الشهر كجمعة و الجمعة كيوم و اليوم كساعة و الساعة كاحتراق سعفة"
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "إني لأربأ بنفسي أن يكون زمان أطول من زماني"
تقارب الزمان لا يعني فقط الظاهر من هذا التقارب أي استعمال الأجهزة سريعة الإنجاز، مثل السيارة أو الطائرة التي تجعل حركة السفر سريعة جدا، و مثل الحاسب الذي يساعد على انجاز الكتابة و النسخ و خاصة النسخ بسرعة كبيرة، فيغني عن آلاف الجواري الناسخات، بالإضافة إلى توفيره الجودة المتناهية في النسخة.
في حديث تقارب الزمان أي تسارع أحداثه، و إلى تسارع وتيرة الحياة في الخارج إشارة إلى تقاصر الزمان. فلم يعد أحد يطيق بطء وسيلة النقل حتى لو كان في نزهة.
أي الناس الذي كانوا يسافرون اعتمادا على الحيوان و الحنطور، كان زمانهم أطول، لم يكونوا يجدون النهار كله مدة طويلة على السفر من مدينة إلى أخرى لا تستغرق الآن أكثر من نصف ساعة بالسيارة.
مرض سيدنا أبو حنيفة فعاده جاره اليهودي الذي يسكن في دار فوق دار الإمام، فوجد أهله يضعون أوعية لجمع الماء المتساقط من دار اليهودي، فخجل اليهودي و سألهم منذ متى و أنتم تصبرون على الأذى مني و لا تشتكون، قالوا منذ ثلاثين سنة، تأثر اليهودي جدا فأسلم.
كان سيدنا أبو حنيفة طويل زمانه ممتدا، كم يصبر الجار الآن على أذى جاره صبرا جميلا من غير أن يعاتبه أو يلومه أو حتى يخاصمه و يرفع عليه قضية. قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "بل أقل ما أوتيتم الصبر و اليقين"
لكن الذي زمانه يطول يبتدع من الاساليب و الوسائل ما يعين أصحاب الزمان القصير، فينجزون العمل أو التفكير بسرعة، و بذلك يعفيهم من عذاب الاضطرار إلى استئناف الأشغال بعد نفاد أزمنتهم القصار قبل الانتهاء من انجاز المهمات.
الشعور بطول الزمان يصحب الانسان المجتهد أو المخترع أو الحاكم بديع السياسية في الحال الإيجابي، الذي يمتاز بتدفق الاجتهادات و المشاريع التنظيمية و القرارات الحكيمة المبتكرة و الاقتراحات، الخ.
و ربما طال زمان إنسان حتى بلغ الغاية من الاقتدار الانساني على الإبداع بأقصى سرعة و مهارة حتى يقترب إلى أن يجد أن أثره لا يتطلب منه زمنا حتى يحدثه، لكنه بداهة هو شعور زائف أو وهم، باعتبار أن الله سبحانه و تعالى وحده لا تصحبه الأوقات، و لا يتطلب منه استحداث شيء وقتا ما، قال تعالى: "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون".
العيش خارج الزمان: سرمدية وهمية سلبية أو إيجابية
ما هي السرمدية أو الخلود، إنها تعني انتفاء الزمان أو نفاده، و كأن الحدث مهما عمره يكون قصيرا لا يجد زمانا يستظرفه، و السرمدية الايجابية تعنى طلاقة الزمان، و هو حال يشبه من يملك مئات المليارات من سبائك الذهب، يشعر بداهة أن لا يشيء معروض للبيع إذا اشتراه يمكن أن ينقص من ثروته مقدارا جديرا بالذكر، كذلك السرمدية أو الخلود الإيجابي، إنه يعنى أن أي مهمة شاغلة عملية أو علمية أو فنية، الخ. لا تأخذ من وقت الانسان السرمدي شيئا و هو ينجزها. يشعر أنه يمتلك مهلة مفتوحة، و ليس ما يدعوه و يضطره للاستعجال.
بداهة السرمدية السلبية يعيشها و يشعر بها من يعاني من شيء فقر أو سجن أو مرض، الخ. بعد أن يفقد صبره و ييأس من الخلاص و يتوهم استمرار المصيبة إلى الأبد.
قال تعالى: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَ لاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"
الدين ينقذ البائس يعينه على مهمة تطويل زمانه فلا ينفد، و ينقذ المقتدر المغتر من تسلل وهم الخلود إلى نفسه.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه: "كفى بالاغترار جهلا"
السرمدية السلبية و هي عيش وهم استمرار المصيبة بسبب اليأس و نفاد الصبر و الرجاء و الثقة بالله تعالى، هي خارج الزمان بمعنى أنها أدنى دركا من انتفاء الزمان و ابتداء الحراك، و السرمدية الإيجابية أيضا هي خارج الزمان هي وهم تجاوز حد الزمان الأطول، و هذا الوهم يصحب التدفق أي الحدس أو الشقشقة، و ظن الانسان بنفسه قدرته على عمل أي شيء و فهم أي مسألة، الخ. رغم أن العجز و القصور يلزم هذا الحال الكريم، إذ عندما يتدفق الانسان أي شيء فيه خياله أو فكره أو خياراته أو عمل يده، يكون عاجزا عن اللحاق بنفسه، و كبح جماحها، أشبه بالحجر الساقط من السماء، يمتلك السرعة و لا شيء يعترضه، لكنه رغم هذه القدرة المتكاثرة عاجز عن السكون او التمهل و التأن. و هذه الحال تشبه حال الانسداد، أي العجز التام عجز العقل أو النفس أو الخيال أو اليد عن البدء و الاقلاع، لا عن تعب، بل رغم توفر الراحة، بل بسبب الخمول و الكسل القريب من الشلل. أو بسبب الذهول من الصدمة.
الحريات اعتدال الأزمنة،
أي توسط حركات الأفلاك الشخصية بين العجلة و بين التوان.
الأزمنة أحوال الإنسان يعيشها و يشعر بها، إلا الأحوال الخارجة عن الحد، حد البشرية، كالبحر لا يشعر بزمان و مكان و لا حقيقته في حالتين، حالة يهمد فيها أو يتموج موجا ضعيفا لا يكاد يعلو أو ينخفض فوق أو دون مستواه و هو ساكن، و حالة يتموج فيها موجا كالجبال، في الحالتين يخرج عن طوره، و يفقد أدنى سيطرة على نفسه.
الانسان كائن مؤلف من مفردات كثيرة كلمة إلهية و روح و عقل و أربع أنفس كلية أو جزئية و حتى مقتنياته من عقائد أممية و مذهبية و رأسمال آلي منطقي أو مالي أو خيالي و أموال و أفكار كلها تعتبر من جملة تكوينه، و إن كانت مكتسبة و منفصلة عن ذاته، أليس ريش الطائر و خف الناقة و خياشيم السمكة من ذاتها، هي أموال أيضا لكنها مواهب و منن متصلة بالتكوين.
و كل نفس شقان مثلا الشجرة شق هو بطن نام و شق هو فرج نبات، و كل شق له خمس قوى، الجهاز الهضمي مثلا قواه الخمس هي الجاذبة و الدافعة و الهاضمة و الماسكة و المربية، و كل قلب أو نفس أو قوة لها زمانها، قال تعالى: "كل في فلك يسبحون"، القوة الماسكة مثلا يرتخي فلكها فتصاب بمرض الاسهال، و يشتد فلكها فتصاب بمرض الإمساك. و بعض الإسهال الامساك يتطرف و يستحكم حتى يلجئ المريض إلى الطبيب لعلاجه. و حتى يتحرر الانسان أي يتمكن من انقاذ نفسه من الأذى، بالسيطرة على هذه المفردة من ذاته أي قوة الإمساك لا بد أن يكون فلكها الجارف لها معتدل الفعل لا سريع و لا بطيء.
بداهة أخطر الحريات المفقودات هي حرية الروح، أسوأ الفقد لحرية الروح هو عيش حالان يتجاوزان حدود البشرية و هما الغيبوبة أو اليقظة المستمرة، و أدنى منهما سوءا حالان متطرفان تستوعبهما الانسانية و هما حد أعلى هو الهم و القلق و النوم الخفيف، و حد أدنى هو الكسل و التوان و النوم الثقيل، بينما الروح معتدلة الزمان أي معتدلة سرعة حركة الفلك، هي التي صاحبها ينام في الضجة عميقا، و يستطيع أن يستيقظ من تلقاءه في الدقيقة التي عزم أن يستيقظ فيها.
قال تعالى: "في صورة ما شاء ركبك"، تركيب الانسان في صورة يشبه تركيب حبات العقد في سلك، السلك هو الصورة و الحبات هي الجسم، الصورة هي الفلك الخيالي الفاعل، و الجسم هو المادة الخشنة المتحركة المطاوعة المنفعلة.
الفرق بين المهذب و بين الأرعن سيء الخلق، أن المهذب يعتني بنفسه يتعدها بالاستصلاح و التعلم و التصبر على عبادة الله و طاعته، بينما الأرعن هو متخاذل متخل عن نفسه يداهنها و لا يحاسبها و لا ينقد عيوبها، التي بقدر ما تشينه بقدر ما تصادر من حريته و اختياره.
الرعونة التي تصحبها خسارة الحرية ليست قاصرة على النفس بل ربما كان العقل أرعن و النفس الناطقة رعناء. بل إن التصوف الذي هو أسمى و أعمق حياة يمكن أي يعيشها الانسان لا يخلو من الرعونة، و ليس ديوجين اليوناني أو نيتشة الألماني سوى صوفي أرعن، أوحى الله لوليه عبد الجبار النفري قدس الله سره: "من فوض إلى في علوم الوقفة، فإلى ظهره استند، و على عصاه اعتمد."
ليس امتناع أهل الكتاب و سواهم من أمم الناس عن الاستجابة لدعوة رسول الله محمد صلى الله عليه و آله سلم سوى رعونة عقل أفقده التعصب حريته، و تخاذل و ارتهن إلى عقل مستفاد الذي افسده فلاسفة عصاة، : "مرجعهم أنفسهم" لا كلام الله عز و جل.
لكن العقل المطبوع هبة من الله يعيش زمان ضعف، فلا يستطيع التعصب بل يشك في العقل الأممي الموروث من السلف الضال، فما يمنع صاحبه من الالتحاق بأمة الإسلام؟
قال تعالى: "وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ # فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ # وَ جَحَدُوا بِهَا وَ اسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ".
الجحود المبالغة في الانكار، و لا يشترط الصدق فيه، إذ يجوز أن ينكر ما يعلم صدقه، بل و ما هو متيقن منه.
ليس من تفسير سوى عيش حال الانجراف أي فقدان حرية الاختيار، إما بسبب حال سلب أو حال إيجاب، تباطؤ أو تسارع فلك النفس أو فلك العقل، أي استطالة الوقت أو "آن فلك ما" أو تقاصره المفرط.
يتقبل العقل و تكابر النفس، فينتج الجحود، أو تتواضع النفس و يتعصب العقل و النتيجة واحدة في الوضعين.
00000000000000000000000000
ما تقدم من كلام في الدهر و الزمان يكفي للآن، و سوف يتبعه الكثير من المقالات إن شاء الله تعالى.
و هذه باقة من الأحاديث الأهلية لمن يستطيع إطالة نفسه أكثر، و يريد تجربة قدرته على التمييز الصعب..
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه:--
"اَلدَّهْرُ ذُو حالَتَيْنِ: إبادَة وَ إفادَة؛؛؛ فَما أبادَهُ؛ فَلا رَجْعَةَ لَهُ، وَ ما أفادَهُ؛ فَلا بَقاءَ لَهُ"
"قَدْ أوْجَبَ الدَّهْرُ شُكْرَهُ؛ عَلى مَنْ بَلَغَ سُؤْلَهُ"
"كَمْ مِنْ ذي ثَرْوَة خَطير صَيَّرَهُ الدَّهْرُ فَقيراً حَقيراً"
"كَيْفَ تَبْقى عَلى حالَتِكَ وَ الدَّهْرُ في إحالَتِكَ ؟!"
"لا تَفْرَحَنَّ بِسَقْطَةِ غَيْرِكَ؛ فَإنَّكَ لا تَدْري ما يُحْدِثُ بِكَ الزَّمانُ"
"مَنِ اغْتَرَّ بِمُسالَمَةِ الزَّمَنِ؛ اِغْتَصَّ بِمُصادَمَةِ المِحَنِ"
الكنود هو الجاحد أي كافر النعمة منكر فضل المنعم عليه لا يشكره، قال الأمير عليه السلام: "لا يحمد الله من لا يشكره"، قال تعالى: "إن الانسان لربه لكنود" فسر الحسن قوله تعالى بأنه لَوَّام لربه يَعُدُّ المصيباتِ و يَنْسى النِّعَم؛
لكن الكنود ليس وصف للدهر، بل هو وصف لأخلاق الناس، كما يقال في الناسك صائم نهاره قائم ليله، و النهار لا يصوم، و الليل لا يقوم.
00000000000000000000000000000000000000000000000000 00
أبو رابعة محمد سعيد رجب عفارة
الاثنين 15\11\2010 مــ
00000000000000000000000000000000000000000000000000 00
استطلاع: هل يمكن أن تلتقي الشريعة مع الفلسفة، كما تلتقي مع العلوم الصادقة؟
أجوبة مبسوطة:
· نعم يمكن الالتقاء و التوافق، بسبب أن إصابة الفهم واحدة مهما اختلفت منطلقات المتفكرين.
· الفلسفة هي المعرفة أو الشعر أو علم الكلام، حدها شعور بالنفس تحاكيه فكرة بالأفق، بالتدبر يلتقيان، و ليس للاسم اعتبار.
· لا يلتقيان، بسبب اختلاف العقول المسموعة أي العقيدة الأممية أو المذهبية، واختلاف المنطق أي الرأسمال الآلي النظري.
· الشريعة و الفلسفة لا يلتقيان بسبب أنه لا يوجد موضوع مشترك بينهما،
· العقل المطبوع و استقراء الوقائع، تشترك فيهما الأمم، لذا يلتقيان الشريعة و الفلسفة التي تعني الثقافة الواردة.
أجوبة مقبوضة:
· يمكن، إصابة الرأي واحدة مهما اختلفت المنطلقات.
· يمكن، الفلسفة ليست شيء آخر غير المعرفة أو علم الكلام أو الشعر.
· مستحيل بسبب اختلاف العقول العرضية من أممية و مذهبية..
· متعذر بسبب أنه لا يوجد موضوع مشترك بينهما، رغم اشتراك الناس جميعا في العقل المطبوع.
· يمكن، بسبب أن العقل الفطري المشترك يكون له الحكم أخيرا، على العقول العرضية الأممية و المذهبية.
|