بتـــــاريخ : 8/3/2008 6:35:28 PM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1065 0


    يـابُـنـي : إنــنــي أمــك

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : عبدالملك القاسم | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة رجل امراة رساله

    الحمد لله فارج الهم ، وكاشف الغم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وبعد : -

    يابني : هذه رسالة مكلومة من أمك المسكينة . .
    كتبتها على استحياء بعد تردد وطول انتظار .

    أمسكت بالقلم مرات فحجزته الدمعة !
    وأوقفت الدمعة مرات ، فجرى أنين القلب .

    يابني .. بعد هذا العمر الطويل أراك رجلاً سوياً مكتمل
    العقل ، متزن العاطفة . . ومن حقي عليك أن تقرأ هذه الورقة
    وإن شئت بعد فمزقها كما مزقت أطراف قلبي من قبل !

    يابني : منذ خمسة وعشرين عاماً كان يوماً مشرقاً
    في حياتي عندما أخبرتني الطبيبة أني حامل ! والأمهات يابني يعرفن
    معنى هذه الكلمة جيداً ! فهي مزيج من الفرح والسرور ، وبداية معاناة
    مع التغيرات النفسية والجسمية . . وبعد هذه البشرى حملتك تسعة أشهر

    في بطني فرحة جذلى ، أقوم بصعوبة ، وأنام بصعوبة ، وآكل بصعوبة ،
    وأتنفس بصعوبة . لكن ذلك كله لم ينتقص من محبتي لك وفرحي بك !
    بل نمت محبتك مع الأيام ، وترعرع الشوق إليك !

    حملتك يابني وهناً على وهن ، وألماً على ألم ..
    أفرح بحركتك ، وأسر بزيادة وزنك ، وهي حمل علي ثقيل !

    إنها معاناة طويلة أتى بعدها فجر تلك الليلة التي
    لم أنم فيها ولم يغمض لي فيها جفن ، ونالني من الألم والشدة والرهبة
    والخوف ما لا يصفه قلم ، ولا يتحدث عنه لسان .. اشتد بي الأم حتى
    عجزت عن البكاء ، ورأيت بأم عيني الموت مرات عديدة !
    حتى خرجت إلى الدنيا فامتزجت دموع صراخك
    بدموع فرحي ، وأزلت كل آلامي وجراحي ، بل حنوت عليك مع شدة
    ألمي وقبلتك قبل أن تنال منك قطرة ماء !

    يابني : مرت سنوات من عمرك وأنا أحملك في قلبي
    وأغسلك بيدي ، جعلت حجري لك فراشاً ، وصدري لك إذا ..
    سهرت ليلي لتنام .. وتعبت نهاري لتسعد .. أمنيتي كل يوم : أن أرى
    ابتسامتك . وسروري في كل لحظة : أن تطلب شيئاً أصنعه لك ..
    هي منتهى سعادتي ! ومرت الليالي
    والأيام وأنا على تلك الحال خادمة لم تقصر ، ومرضعة لم تتوقف وعاملة
    لم تسكن ، وداعية لك بالخير والتوفيق لاتفر ،

    أرقبك يوماً بعد يوم حتى اشتد عودك ، واستقام
    شبابك ، وبدت عليك معالم الرجولة ، فإذا بي أجري يمينا وشمالاً
    لأبحث لك عن المرأة التي طلبت !

    وأتى موعد زواجك ، واقترب زمن زفافك ، فتقطع قلبي ،
    وجرحت مدامعي ، فرحة بحياتك الجديدة ، وحزناً على فراقك !

    ومرت الساعات ثقيلة ، واللحظات بطيئة ، فإذا بك
    لست ابني الذي أعرفك . اختفت ابتسامتك ، وغاب صوتك ،
    وعبس محياك ،، لقد أنكرتني وتناسيت حقي ! تمر الأيام أراقب طلعتك ،
    وأنتظر بلهف سماع صوتك . لكن الهجر طال والأيام تباعدت !

    أطلت النظر إلى الباب فلم تأت ! وأرهفت السمع لرنين الهاتف
    حتى ظننت بنفسي الوسواس ! هاهي الليالي قد أظلمت ،
    والأيام تطاولت ، فلا أراك ولا أسمع صوتك ، وتجاهلت من قامت بك خير قيام !

    يابني :
    لا أطلب إلا أقل القليل ..
    اجعلني في منزلة أطرف أصدقائك عندك ، وأبعدهم حظوة لديك !

    اجعلني يا بني إحدى محطات حياتك الشهرية لأراك فيها ولو لدقائق ..[/

    يابني :
    احدودب ظهري ،
    وارتعشت أطرافي ، وأنهكتني الأمراض ، وزارتني الأسقام ..
    لا أقوم إلا بصعوبة ، ولا أجلس إلا بمشقة ولا يزال قلبي ينبض بمحبتك !
    لو أكرمك شخص يوماً لأثنيت على حسن صنيعه ،
    وجميل إحسانه .. وأمك أحسنت إليك إحساناً لا تراه ومعروفاًً
    لا تجازيه .. لقد خدمتك وقامت بأمرك سنوات وسنوات !

    فأين الجزاء والوفاء ؟ !

    يابني .. كلما علمت أنك سعيد في حياتك زاد فرحي وسروري .. وأتعجب وأنت صنيع يدي ..
    أي ذنب جنيته حتى أصبحت عدوة لك لا تطيق رؤيتي ، وتتثاقل زيارتي ؟ !
    هل أخطأت يوماً في معاملتك ، أو قصرت لحظة في خدمتك ؟ !

    اجعلني من سائر خدمك الذين تعطيهم أجورهم .. وامنحني جزءاً من رحمتك ..
    ومن علي ببعض أجري .. وأحسن فإن الله يحب المحسنين !

    يا بني أتمنى رؤيتك ! لا أريد سوى ذلك ! دعني أرى عبوس وجهك وتقاطيع غضبك .

    يا بني :
    تفطر قلبي ، وسالت مدامعي , وأنت حي ترزق !
    ولا يزال الناس يتحدثون عن حسن خلقك وجود كرمك !

    يا بني :
    أما آن لقلبك أن يرق لا مرأة ضعيفة أضناها الشوق
    ، وألجمها الحزن ! جعلت الكمد شعارها ، والغم دثارها ! وأجريت لها دمعاً ،
    وأحزنت قلباً ، وقطعت رحماً ..

    يا بني :
    هاهو باب الجنة دونك فاسلكه ، وأطرق بابه بابتسامة عذبة ،
    وصفح جميل ، ولقاء حسن .. لعلي ألقاك هناك برحمة ربي كما
    في الحديث : (( الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه )) رواه أحمد .

    يا بني :
    أعرفك منذ شب عودك ، واستقام شبابك ،
    تبحث عن الأجر والمثوبة ، لكنك اليوم نسيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ..
    (( إن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها ، ثم بر الوالدين ، ثم
    الجهاد في سبيل الله )) متفق عليه .
    هاك هذا الأجر دون قطع الرقاب وضرب الأعناق ،
    فأين أنت عن أحب الأعمال ؟ !

    يا بني :
    إنني أعيذك أن تكون ممن عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
    (( رغم أنفه ، ثم رغم أنفه ، ثم رغم أنفه ! قيل : من يا رسول الله ؟
    قال : (( من أدرك والديه عند الكبر ، أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة )) رواه مسلم .

    يا بني :
    لن أرفع الشكوى ، ولن أبث الحزن ، لأنها إن ارتفعت
    فوق الغمام ، واعتلت إلى باب السماء أصابك شؤم العقوق ، ونزلت بك العقوبة ،
    وحلت بدارك المصيبة .. لا ، لن أفعل .. لا تزال يا بني فلذة كبدي ،
    وريحانة فؤادي وبهجة دنياي ! أفق يا بني .. بدأ الشيب يعلو مفرقك ،
    وتمر سنوات ثم تصبح أباً شيخاً ، والجزاء من جنس العمل ..
    وستكتب رسائل لا بنك بالدموع مثلما كتبتها إليك ..
    وعند الله تجتمع الخصوم !

    يا بني :
    اتق الله في أمك ..
    (( والزمها فإن الجنة عند رجليها )) كفكف دمعها ، وواس حزنها ،
    وإن شئت بعد ذلك فمزق رسالتها !

    واعلم : أن من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها

    كلمات مفتاحية  :
    اسرة رجل امراة رساله

    تعليقات الزوار ()