كلمة فضيلة الشيخ الدكتور / صالح بن عبد الرحمن الأطرم
- رعاه الله - عضو الإفتاء ، وعضو هيئة كبار العلماء ، والأستاذ بكلية الشريعة بالرياض :
إن صفات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز واضحة لا تخفى على معاصريه من عالم ومتعلم ، فهو ذو علم جم وخلق فاضل ونظر ثاقب ، وحسن خلق ، وحسن معاملة مع الصغير والكبير ، والعالم والمتعلم ، والعامي والغريب والمعروف ، والقريب والبعيد ، يفيد المتعلم ويرشد الجاهل .
ونرى سماحته يزداد علوا في العلم والمعرفة وبذل العطاء من المعلومات ، وانتشار علمه في جميع الأقطار وتزداد علاقته بالكتب من شتى الفنون من توحيد وفقه وحديث وتفسير ولغة وأصول فقه في القراءة والكتابة والإفتاء ابتداء وجوابا عليها .
وكثيرا ما يحضر لدرسه تحضيرا علميا دقيقا بأن يراجع أمهات الكتب ، وكتب الشروح ، وقد يقرأ عليه وهو يتناول الطعام حرصا على إفادة الطلاب ؛ كما هو دأب العلماء السابقين .
ولسماحة الشيخ عبد العزيز مكانة رفيعة في نفوس القاصي والداني ، وفي الداخل والخارج لعلمه الواسع ، وحب الخير لكل واحد ، وحسن خلقه ، فهذا وذاك غرس الثقة في قلوب الناس ؛ كما دعم ذلك حبه للاستفادة من غيره ، وانشراح صدره لها ، وتراجعه عن المسألة إذا تبين له الراجح بدليله ، وحبه الاستدلال بالكتاب والسنة والقواعد الشرعية .
وللشيخ أسلوب فاضل في التدريس ، إذ يحضر للدرس ، ويقرأ عليه الكتاب ، ويتكلم عنه بوضوح ويعطي ويأخذ ، ويطرح الاستشكالات ، ويتقبل الجواب من أي طالب كان ، وله منهج في الردود إذ يرد على المغرضين بتشخيص المشكلة وبيان وجه غلطها والاستدلال على بطلانها أو تضعيف أدلة المستدل بأسلوب يفهم القارئ منه حبه ونصحه لمن أثار المشكلة .
وكل مواقف شيخنا - حفظه الله - طيبة ومؤثرة ، تأثرت بعلمه وأخلاقه وبقبول توجيهه ، وبتواضعه وانشراح صدره وتأثيره على العامة والخاصة والداخل والخارج ، فهو محل ثقة في المعتقدات وفي علم الحلال والحرام والوعظ والإرشاد والترغيب والترهيب ؛ فلا يكاد يقف موقفا ويعدم التأثير .
ومع كل المناصب التي تولاها بدءا القضاء في محكمة الدلم عام 1359 هـ كان التدريس هو القاسم المشترك في مهامه ؛ وقد كنت أنا أحد الطلاب الذين تلقوا منه علوم التوحيد والفقه في معهد الرياض العلمي وفي كلية الشريعة ، وحتى بعد ما تولى نيابة الرئيس للجامعة الإسلامية استمرت صفة التدريس ملازمة له في مناصبه التي تولاها في هذه الجامعة أو في رئاسة البحوث والإفتاء والدعوة والإرشاد .
ولا يكاد سماحته يقف موقفا مع فرد أو جماعة أو جهة حكومية إلا ويؤثر فمه ؛ ولا يطلب فرد أو جماعة شفاعة في أمر عام أو خاص إلا شفع فيه وما تكلم بأمر إلا نفع الله به في شتى المجالات ، وليس مجال العمل الرسمي فحسب وكنت أحد طلابه - كما قلت - في معهد الرياض وكلية الشريعة ، ومن يومها لازلت أحضر دروسه في المسجد ما استطعت وأقرأ كتاباته ومقالاته وفتاويه من خلال وسائل الإعلام المختلفة جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين ونفعنا بعلومه .