اغتيال محرر العبيد!
الناقل :
elmasry
| العمر :42
| الكاتب الأصلى :
قصيمي
| المصدر :
www.qassimy.com
اغتيال محرر العبيد!
الولايات المتحدة الامريكية أمة عجيبة.. فيها الكثير من المتناقضات: القوة والضعف الثراء والفقر.. المتعطشون للمجد والمستسلمون للواقع.. ومن كل هذه الخيوط كان نسيج الامريكيين الذي يمكن فهمه بسهولة ويسر أو يصبح فهمه شيئا بعيد المنال!!
ولد لنكولن في كوخ بسيط في ولاية كونكتيكي، وكان والده أميالا يقرأ ولايكتب، وكان يتعجب من رغبة ابنه في التعلم حتي انه0 قال: ان ابراهام يخدع نفسه بالتعليم، قد حاولت ان اوقفه عند حده، لكن هذه الفكرة الطائشة كانت قد تملكت عقله فلم استطع انتزاعها منه!!
وكانت أمه اسمها نانسي هانكز من مواليد فرجينيا وعاشت مع ابنها حتي بلغ التاسعة من عمره، ثم ماتت بعد ان تركت في نفسه أثرا لايمحي فهي التي شجعته علي حب القراءة.
وقد انفصل عن عائلته في سن الحادية والعشرين من عمره، وقد كان طويل القامة.. نحيفا.. ودرس القانون.
وقد عاش ابرهام لنكولن قصة حب من جانب واحد عندما أحب فتاة اسمها آن رتلدج، وتقدم لخطبتها عام 1935 ولكن هذه الفتاة ماتت بعد خطبته لها بعدة شهور مما ترك في نفسه أثرا عميقا حزينا لازمه فترة طويلة من حياته، ولكن تزوج عام 1842 من ماري تود ولم يكن هذا الزواج عن حب، وربما كان حبه للقائد والسياسة جعلاه يعيش لهما.
وكان من هموم لنكولن ان يتم اتحاد الولايات المختلفة وان يلغي الرقيق.. فكان يحز في نفسه ان يري الرجال والنساء والاطفال يباعون في سوق الرقيق وكان يقول:
: لو كان في مقدوري ان أوقف كل ذلك لاوقفه فورا وبمنتهي العنف.
عندما أقام في مدينة نيو اورلينز، حدثت له حادثة تنم علي شخصيته وقدرته علي ضبط النفس وعلي التحدي في نفس الوقت.. فقد كان في هذه المدينة جماعة من الشبان يرأسهم (جاك ارمسترونج) وكان مشهورا بشجاعته وممارسته للمصارعة، وطلب هؤلاء الشباب من ابرهام لينكولن مصارعة ارمسترنج، وحتي لايتهم بالجبن قرر منازلة الخصم، وصرعه وانتصر عليه، وعندما حاول انصار الخصم مهاجمته أعلن لهم أنه سوف يهزمهم جميعا، إلا ان ارمسترونج عندما آفاق من صدمة الهزيمة أعلن احقية لنكولن في النصر وأصبح صديقا له!!
***
عمل لنكولن صاحب متجر محاميا، ولكنه كان مهموما بمسألة العبيد، وكان نظام العبيد معمولا به في الولايات الجنوبية، ولكنه غير مسموح به في الولايات الشمالية، بينما احتدم النقاش حول هذا النظام وهل يعمل به في الولايات التي بدأت تنشأ في القرب.. واختلف الناس بين مؤيد ومعارض وكان من رأي ابرهام لنكولون ان يكون تحرير العبيد علي مراحل ، وكان يقول:
:: عندما يحكم الرجل الأبيض نفسه بنفسه فهذه هي الحكومة الذاتية ، ولكن عندما يريد الرجل الابيض ان يتحكم في غيره من الملونين فهذا هو الاستبداد والطغيان.. ولايجب اطلاقا ان يتحكم الإنسان في أخيه الانسان دون رغبة هذا الاخير وموافقته!:
وقد كتب خطابا لأحد اصدقائه يقول فيه::
: إني أؤمن بوجود الله. وأعرف ان الله لايقبل الظلم، ولايرضي بأن يستعبد الإنسان أخاه الإنسان، وإني أري ان العاصفة قادمة لامحالة.. وأعرف ان الله معي، وأنا مستعد أن أبذل كل جهدي وحياتي لتحقيق الحق.. فأنا لاشيء علي الاطلاق.. انا الحق والعدل فهما كل شيء!'
***
وقد دخل لينكولن في معركة الرئاسة ضد دوجلاس، وكانت المعركة تتطلب بالطبع ان يعرض كل واحد منهما منهجه ورؤيته لمختلف القضايا.. وكان علي كل منهما ان يتحول في مختلف الولايات حتي يجذب اليه أصوات الناخبين.. كان نكولن عن الجمهوريين ، والآخر عن الديمقراطيين والغريب ان النصر في هذه المعركة كانت لابراهام لينكولن.. وأصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية..
وغادر بلدته في فبراير 1861 مصطحبا زوجته وأولاده الثلاثة الصغار متجها الي واشنطن ولم يكن الأمر سهلا ولاهينا أمام الرئيس الامريكي الجديد، فقد اعلنت سبع ولايات في الجنوب انفصالها ، واختارت لنفسها رئيسا أخر، بسبب انها تري في نظام العبيد الذي نجنده ضرورة اقتصادية علي عكس ولايات الشمال.. وكان لابد ان تندلع الحرب الأهلية، واندلعت هذه الحرب التي تكن فيها الشمال من الانتصار..
ولكن رغم قيام هذه الحرب الأهلية، فقد اتخذ ابراهام لينكولن قرارا خطيرا.. وفي اثنائها .. فقد وقع علي وثيقة تحرير العبيد في الجنوب.
***
وأعيد انتخاب لينكولن سنة 1864م
وكان خطابه بمناسبة انتخابه رئيسا للمرة الثانية في 4 مارس 1865 ممهدا الطريق لما يريد، وقد ختمه بقوله:
:...... اننا لانضمر الكراهية لاحد بل نضمر المحبة للجميع، ونؤمن بالحزم في الحق كلنا هدانا الله إلي ان نتلمسه .. هيا بنا نعمل ماوسعنا الجهد لنضمد جراح الأمة وترعي هذاپالذي ذهبت به الحرب في أرملته وفي ابنائه. لنعمل كل مافي وسعنا لكي نحقق سلاما دائما عادلا بيننا وبين سائر اسم العالم
***
في مساء الجمعة السابق علي عيد الفصح سنة 1865، كان هناك رجل من الجنوب يدعي (بوش) كان قد قرر التخلص من الرئيس الامريكي ابراهام لينكولن ، عندما علم ان الرئيس سوف يذهب الي مسرح فورد في واشنطون، فقد تسلل الي المقصورة الذي يجلس فيها الرئيس، وصوب رصاص مسدسه الي رأسه، واطلق عليه النار، واسرع الي خشبة المسرح، حيث اختلط بالممثلين، ووسط الارتباك الذي ساد المسرح، وبين ذهول الحاضرين، استطاع الجاني، ان يخرج من المسرح حيث كان ينتظره حصان قفز علي ظهره واختفي.
بينما لفظ الرئيس ابراهام لينكولن انفاسه الاخيرة في صباح اليوم التالي، حيث نقل جثمانه في قطار حمله الي مدينة سيرنج فيلد بولاية الينوبي. حيث ووري التراب.
***
دفن الرجل الذي أحبه الناس في بلاده، وخاصة الرقيق الذي حررهم من ذل الرق، وكانت تتداعي الي أذهان الجميع خطبته المؤثرة التي القاها عقب انتهاء الحرب الأهلية والذي قال فيها:
منذ سبعة وثمانين عاما أقام اجدادنا علي هذا الاقليم أمة جديدة تسود فيها مباديء الحرية وتؤمن بأن الناس جميعا قد خلقوا سواسية.. والآن وقد خضنا غمار حرب أهلية مروعة ، يجتاز امتحانا جديدا هو، علي هذه الامة.. او آية أمة اخري هكذا للحرية ستحيا إلي أمد محدود؟
لقد تلاقينا في ميدان هذه الحرب، ووهبنا شطرا منه مرقدا لهؤلاء الذين بذلوا حياتهم كي يعيش سائر أفراد الأمة، فمن الواجب ومن العدل ان نعمل علي تحقيق ماضحوا بحياتهم من أجله.. ولكنا لايمكننا ان نعبد.. ولايمكننا ان نقدس، ولايمكننا ان نؤله هذه الأرض.. ان الابطال الشهداء منا والأحياء، والذين جاهدوا هنا قدسوها بقوة أعظم من قوتنا الراهنة. ان العالم قد يصغي الي مانقوله هنا، ولكنه لن ينسي مطلقا مافعله هؤلاء هنا.
لقد كان من أجلنا نحن الأحياء هذا العمل الذي لم يكملوه، واستشهدوا في سبيله، ومن الوفاء لأنفسنا ان نثبت في مكاننا ونتابع العمل الذي أمامنا.
ومن دعاء الشهداء الأبرار نستمد نحن دعاء متزايدا كي نقوم باتمام العمل الذي وهبوه دماءهم ودعاءهم .. اننا هنا لكي نقرر ان هؤلاء الموتي لم يهبوا حياتهم عبثا. وان هذه الأمة تحت السماء سيكون لها ميلاد جديد من الحرية، وان حكومة الشعب التي هي من الشعب وللشعب لن تزول من الأرض ولن تموت..
***
والذي يقرأ قصة حياة ابراهام لينكولن الذي ولد في كوخ من الأكواخ الفقيرة وعاش حياته مدافعا عن مبدأ أخلاق هام وهو تحرير العبيد، كما آمن بأهمية اتحاد الولايات الامريكية تحت علم واحد.. الذي يقرأ هذه الصورة ويري ماعليه اليمين الامريكي الآن لابد ان يتساءل: أن المباديء التي نادي بها رجل كالرئيس الامريكي لينكولون ؟!!
مراجع
ابطال الحرية محمود فتحي عمر
رجال نظام ونساء عظيمات: ليزلي ليغيت
ترجمة : مختار السويفي
|