أعلم أن الحج ثلاثة أقسام: قران، وتمتع، وإفراد، وأريد منكم أن تحدثوني عن كلٍ؟ جزاكم الله خيراً.
نعم، هو كما ذكرت، الأنساك ثلاثة: حج مفرد، وعمرة مفردة، وقران بينهما، وقد أجمع العلماء على جوز الأنساك الثلاثة، والحمد لله، وإنما اختلفوا في الأفضل، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الأفضل هو التمتع بالعمرة، كون المتوجه من بلده إلى مكة يحرم بالعمرة أولاً، إذا كان في أشهر الحج يحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ويلبي فيقول: اللهم لبيك عمرة، أو اللهم قد أوجبت عمرة، ونحو هذه العبارة، بعدما يتأهب لذلك بعدما يغتسل ويتطيب هذا هو الأفضل، يغتسل ويتطيب في بيته أو في المطار أو في بيت كان قريب من المطار أو في الطريق يغتسل ويتنظف ويأخذ ما يحتاج إلى أخذه من قص شارب أو قلم ظفر أو نتف إبط أو حلق عانة إذا دعت الحاجة إلى ذلك من باب النظافة، ويتطيب في بدنه وفي لحيته ورأسه وبدنه، لا في الملابس، بل في بدنه، ثم يلبس ملابس الإحرام إزاراً ورداء إن كان رجلاً، والمرأة تلبس ما شاءت من الملابس لكن تكون ملابس غير جميلة وغير لافتة للنظر حتى لا تفتن أحداً بسبب الخلطة والنظرات في الطواف وغيره، ثم بعد هذا كله يركب المؤمن والمؤمنة السيارة فيلبي وهو في السيارة راكباً؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يلبي إذا انبعثت به راحلته إذا قام به جمله لبى بعد ذلك وهو راكب عليه الصلاة والسلام هذا هو الأفضل، وإن أحرم وهو في الأرض قبل أن يركب فلا بأس، لكن الأفضل أنه يتأهب وهو في الأرض؛ لما شرع الله من الغسل والطيب والتنظف ثم يلبس ملابس الإحرام ثم يركب ثم يلبي بعد الركوب، فيقول: اللهم لبيك عمرة، إذا كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج، أو كان قصد العمرة في غير أوقات الحج كرمضان أو غيره، فإذا وصل إلى مكة وهو متمتع بالعمرة إلى الحج بعد رمضان طاف وسعى وقصر وتحلل، إذا طاف بالبيت سبعة أشواط ثم سعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة، أما الطواف يبدأ بالحَجر الأسود ويختم به، الحَجر الأسود يبدأه به ويختم به سبعة أشواط من وراء الحِجر لا يدخل الحِجر لا يدخل في الفرجة التي في الحِجر لا، بل يطوف من وراء الحِجر، وقد يغلط بعض الحجاج في ذلك، فالواجب أن يطوف من وراء الحِجر سبعة أشواط من الحَجر إلى الحَجر، ثم يصلي ركعتين ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان من الحرم، ثم بعد ذلك يذهب إلى السعي فيسعى سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فيمشي مشي العادة إلا في بطن الوادي فإنه يهرول بين العلمين الموضوعين هناك، ويكبر على الصفا والمروة، يكبر الله ويذكره ويدعو ثلاث مرات؛ كما أنه يذكر الله ويدعو في الطواف إذا يسر الله له، وإن قرأ القرآن فلا بأس، ليس فيه شيء محدد، ما تيسر، يذكر الله في طوافه ويدعو في طوافه ويقرأ القرآن كله طيب، والحمد لله. وهكذا في السعي يذكر الله بما تيسر ويقرأ القرآن إذا أحب، وعلى الصفا يكرر ذكر الدعاء ثلاث مرات كما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وهكذا على المروة، فالبدء يكون بالصفا والختام يكون بالمروة، ثم يحلق إن كان رجلاً أو يقصر، وتمت العمرة، والمرأة تقصر فقط وليس لها الحلق لا تحلق رأسها ولكن تقصر من كل أطراف الشعر قليل، إن كان الشعر مفتولاً... وإن كان غير مفتول بل منقوض جمعت شعرها وقصت من أطرافه قليلاً، والرجل كذلك، وبهذا تمت العمرة وحل للرجل والمرأة كل شيء حرم عليهم بالإحرام، حل له جماع زوجته، وحل له لبس المخيط، حل له الطيب كسائر الحلال كسائر المحلين، فإذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة لبى بالحج الرجل والمرأة هذا هو الأفضل وهذا هو الذي أمر به -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في حجة الوداع لما قدموا، وبعضهم قد أحرم بالحج مفرداً وبعضهم قد أحرم بالحج والعمرة جميعاً قائلاً لهم: (اجعلوها عمرة)، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، فلما كان اليوم الثامن أمرهم أن يلبوا بالحج عند توجههم إلى منى، أما هو -صلى الله عليه وسلم- فكان قد أحرم بالحج والعمرة جميعاً قارناً؛ لأن معه الهدي؛ لأنه قد ساق معه إبلاً من المدينة هدياً يذبح في مكة، والمُهدي لا يحل، فلهذا أحرم بالحج والعمرة جميعاً، فمن كان مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم بالحج والعمرة جميعاً إذا كان مهدياً إبلاً أو بقراً أو غنماً يلبي بالحج والعمرة جميعاً، هذا هو الأفضل، ولا يحل ينحر يوم العيد، حتى يحل يوم النحر. النسك الثاني: الإحرام بالحج والعمرة جميعاً، يقول: اللهم لبيك عمرة وحجاً في الميقات، ميقات بلده، هذا هو النسك الثاني، والأفضل تركه، وهو أن يقول: اللهم لبيك عمرة وحجاً، أو يقول: اللهم لبيك عمرة، ثم في أثناء الطريق يلبي بالحج ويدخله مع العمرة، فيكون قارناً بين الحج والعمرة، فإن كان معه هدي فهذا هو الأفضل له، فيبقى على إحرامه حتى يوم العيد، مثل ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان ما معه هدي شرع له أن يحل كما حل الصحابة بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة، وإن كان قد لبى بالحج والعمرة جميعاً عند الميقات، فالسنة له أن يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ويجعل إحرامه عمرة، ويسمى فسخاً، إذا فسخ إحرامه من القران إلى العمرة، كما أمر النبي أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام. وهكذا يفعل من أحرم بالحج من الميقات مفرداً/ وهو النسك الثالث قال: اللهم لبيك حجاً، أو اللهم قد أوجبت حجاً، يعني في الميقات، فإن كان معه هدي يبقى على إحرامه ولا يحل حتى يحل يوم العيد، وإن كان ما معه هدي ليس معه إبل ولا بقر ولا غنم فإنه يفسخ الحج والعمرة مثل ما فعل القارن سابقاً، فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل تكون عمرة كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه.....!، فإذا كان يوم الثامن لبى بالحج وقال: اللهم لبيك حجاً، يغتسل ويتطيب مثل ما فعل في الميقات إن تيسر يغتسل ويتطيب ويتنظف إذا احتاج إلى ذلك قص الشارب ونحوه، ثم يلبي بالحج وهو في منزله في خيمته في الأبطح، في داخل مكة، في أي مكان، يفعل ما يشرع من الآداب الشرعية عند الإحرام من الغسل والطيب ونحو ذلك ثم يلبي في مكانه، ما في حاجة يدخل إلى مكة حتى يطوف، ما في وداع عند الخروج إلى منى ما في وداع، يحرم من منزله سواءٌ كان في الأبطح أو في كان في.....! أو كان في أي مكان من مكة وضواحيها، يحرم من مكانه في الخيام والمنازل هذا السنة، وإن دخل مكة وطاف فلا حرج لكن خلاف السنة، السنة أن يحرم من مكانه ويتوجه إلى منى ملبياً، والأفضل إذا كان عنده مركوب أن لا يلبي حتى يركب، كما تقدم في الميقات، هذا هو الأفضل، فإن كان ماشياً على قدميه إلى منى فعند توجهه ماشياً يلبي يقول: اللهم لبيك حجاً، ثم يكمل التلبية في الطريق من الميقات الذي أحرم من الميقات يلبي، والذي أحرم من منزله بالحج يلبي، كلهم يلبون، من الميقات إلى مكة ومن منزله حين خروجه إلى منى كذلك يلبي يقول: " لبيك اللهم لبَّيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، النبي كان يلبي بهذه التلبية عليه الصلاة السلام في طريقه من المدينة إلى أن وصل مكة يكثر منها ويرفع صوته عليه الصلاة والسلام يقول: (إن جبرائيل أمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال) أي بالتلبية، فكان يلبي ويجهر ويأمر أصحابه بذلك عليه الصلاة والسلام؛ لأن ذلك شعار الحج، شعار عظيم، فالسنة رفع الأصوات بذلك، رفعاً لا يضر أحداً، هذا هو السنة، وهذه هي الأنساك الثلاثة وهذه أعمالها.