العمال والمتعاقدون الذين وفدوا إلى مكة للإقامة لمدة سنة أو أكثر، وبعضهم أحضر معه عائلته، فهل يعتبرون من أهل مكة في موضع الهدي، وقد تكون العمرة التي أتوا بها في أشهر الحج، أحرموا لها من التنعيم، فهل يلزمهم هدي أم لا؟
هذا محل نظر؛ لأنهم غير مستوطنين ، ولأنهم غير وافدين في وقت الحج، فهم بين هؤلاء وبين هؤلاء ، والله – سبحانه - لما ذكر المتعة والهدي فيها قال: ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [(196) سورة البقرة]. ولهذا اختلف أهل العلم في هذا هل يعتبر مثل هذا من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه مقيم قبل العمرة، وقبل الحج. أما يعتبر أفقياً لأنه ليس بمستوطن، وإنما أقام لحاجة وسوف يرجع إلى بلاده، هذا موضع نظر واحتمال. والأحوط عندي والأقرب عندي أن مثله ليس بحاضري المسجد الحرام في الحقيقة؛ لأنه إنما جلس لعارض وأقام لعارض من تليس أو طلب أو عمل آخر ثم يرجع إلى بلاده، فالأحوط له الهدي، وأن يعامل نفسه معاملة الوافدين للحج، هذا هو الأحوط، والقول بأنه من حاضري المسجد الحرام، وأنه يلحق بهم قول قوي، لا يدفع، قول قوي جداً، ولكن الأحوط في مثل هذا والأقرب في مثل هذا أنه يفدي، وأن جانب كونه أفقيا أقرب من جانب كونه من حاضري المسجد الحرام.