إن بعض الناس يقولون: إن ذبح خروف كبش يوم عيد الأضحى المبارك (عرفة) إن الذبيحة تعتبر فريضة، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما جاء العيد ولم يكن لديه ذبيحة أراد ذبح ابنه فأنزل الله سبحانه وتعالى له كبشاً ليعيد به، السؤال: هل هذا صحيح، وهل ي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. فهذه الذبيحة التي أشارت السائلة إليها غير صحيحة بهذا المعنى التي ذكرت، وإنما أصل ذلك: أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام امتحنه الله فأمره بذبح ابنه بكره إسماعيل علىيه الصلاة والسلام ليخلص قلبه لمحبته سبحانه دون محبة غيره جل وعلا، وكان إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الناس في زمانه وهو أفضل الخلق بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فلما أراد ذبحه وتلَّه للجبين ولم يبق إلا أن يفضي بالسكين إلى حلقه رحمه الله ورحم ابنه ورفع عنهما هذا الأمر وفداهما بذبح عظيم (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (104-105) الصافات، (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (111) الصافات. فنسخ الله هذا الأمر، وحصل المقصود بصفاء القلب وكمال المحبة لله سبحانه وتعالى؛ لأنه قد طابت نفسه بذبح ابنه تقرباً إلى الله عز وجل؛ وإكمالاً لمحبته له سبحانه وتعالى، فلما تم المقصود وحصل المطلوب نسخ الله هذا الأمر وفدى الذبيح بذبح عظيم وهو كبش عظيم أرسله الله إليه، ويقال: إنه جاء من الجنة وأنه أهبط من الجنة فذبحه إبراهيم وفدى به ابنه إسماعيل. وبقيت هذه السنة في المسلمين من ذاك الوقت وهو الضحايا في أيام عيد النحر، وكان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يذبح في عيد النحر كبشين أملحين أقرنين، أحدهما: عن محمد وآل محمد من أهل بيته، والثاني: عن من وحَّد الله من أمته عليه الصلاة والسلام، وصارت الضحية سنة في الأمة من عهد إبراهيم إلى عهد محمد نبينا عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، فيستحب للمؤمن أن يضحي إذا كان عنده قدرة يوم النحر شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، وإن ضحى بأكثر فلا بأس، وليس هناك حاجة إلى أن يربيه في البيت ويسمنه بل يشتريه من السوق أو يكون عنده في مزرعته فلا بأس، لكن ليس من السنة أن يربيه، متى اشتراه من السوق كفى، والحمد لله، ثم ليس من السنة أن يقسمه على سبعة أبيات، لا، يأكل ويُطعم، كما قال الله تعالى: ..فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (27) سورة الحـج، فيأكل منها ما تيسر ويُطعم جيرانه وأقاربه والفقراء ما تيسير، وإن قسمها أثلاثاً: فأكل ثلثاً وقسم بين أقاربه ثلثاً وأعطى للفقراء ثلثاً فكل ذلك حسن. والمقصود من هذا أنه يأكل ويطعم وأنه يشتريه من السوق أو يربيه في البيت كل ذلك لا بأس به، وليس من شرط ذلك أن يقسمه بين سبعة أبيات، هذا لا أصل له، بل يعطي من يشاء لبيتين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر من الفقراء ومن أقاربه ومن جيرانه، الأمر في هذا واسع، والحمد لله.