حكم من وقع في الربا دون علمه
امرأة كانت تقرض شخصاً ألف ريال على أن يردها ألف وثلاثمائة، وهي لا تعرف أن هذا ربا، فهل يلحقها شيء في ذلك؟ وماذا يجب عليها؟
هذا لا شك أنه ربا، فالذي فعل ذلك قبل أن يعلم لا شيء عليه، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[1].
فبين سبحانه أن من جاءه موعظة من ربه؛ يعني عرف الحق ووعظ وذكر، فانتهى وتاب إلى الله فلا شيء عليه، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
فيبين لنا سبحانه أن الواجب على من عرف الربا أن يحذره ويتباعد عنه، ويتوب إلى الله من ذلك.
وعلى المؤمن أن يسأل ويتفقه في دينه ويتعلم؛ حتى لا يقع فيما حرم الله عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))[2] متفق على صحته.
وهذا يدلنا: على أن الإنسان إذا تفقه في الدين وتبصر وتعلم، فهذا من الدلالة على أن الله أراد به خيراً، أما إذا استمر في الجهالة والإعراض، فهذا من علامة أن الله أراد به شراً - والعياذ بالله - وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة))[3].
فالتعلم من أهم المهمات، والتفقه في الدين من أعظم الواجبات.
والواجب على المرأة المذكورة: أن تتصدق بالثلاثمائة التي حصلتها من طريق الربا، مع التوبة إلى الله سبحانه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ[4].
نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
[1] سورة البقرة، الآية، 275.
[2] رواه البخاري في (العلم)، باب (من يُرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، برقم: 71، ومسلم في (الزكاة)، باب (النهي عن المسألة)، برقم: 1037.
[3] رواه مسلم في (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار)، باب (فضل الاجتماع على تلاوة القرآن)، برقم: 2699.
[4] سورة البقرة، الآيتان 278، 279.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء التاسع عشر