بتـــــاريخ : 12/28/2010 4:58:50 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1194 0


    رسائل الحب

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :


    في خضم صراعنا اليومي مع تكاليف الحياة، ننشغل أحيانا بالجانب المادي من حياتنا، الأمر الذي ينسينا الجانب الروحي منها، لكن البعض الآخر يذكرنا دائما بضرورة أن نوازن ما بين الروح والمادة، مثلما الحال مع قصة الأمريكية ليندا بريمنر، التي تزوجت صغيرة ثم طلقت ثم تزوجت ثم طلقت مرة أخرى، بحصاد ولد وابنة وطفل صغير، آندي، الذي كان عمره 8 سنوات في شهر نوفمبر من عام 1980 حين تلقى أول خطاب مؤازرة، ليعينه على تحمل آلام علاج سرطان الدم واللوكيميا الذي نزل به.
    مهما كان العلاج مؤلما أو محطما، كانت الرسائل التي تشد من آزر آندي تهون عليه وتنجح في وضع ابتسامة على هذا الوجه الذي كان الموت يجذبه نحوه يوما بعد يوم، على أن تلك الرسائل بدأت تقل يوما بعد يوم مع استمرار أمد علاج آندي، حتى انقطعت تماما، ولاحظت أمه ليندا تراجع معنويات آندي لانقطاع تلك الرسائل، حتى جاء يوم دخلت عليه أمه برسالة من صديق سري، حوت كلمات تشجيع ومؤازرة، نجحت في وضع الابتسامة على وجه آندي من جديد.
    بعدها، بدأت رسائل الصديق السري تصل كل يوم، حتى مر شهر حين وجدت ليندا ابنها يرسم لوحة صغيرة فيها حصانين مجنحين، واحد يرمز له، وواحد يرمز لصديقه السري، وحين رفعت أمه الرسم، وجدت آندي يذيل الرسم برسالة حب وشكر وجهها لأمه، فالصغير أدرك أنها هي التي تكتب له هذه الرسائل وترسلها له بالبريد كل يوم، وما هي إلا أربع سنوات بعد اكتشاف المرض لديه، حتى فارق آندي دنيانا.
    بعد وفاته شعرت أمه بكآبة شديدة، ونال الحزن والألم منها كل مبلغ، وبينما كانت تحصر متعلقات ابنها الراحل، وجدت ليندا قائمة بأصدقاء آندي ممن يعانون من أمراض الموت مثله، والذين كانوا يراسلونه بدورهم، وهنا قررت ليندا أن تمارس دور الصديق السري مع كل أفراد هذه القائمة، لكي تشد من ازرهم وتصبرهم على ما يمرون به، وقبل أن تنتهي من مراسلة كل القائمة، جاءها رد من طفل صغير يعبر عن سعادته الغامرة بأن هناك من لا يزال يتذكر أنه على قيد الحياة. هذه الكلمات القليلة جعلت ليندا تدرك أن هناك من يعانون أكثر منها، ويحتاجون مؤازرتها لهم.
    وما هي إلا أيام ووردت إليها رسالة شكر من طفل آخر، وهنا عرفت ليندا ما يجب عليها فعله، وعرفت الغرض الذي يجب أن تعيش من أجله، وأقسمت أن تكتب رسائل وخطابات إلى كل طفل في حاجة إلى هذه الرسائل، حتى يشفى أو يمسي بدون حاجة لهذه الرسائل. كانت خطاباتها قصيرة، إيجابية، وتبعث على التفاؤل والأمل، وكانت الردود تأتيها من الأطفال ومن آبائهم وأمهاتهم، يشكرونها على إحياء الأمل وتهوين الأمر عليهم.
    بدأت ليندا تحصل على مساعدة من الأصدقاء والجيران، تنوعت ما بين كتابة تلك الرسائل إلى تضمينها في أظرف ولصق الطوابع عليها وكتابة العناوين وانتهاء بإرسالها عبر البريد، وأطلقت اسم رسائل الحب Love Letters على هذه المجموعة الصغيرة من المتطوعين. ما هي إلا برهة من الزمن حتى تبين للمجموعة العدد الضخم من المحتاجين لما يقدمونه، وكذلك قلة الموارد المتوفرة، فهي كانت مجموعة لا تهدف إلى الربح، وكان النفقات تأتي من تبرعات أفراد المجموعة، وكان مكان العمل مقدم تطوعا من أفراد المجموعة، وكان من اللازم التنظيم وتوفير التمويل.
    بدأت الجهات الخيرية تقدم لهم ما يمكنها (حتى أوبرا وينفري)، وبدأت المجموعة تدق الأبواب للحصول على المزيد من المساعدات، حتى بلغ عدد الجهات التي رفضت المساهمة أكثر من 40 شركة كبيرة، لكن رغم هذا الرفض، لم تتأخر المجموعة (المكونة في البداية من 35 متطوعا) عن إرسال خطاب مستقبله بحاجة إليه، وحين كان الفريق يعجز عن التمويل، كان الناس يتقدمون لسد الفراغ والمساهمة، كل بما يستطيعه.
    بعد مرور 10 سنوات على أول رسالة من ليندا، بلغ عدد رسائل الحب ستين ألفا كل عام، بمعدل رسالة لكل 1100 طفل أسبوعيا، بالإضافة إلى 100 رسالة تهنئة وهدية شهريا بمناسبة ذكرى مولد الأطفال، وأما بخصوص الأطفال الذين يمرون بمرحلة حرجة من صراعهم مع المرض، كانت المجموعة ترسل لهم رسالة يومية حتى يخرج الطفل من مرحلة الخطر.
    في كل سنة، تخسر المجموعة 200 طفل، إما بسبب شفائهم، وإما بسبب رحيلهم، وللأسف، تحصل المجموعة بشكل دوري على أسماء أطفال جدد يحتاجون لخدماتهم. في 2 مارس 2006 رحلت ليندا عن عالمنا، بعد صراع مع المرض، وخلفت ابنة وابنا، وخمسا من الأحفاد. بعد رحيلها، لم نعد نسمع كثيرا عن رسائل الحب، على أن الكثيرين تعلموا من ليندا، وانطلقوا يسيرون على ذات الدرب الذي سارت عليه.
     
    هذه القصة مهداة لصديق مال علي وقال جل قصصك تركز على الربح والمال، فلا تنسانا من جانب الروح والإنسانية. حتما لاحظتم معي من سياق القصة كيف احتاجت ليندا للمال لكي تستمر في تقديم خدماتها، ما يجعل للمال أهمية كبيرة في قصتها، لكن حين تحصل على المال، تصبح إجابة السؤال أين ستنفقه أكثر أهمية، وإذا كنت أتحدث في المدونة عن طرق ربح المال، فهذا لا يعني أن الغاية هي ربحه وتخزينه، بل يجب علينا أن نساعد غيرنا بدورنا، وهذه القصة مثال على طرق المساعدة والإنفاق. الآن سؤالي: هل مرت عليك رسائل حب عربية؟

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()