في تغيير مطلوب، أعرض عليك عزيزي القارئ اليوم قصة موقع انترنت مصري، اختار الانجليزية لغة له، يقدم لزائره بعضا من أفضل الأسعار التي يمكن الحصول عليها لمنتجات مختلفة في العاصمة المصرية القاهرة. الحملة التسويقية باختصار شديد جرت في مجلة انجليزية، واعتمدت على لصق ورقة العملة المصرية الجنيه، على ورقة بيضاء بالكامل، وعند إزالة ورقة الجنيه، تظهر جملة باللغة الانجليزية تقول: لمزيد من التوفير، زر وفر.كوم بوابتك على انترنت للعروض الخاصة. ظهر هذا الإعلان في ألفي نسخة من المجلة (التي لم يُذكر اسمها!!) أرسلت إلى عناوين المشتركين، بينما مائة نسخة أرسلت إلى شركات بعينها.
وفقا للمواقعالكثيرة التي تناقلت الخبر، وردت مكالمات هاتفية كثيرة إلى الموقع، من عملاء أرادوا وضع عروضهم الخاصة على الموقع، بينما اتصل آخرون لشكر الموقع على الجنيه، وفي أقل من شهر، زاد معدل زيارات الموقع بمقدار 26% وارتفع معدل الإلمام باسم الموقع ووظيفته بمقدار 18%.
الآن وقبل أن تبدأ في توقع ما أريده منك، أريد هنا مناقشة فكرة الإعلان، فقط، لا غير، لا أريد مناقشة هل الموقع مجدي أم لا، ولا أريد الدخول في نقاش حول لماذا لم يوفروا اللغة العربية، موضوع نقاشنا هو: هل الدعاية بالمال / النقد / العملات المعدنية أو الورقية ناجحة؟ لماذا نعم – لماذا لا.
في رأي الخاص، يعيب مثل هذه الأفكار أنها تجلب لك جميع الناس، المحتاج لخدماتك وغير المحتاج، والمتطفل وغير المرغوب فيه، ولذا يجب أن تتعامل معها بحذر شديد، فلا تتركها للعامة، بل يجب أن تختار أنت من تقصده بإعلان مثل هذا. أذكر من عدة سنوات، قامت مجلة ارابيان بيزنس الانجليزية بلصق عملة معدنية، ربع درهم إماراتي، على الغلاف، تماشيا مع موضوع الغلاف. كما العادة، وُضعت هذه المجلات في مدخل المبني حيث كنت أعمل، وفي البداية لم ينتبه المارة، لكن بحلول الظهيرة كان الخبر انتشر، ونزل بعض الزملاء لجلب عدة نسخ، لغرض خلع ربع الدرهم، ثم رمي المجلة في سلة المهملات، والذهاب لشراء مشروب غازي من الماكينة.
الشاهد، نعم، اختفت أعداد المجلة بالكامل، على غير العادة، لكنها انتقلت من فوق الطاولة إلى القمامة، وحتى من تصفح المجلة، فلربما فعل ذلك للتأكد من عدم وجود عملات أخرى. المحصلة، خسارة على جميع الجبهات.
عودة إلى إعلان الجنيه، إذا حسبنا التكلفة، سنقول أنها في الإجمالي ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه مصري (من ألفي إلى 3 آلاف دولار أميركي). ولأن الموقع لم يذكر عدد الزيادة في الزيارات، ولم يلجأ للحيلة القديمة الساذجة وهي ذكر عدد طلبات العرض Hits والتي يمكن في العادة أن تقسمها على 25 أو 50 لتعرف متوسط الزيارات الفعلية، لذا سأقول أن عدد الزيارات لم يتأثر كثيرا، فربما كان منخفضا في الأساس، كما أن إعلان في ألفي مجلة لن يجلب لك الزيادة المرعبة في الزيارات. رغم أني أراها لا تعطي الصورة الكاملة، لكن إحصائيات أليكسا يمكن الاستدلال بها، وإذا بحثنا عن موقع وفر في أليكسا، فسنجد عدد الزيارات قليل، والترتيب بعيد، لكن في أكثر المواقع زيارة في مصر سنجد متوسط ترتيب وفر.كوم 6500.
هذا في المنظور قصير المدى، تعال إلى بعيد المدى. تناقلت مواقع انترنت كثيرة فكرة الإعلان وصورته، حتى أن مدونة شبايك العربية تناولتها بالنقاش مرة أخرى، ستجد زيارات من كل حدب وصوب للموقع، لكن هل ستجد من يستفيد من عرض خاص هناك؟ إذا قلنا أنه في المعتاد من بين ألف زيارة يضغط 10 على العروض الخاصة، ومنهم واحد فقط الذي يتصل ليكمل عملية البيع وتكون نسبة نجاح عملية البيع 50% في المتوسط. وفق هذا النموذج الافتراضي الجزافي، فكلما زاد عدد الزوار، كلما زادت احتمالات حدوث عملية البيع – هل هذا صحيح؟
من وجهة نظري الفردية، الشخصية، التي ليست صحيحة بالضرورة، أجد أن الإعلان جلب شهرة للموقع، بدون شك، لكنها شهرة بلا فائدة، على المدى الطويل، فالزوار هم معجبون بالفكرة، وسيبحثون عن شركة الدعاية التي جاءت بهذه الفكرة لينبهروا بها، بينما الموقع سيسعد القائمون عليه برؤية إحصائيات الزوار وهي مرتفعة لفترة ما، لكني أشك في أن إحصائيات البيع زادت.
هل تتفق معي الرأي؟ لماذا ؟
إذا كنت أنت الموكل إليه الإعلان لهذا الموقع، أي فكرة إعلانية كنت لتختار؟
هل لديك منتج أفضل لتعلن عنه بفكرة العملات الورقية / المعدنية هذه؟