أحسبك تتفق مع الحكمة القائلة أن النجاح له ملايين الآباء، بينما الفشل يتيم لا نسب له. آفة كتب الأعمال الحديثة – إلا ما شاء ربك – أنها ذات مدى مؤثر قصير، أو أن صاحبها أصاب نجاحا في مجال ما، فألف كتابا ضرب فيه القواعد وأسس فيه النظريات، فما لبث الزمان أن اختبر ما ذهب إليه، فكان على القارئ بنفسه التوصل إلى صحيح الأفكار والنظريات. زد على هذا أن صحيح اليوم هو الخطأ في الغد، وما يقبل عليه الناس اليوم، سيفرون منه استهجانا غدا.
وضع كتابنا اليوم أسُسا لا أجد نفسي ميالة إلى الإيمان الكامل بها، فبالإضافة إلى عموميتها وغموضها، تكلفت المؤلفة حتى ربطت بين الكرات التي كانت الإيذان ببزوغ نجم شركة جديدة في عالم الاتصالات، وبين صفات ستة رأت أليكسي أنها لازمة للنجاح في لعبة الأعمال في عالم اليوم.
رأت أليكسي، من واقع خبرتها التي اكتسبتها من موقعها كمسئولة التسويق، أن للنجاح شروطا ست، لخصتها في التالي:
1- الشجاعة من أجل المخاطرة
2- الأصالة، والعودة إلى أصول ممارسة الأعمال، والعمل الشاق وقبول الفشل
3- أن تحدث ضجيجا يسمعه الجميع، عبر أفكار عبقرية غير مسبوقة
4- بذل الحب للموظفين من الرؤساء، ومن الموظفين
5- الجرأة لأداء الأشياء بشكل مختلف
6- أن تتبع إلهامك وتنفذه بشوق ولهفة
حسنا، قد أكون غير ناجح في ترجمة الصفات الستة على وجهها الصحيح، لكني أشك أن مرد ذلك ضعف أصابني في فهم مترادفات اللغة. عرضت لكم في مقالات سابقة ومنفصلة قصة نجاح شركة من المتصل، ظنا مني أن هذا الفصل ينقل الفكرة بشكل أفضل وأكثر جدوى، لكن تبقى الحقيقة التي تقول أن ما ينجح في جهة ما، فلا يعني ذلك بالضرورة أنه سينجح في جهة أخرى.
على أن اعتراضي على تسمية الكتاب وطريقة عرض أفكاره لا تقلل من قيمة المعاني التي أراد نقلها للقارئ، فالقصص الواردة فيه تحمل في طياتها الكثير من العبر، وتبث في نفس القارئ الرغبة الجامحة في الخروج إلى معترك الحياة كي يسطر بنفسه قصة نجاحه هو.
احتوى الكتاب على بعض الكلمات المأثورة، أجد أفضلها مقولة فلروينس كيندي: أكبر خطيئة ترتكبها هي أن تجلس ساكنا بلا حراك، كما ذيلت الكاتبة كل فصل بخلاصات توضح الفكرة وتبسط المعنى، نقلت لكم بعضها في السابق.
لعله صار عرفا أن يذيل من تناول كتابا بالمديح بأن ينصح القراء بشرائه، لكن أشذ عن ذلك وأرى أن الكتاب قد انتهت صلاحيته في عالم اليوم، فهو كان طازجا صالحا يوم صدر في عام 2005، لكني أراه صار أخبارا قديمة اليوم! ويكفي أن موقع الكتاب قد اختفى، وأن أليكسي غيرت وظيفتها مرتين بعد أن نشرت كتابها هذا!
قبل الختام، أتركك عزيز القارئ مع خلاصة أخيرة لبعض نصائح أليكسي التي ساقتها في الكتاب:
اقتنص الفرصة …
1- لا تخفي رؤيتك ومبادئك
كثرا ما تدفن الشركات أهداف تأسيسها في باطن تقاريرها السنوية، حيث يستحيل أن يقرأها أحد. لا تفعل مثلهم، واجعل غاية تأسيس الشركة وسياستها جزءا من حياة كل عامل وموظف، واحرص على أن تجعلها قصيرة قدر الإمكان، تتكون من عدد قليل من الجُمل، حتى يسهل فهمها من الجميع.
2- قس معدلات الأداء وكافئ المجتهدين بشكل دوري
وفر التدريب والنصح والإرشاد الاحترافي بشكل دوري، لتضمن أعلى معدلات الأداء في المؤسسة، وابحث عن المجتهدين والمحققين لأفضل النتائج وكافئهم.
3- قس جودة الخدمات المقدمة، وحدد أهداف عامة لتحقيقها
في حالة الشركات التي تتعامل مع الجمهور بشكل مباشر، على هذه الشركات تقييم جودة خدماتها المقدمة للجمهور، عبر خطوات محددة وواضحة، لقياس الجودة، مع تحديد نظام واضح يطبق على الجميع لمكافأة المجتهد.
4- إذا كنت لترسل هدايا إلى عملائك، لا ترسلها بالبريد، بل سلمها لهم باليد، على يد رجال المبيعات.
على أني لا أستطيع أن أخفي سعادتي حين ترك أحدهم تعليقا يفيد أنه قد تعرف على اسم الكتاب، فأن يكون متابع لمدونتي قارئا لهذه النوعية من الكتب لهو البشرى لي، واهتمامه بالتعليق من أمستردام لهو الخير بمشيئة الله، ولذا دورك الآن يا بطل أن تضع ما جاء به الكتاب محل التطبيق، وتكتب لي بالنتائج!