حكم الحجر المنقوش عليه أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد المساجد
يقول السائل: يوجد عندنا في مدينتنا مقبرة داخل مسجد تسمى هذه المقبرة ضريح السيد البدوي، ويوجد بنفس المقبرة حجر منقوش عليه خمسة أصابع، والكل يدعي أن هذه أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوجد في مدينة أخرى حجر منقوش عليه أصابع لقدم، فهل هذه حقيقة أم خرافات؟ علماً بأنني كنت أقبل وأتمسح هذا الحجر كما كان يفعل الناس عندنا، والحمد لله فقد تبت إلى الله من هذا، وأرجو الله أن يقبل توبتي، ولكن أريد أن أعرف هل هذه حقيقة أصابع رسول الله أو قدمه، أفيدونا أفادكم الله؟
كل هذا لا أصل له، ليست أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم وليست أصابع قدمه، وكل هذا باطل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت إلى مصر ولم يزرها، ولم توجد أصابعه في أي حجر حتى نقلت إلى هناك، وكل هذا من الباطل والكذب، فلا يجوز التمسح بها، ولا التبرك بها، بل تجب إزالتها وتحطيمها.
والمساجد لا تبنى على القبور، فلا يجوز أن يبنى مسجد على القبر، ولا يجوز الطواف بالقبور، ولا دعاء أهلها من دون الله، ولا التمسح بقبورهم، ولا النذر لأهلها، كما يفعل عند البدوي أو غيره، كل هذا منكر عظيم، فبناء المساجد على القبور أنكره النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)).
ولما ذكرت له بعض الصحابيات المهاجرات إلى الحبشة كنيسة رأينها في أرض الحبشة، وفيها ما فيها من الصور، قال صلى الله عليه وسلم: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور)) ثم قال: ((أولئك شرار الخلق عند الله))، فأخبر أن هؤلاء الذين يبنون المساجد على القبور، ويتخذون عليها الصور هم شرار الخلق؛ لأنهم دعاة للنار- ونعوذ بالله - ودعاة للشرك.
فيجب الحذر من هذه البلايا، وهذه البدع، وهذه الشرور التي أحدثها الجهلة، ويجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور، وتكون مستقلة عن القبور، والقبور مستقلة عن المساجد، أما أن يتخذ المسجد على المقبرة، أو يدفن في المسجد فكل هذا منكر، ولا يجوز الدفن في المساجد، بل تكون المقابر مستقلة وتكون المساجد مستقلة، ولا يبنى المسجد على القبر، ولو كان من قبور الأنبياء فلا يبنى عليه مسجد؛ لأن ذلك من وسائل الشرك، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك ولعن من فعله.
أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي في المدينة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته ولم يدفن في المسجد، هو وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فكان مدفوناً في بيت عائشة رضي الله عنها، ثم دفن معه أبو بكر، ثم دفن معه عمر.
لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد في عهده أدخل الحجرة في المسجد اجتهاداً منه، وقد غلط، ولو تركها على حالها لكان أسلم وأبعد عن الشبهة، فإن بعض الناس اغتروا بهذا، وظنوا أن اتخاذ المساجد على القبور أمر مطلوب، وهذا غلط، فالنبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيت عائشة رضي الله عنها وليس في المسجد، وهكذا صاحباه دفنا معه في البيت، ثم أدخلت الحجرة برمتها في المسجد، فلا يجوز لأحد أن يغتر بهذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من هذا عليه الصلاة والسلام، وأبدأ وأعاد في ذلك، فيجب الحذر مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وألا يدفن إنسان في مسجد، وألا يقام مسجد على قبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فيجب الحذر، ولأنه وسيلة للشرك.
فتاوى نور على الدرب الجزء الأول