حلفت بالطلاق أن أكسو بنات عمي، وقد كنَّ صغيرات، لكني لم أستطع حتى الآن، والبنات قد كبرن، فكيف أتصرف؟
هذا يختلف بحسب النية، إن كنت قلت: علي الطلاق أن أكسو بنات عمي، وقصدك يعني إذا تيسر ما قصدك الآن في الحال متى تيسر ذلك، متى تيسر تكسوهم، أما إن كنت قصدت يوماً معيناً أو شهراً معيناً أو سنة معينة فأنت على نيتك، فإن تم ذلك وإلا وقع الطلاق إن كنت أردت إيقاع الطلاق، أما إن كنت، لا، إنما أردت حث نفسك ما أردت إيقاع الطلاق، إنما قصدك التأكيد على نفسك وإلزام نفسك بالكسوة وليس قصدك فراق أهلك ولا إيقاع الطلاق عليهم، فإنه يكون عليك كفارة يمين حسب النية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات)، وقد أفتى جماعة من السلف في ذلك بهذا المعنى، فإذا كان قصدك من الطلاق أن تلزم نفسك بالكسوة وأن تحث نفسك عليها وليس قصدك إيقاع الطلاق على أهلك إن لم تكسو بنات عمك فإنه لا يقع الطلاق لو لم تكسهم، وعليك أن تكفِّر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة، تغديهم أو تعشيهم أو تعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو كل واحد تعطيه قميص أو إزار ورداء هذه الكسوة، ومن عجز كان فقيراً عاجزاً يصوم ثلاثة أيام، وهناك أيضاً عتق رقبة، إذا حنث في يمينه هو مخير بين ثلاثة أشياء: بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام كما نص على ذلك سبحانه في سورة المائدة، وقد بين الله جل وعلا كفارة اليمين بياناً شافياً قال سبحانه: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) الآية (89) من سورة المائدة، فعلى المؤمن أن يحفظ يمينه ويجتهد في عدم الأيمان إلا عند الحاجة إليها، وإذا حلف يجتهد في بر اليمين إذا استطاع وكانت المصلحة في بر اليمين، أما إن كان المصلحة تقتضي في عدم البر وأن يحنث فإنه يحنث ويكفِّر، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفِّر عن يمينك وائت الذي هو خير) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (والله إني -إن شاء الله- لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفَّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) هكذا يقول -صلى الله عليه وسلم-، فإذا قال الإنسان: والله لا أكلم فلاناً، أو لا أسلم عليه، ثم رأى أن المصلحة تقتضي أنه يكلمه ويسلم عليه لا موجب لهجره ولا وجه لهجره فإنه يحنث يسلم عليه يكلمه ويكفر عن يمينه، أو قال: والله ما أتصدق اليوم شيء! يكفِّر عن يمينه ويتصدق، أو قال: والله لا أحج هذه السنة، ثم أحب أن يحج يحج، يكفر عن يمينه؛ لأن هذا خير، وهكذا ما أشبه ذلك.