هل الحلف بالطلاق لتأكيد كلام بدون نية الطلاق يقع طلاقاً أو لا، وهل العبارة التي تقول: (الحلف بالطلاق ليست طلاقاً) حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ليس حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن فيه تفصيل: الحلف بالطلاق إن كان أراد به إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن كان ما أراد يكون فيه كفارة يمين عند جمع من أهل العلم، وبعض أهل العلم يراه طلاقاً مطلقاً ولو قصد به اليمين، والحلف بالطلاق كأن يقول: عليه الطلاق ما يكلم فلان، عليه الطلاق لا تخرجي من البيت، عليه الطلاق لا تكلمي فلاناً، عليه الطلاق ألا يزور فلاناً، هذا يسمى يميناً إذا كان قصد به المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب، فإذا قال: عليه الطلاق أنك ما تكلمين أخاك فلان، أو جارك فلان، وقصده منعها ليس قصده مفارقتها، فهذا عليه كفارة اليمين إذا كلمته، وهكذا لو قال عليه الطلاق أنه ما يزور فلان، قصده منع نفسه من الزيارة، فهذا يسمى يمين، أما إن أراد إيقاع الطلاق فهذا يقع الطلاق بالزيارة؛ لأنه علقه عليها، فإذا زار وقعت طلقة واحدة كما قال، مثلما لو قال: إذا دخل رمضان فأنت طالق، فهذا ما يسمى يمين، هذا تعليق، إذا دخل رمضان طلقت، أو قال: متى حضت أو متى ولدت أو نحو ذلك. المقصود أن الطلاق المعلق إذا كان ما قصده التصديق أو التكذيب أو الحث أو المنع إنما قصده التعليق فقط فهذا يقع، إن كلمتِ زيداً فأنتِ طالق، قصده أنه يقع الطلاق، وقع الطلاق، إن دخل رمضان، إذا دخل رمضان فأنت طالق، يقع إذا دخل رمضان، أما إذا قال: إن كلمت زيداً وقصده منعها من الكلام ما يحب منها تكلمه، فهذا إذا كلمته يكون عليه كفارة يمين؛ لأنه أراد منعها فيسمى يميناً في أصح قولي العلماء، وتكون فيه الكفارة فقط. وقال بعض أهل العلم: إن الطلاق يقع مطلقاً، ولو نوى به اليمين، وهذا قول ضعيف، والصواب أنه متى نوى اليمين فإنه لا يقع عليها طلاق ولكن عليه الكفارة، واحتج العلماء على ذلك بأدلة كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (الأعمال بالنيات)، وهو لم يرد إلا منعها ما أراد إيقاع الطلاق إنما أراد منعها أو منع نفسه من شيء، ومنها: ما حصل من فتاوى بعض الصحابة فيمن حلف ألا يفعل كذا وإن فعل فعبيده أحرار وماله صدقة، فقد أفتى فيه ابن عمر وبعض الصحابيات بأنه يمين، والطلاق أشد، الطلاق مبغوض إلى الله، فإذا كان العتق والصدقة يمين، فالطلاق من باب أولى، ويروى عن جماعة من الصحابة أنهم جعلوه يميناً، يروى عن علي والزبير وجماعة أنهم جعلوه يميناً. فالحاصل أن هذا الطلاق لم يرده صحابه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وهو إنما أراد منعاً أو حثاً أو تصديقاً أو تكذيباً، فإذا قال: عليه الطلاق لايكلم فلان فقد أراد منع نفسه وإذا قال: عليه الطلاق أن يزور فلاناً فقد أراد حث نفسه على الزيارة، وإذا قال: عليه الطلاق أنه ما فعل كذا، أراد التصديق، وأنه يصدق في ذلك، أو قال: عليه الطلاق مثلاً أن فلاناً كاذب، وأراد بذلك أن يكذب فلان، فالحاصل أنه لم يرد إيقاع الطلاق إنما أراد معنى آخر، فيكون له ما أراد على الصحيح، وعليه الكفارة إذا كان أراد هذا المعنى، ولا يقع الطلاق.