لم يفكر جوكربيرج، الذي كان مشهورا بين الطلبة بولعه الشديد بالانترنت، بشكل تقليدي. مثلا لم يسع الي انشاء موقع تجاري يجتذب الاعلانات، او الي نشر اخبار الجامعة أو.. ببساطة فكر في تسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة علي اساس ان مثل هذا التواصل، اذا تم بنجاح، ستكون له شعبية جارفة. جوكربيرج حقق نجاحا سريعا في وقت قصير واطلق جوكربيرج موقعه "فيس بوك" في عام 2004، وكان له ما اراد. فسرعان ما لقي الموقع رواجا بين طلبة جامعة هافارد، واكتسب شعبية واسعة بينهم، الامر الذي شجعه علي توسيع قاعدة من يحق لهم الدخول الي الموقع لتشمل طلبة جامعات اخري او طلبة مدارس ثانوية يسعون الي التعرف علي الحياة الجامعية.
واستمر موقع "فيس بوك" مقصورا علي طلبة الجامعات والمدارس الثانوية لمدة سنتين. ثم قرر جوكربيرج ان يخطو خطوة اخري للامام، وهي ان يفتح ابواب موقعه امام كل من يرغب في استخدامه، وكانت النتيجة طفرة في عدد مستخدمي الموقع، اذ ارتفع من 12 مليون مستخدم في شهر ديسمبر من العام الماضي الي اكثر من 40 مليون مستخدم حاليا، ويأمل ان يبلغ العدد 50 مليون مستخدم بنهاية عام 2007. وفي نفس الوقت قرر ايضا ان يفتح ابواب الموقع امام المبرمجين ليقدموا خدمات جديدة لزواره، وان يدخل في تعاقدات مع معلنين يسعون للاستفادة من قاعدته الجماهيرية الواسعة.
وكان من الطبيعي ان يلفت النجاح السريع الذي حققه الموقع انظار العاملين في صناعة المعلومات، فمن ناحية بات واضحا ان سوق شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ينمو بشكل هائل، ويسد احتياجا مهما لدي مستخدمي الانترنت خاصة من صغار السن. ومن ناحية اخري نجح موقع "الفيس بوك" في هذا المجال بشكل كبير. وكانت النتيجة ان تلقي جوكربيرج عرضا لشراء موقعه بمبلغ مليار دولار العام الماضي. مليار دولار لا تكفي! الا ان جوكربيرج، وعمره 23 عاما، فقط فاجأ كثيرين من حوله برفض العرض.
موقع الفيس بوك يستخدمه اكثر من 40 مليون فرد حاليا وتوقع كثيرون ان يندم علي هذا الرفض، خاصة وانه جاء بعد عام واحد فقط من قيام شركة "نيوزكوربوريشن"، التي يمتلكها المليونير الاسترالي روبرت ميردوخ، بشراء موقع "ماي سبيس"، وهو موقع للعلاقات الاجتماعية، بمبلغ 580 مليون دولار. اما سبب رفض جوكربيرج لهذا العرض فيرجع الي انه رأي ان قيمة شبكته اعلي كثيرا من المبلغ المعروض. وحسبما قال في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية فانه "ربما لم يقدر كثيرون قيمة الشبكة التي بنيناها بما تستحق". واضاف ان عملية الاتصال بين الناس ذات اهمية بالغة، و"اذا استطعنا ان نحسنها قليلا لعدد كبير من الناس فإن هذا سيكون له اثر اقتصادي هائل علي العالم كله".
واثبت واقع الحال انه كان محقا في رفضه هذا العرض. فقد قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، ابرز الصحف الاقتصادية الامريكية، الاثنين ان شركة ميكروسوفت تسعي لشراء 5% من قيمة فيس بوك " بقيمة من 300 الي 500 مليون دولار، الامر الذي يعني ان قيمة فيس بوك " الكلية تصل الي مبلغ من ستة الي عشرة مليارات. يشار الي ان شركة ميكروسوفت تحتكر اعلانات الانترنت علي شبكة فيس بوك في الوقت الراهن.
|