ماذا نقول للذين يرون أن الطلاق لا يقع بمجرد اللفظ به إذا لم يُشهد على الطلاق، أو إذا لم يشهد على الطلاق شاهدا عدل؟ ويجوز في نظرهم متابعة الحياة الزوجية بما فيها، كما لو لم يقع أي شيء، ويعتمدون في فهمهم وحكمهم على قول عطاء رحمه الله تعالى وهو: أنه لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا جماع إلا شاهدا عدل؟
الذي عليه أهل العلم أن الطلاق يقع ولو لم يشهد؛ إنما الإشهاد سنة, والله- سبحانه وتعالى- أخبر عن الطلاق في آيات كثيرات, ولم يشترط سبحانه الإشهاد وهكذا نبيه - صلى الله عليه وسلم -, وجاء يروى عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه - أنه قال: (أشهد على طلاقها وعلى رجعتها), وقال: (من طلق في غير إشهاد فقد طلق في غير السنة), فهذا يستدل به ويحتج به على أن المشروع أن يشهد على الطلاق؛ لأنه قد يطلق وينكر, فإذا أشهد على الطلاق كان عوناً له على إثبات الحق, وعلى عدم العودة إلى الباطل بإنكار الطلاق, فالإشهاد يعينه على أداء الحق ويثبت الحق للمرأة, فالسنة أن يشهد على الطلاق ويشهد على الرجعة, ويحتج على هذا أيضاً بقوله- سبحانه وتعالى-: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ, فإن هذا فسر بالإشهاد على الطلاق, وفسر بالإشهاد على الرجعة, والآية تحتملها فيشرع هذا وهذا يشرع إشهاده على الطلاق, ويشرع إشهاده على الرجعة ولكن ليس ذلك بشرط, فالرجعة صحيحة وإن لم يشهد عليها إذا اعترفت بها الزوجة, وأسمعها الرجعة في العدة, وكذلك الطلاق يقع وإن لم يشهد لكنه خالف المشروع خالف ما ينبغي. بارك الله فيكم.