هل يعد قاتل نفسه من المخلدين في النار، وإذا كان كذلك فهل يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويعزى أهله فيه، ويستغفر له؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقتل النفس من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم، فقد حرم الله على العبد أن يقتل نفسه، قال الله جل وعلا: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، حديدة أو سيف أو بندق أو غير ذلك، فالواجب الحذر، ولو أصابه شدة ولو أصابه مرض شديد، أو قلق أو غير ذلك، فيجب عليه أن يتقي الله وأن يحذر قتل نفسه، لكن لا يخلد في النار خلود الكفار، من جنس بقية أهل المعاصي تحت مشيئة الله جل وعلا، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.. (48) سورة النساء، فقتل النفس من جملة المعاصي التي دون الشرك، فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي فعلها، ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ بسبب توحيده وإيمانه وإسلامه الذي مات عليه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة، فالخوارج يكفرون بالمعاصي والمعتزلة يجعلونه مخلداً في النار، أما أهل السنة والجماعة فيقولون: لا، لا يخلد، ولكنه متوعد بالنار قد يعفى عنه، وقد يدخل النار فإن دخلها فإنه لا يخلد خلود الكفار، وإن خلد خلوداً خاصاً طال مكثه، لكن لا يخلد خلود الكفار، لا يخلد في النار أبد الآباد إلا الكفار خاصة، أما العاصي فقد تطول مدته وقد تقصر، ولكنه يخرج من النار، المآل والمصير الخروج من النار إلى الجنة؛ لأنه مات على الإسلام، والقاتل المسلم