أنا قلت ذات مرة إني أعاهد الله بأن لا آتي العمل الفلاني، ولكني لم أوفِ بذلك العهد، أرجو أن تنصحونني أنا ومن ماثلني في مثل هذا؟
هذا فيه تفصيل إن كانت المعاهدة على أمر حرمه الله عليك وعاهدت الله أن لا تعود إليه وأن لا تقربه فالواجب عليك التوبة إلى الله من رجوعك إليه ومن تاب تاب الله عليه, والتوبة تشتمل على أمور ثلاثة: الندم على الماضي من المعصية, والإقلاع منها, والعزم الصادق أن لا تعود فيها, فإذا فعل المسلم ذلك تاب الله عليه-سبحانه وتعالى-, ومن تمام التوبة إتباعها بالعمل الصالح والاستقامة كما قال-عز وجل-: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى, وقال- سبحانه-لما ذكر الشرك, والقتل, والزنا في سورة الفرقان قال: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ, فأخبر- سبحانه- أن من تاب وأتبع توبته بالإيمان الصادق والعمل الصالح فإنه-سبحانه-يبدل سيئاته حسنات, وهذا علاوة على قبول التوبة قبيلها ثم جعل مكان كل سيئة حسنة هذا من فضله وجوده وكرمه-سبحانه وتعالى-, وإن كان في المعصية حق للمخلوقين مثل السرقة, والعدوان على بعض أموال الناس, أو دمائهم, أو أعراضهم فلا بد من حل لصاحب الحق, لا بد أن يعطى حقه, أو يستحل فإذا أباح وأحل سقط حقه, وهكذا في العرض من الغيبة و الكلام في عرضه يستحل فإذا سمح سقط حقه, إلا أن يخاف من إخباره مفسدة ولا يرجى من إخباره مصلحة فإنه لا يخبر, لكن يدعى له ويستغفر له ويذكر في المجالس التي ذكر فيها بالسوء يذكر بالأشياء الطيبة التي تعلمها عنه التي يعلمها من اغتابه حتى يقابل عمله السيئ بعمل صالح, هذا إذا لم يتيسر أن يخبره بما وقع منه من الغيبة, وخاف من شر ذلك وعاقبة ذلك فإنه يذكره بالمحاسن والأعمال الطيبة التي يعرفها عنه في المجالس والأماكن التي ذكره فيها بالسوء حتى يكون هذا في مقابل هذا, مع الدعاء له والاستغفار له والحمد لله.