أرجو من سماحة الشيخ أن يشرح هذا الحديث الذي ما معناه: (ما منكم من أحد إلا وقد عُلِمَ مقعده من الجنة والنار) فنرجو منكم التوجيه حول هذا الحديث؟
هذا الحديث صحيح، جاء في معه أحاديث كثيرة, الله-جل وعلا-سبق علمه بجميع الكائنات, فهو يعلم-سبحانه-أهل الجنة وأهل النار قد سبق بعلمه وكتابته بذلك، وكل مولود يولد يكتب رزقه, وأجله, وعمله, وشقي أو سعيد كما في حديث ابن مسعود وغيره، ولكن هذه الكتابة وهذا القدر لا يمنع من العمل النبي – عليه الصلاة والسلام-قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له), خطبهم ذات يوم-عليه الصلاة والسلام-وقال : (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعدة من الجنة ومقعده من النار، فقالوا: يا رسول الله ففيم العمل؟- يعني إذا كانت مقاعدنا معلومة فلم العمل؟- قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما أهل السعادة فييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل أهل الشقاوة ثم تلا قوله-تعالى-: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (الليل:5-10) فالمقصود أن الله-جل وعلا-قدّر المقادير وأمر بطاعته, ونهى عن معصيته, وبعث الرسل بهذا الأمر, وأنزل الكتب بهذا الأمر، وأعطى العبد عقلاً, وأعطاه خياراً وإرادة, فالواجب عليه أن يتقي الله, وأن يبادر ويسارع إلى فعل ما أوجب الله عليه, وترك ما حرم الله عليه، ويسأل ربه العفو.