كان لي أخ يشتغل سائق في أرض زراعية، وحدث مرة أن اصطدم برجل كبير في السن فمات الرجل، سلم أخي نفسه للشرطة معترفاً بأنه اصطدم بالرجل لكن بدون قصد، فخرج أخي بكفالة، ولم يمض عام واحد حتى قتل أخي بيد طفل في العاشرة، فسامحه أبي وسامحت أمي، وكلنا سامحنا الطفل وأهله، أمي صامت شهرين متتابعين حتى تكفر عن أخي بعض ذنوبه، ما حكم صيامها، وهل علينا في جانب أخي من شيء
أحسنتم في التسامح والعفو, وأحسنت الوالدة في الصوم عن ابنها؛ لأن عليه كفارة, وهي عتق رقبة مؤمنة, فإذا لم يستطع صام شهرين متتابعين, وقد أحسنتِ والدته بصيام شهرين؛ لأن تحصيل الرقبة قد يتعسر في بعض الأحيان، وقد يعجز عنه القاتل، وهو لا يوجد إلا قليل، يوجد في بعض دول أفريقيا ولكنه قليل، فإذا تمكن من شراء العبد أو الأمة من عتق فهو مقدمٌ على الصيام، وإذا لم يتمكن صام شهرين متتابعين، ولما صامت أمك عنه فقد أحسنت في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) يعني قريبه، وجاء أقرب الناس إليه، فقد أحسنت في ذلك. كأني بالوالدة لم تصم من أجل القتل الخطأ سماحة الشيخ، بل صامت للتكفير عن ذنوبٍ أخرى، ترشدونها إلى شيء لو تكرمتم؟ إن كانت صامت عن ابنها لأجل الصوم الذي عليه، بسبب قتل الشيخ الكبير، فهذا صحيح. فإن كانت صامت لغير ذلك هذا لا يجزي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فيستحب يشرع لها أن تصوم، أو أبوه إن كان أبوه موجود، أو أحد إخوانه، أو إحدى أخواته، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه). لو توزعت الأسرة الصيام. هذا فيه التتابع لا بد يصومه واحد. بارك الله فيكم سماحة الشيخ في ختام...