قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ))[المائدة:105]، هل تتقابل، أو كيف نجمع بينها وبين قول الرسول: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ؟
ليس بين الآية المذكورة الكريمة وبين الحديث الشريف المذكور تخالف ولا تضاد، هذه الآية والحديث متفقان والله يقول - سبحانه وتعالى -: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) والمعنى عليكم أن تجاهدوا أنفسكم، عليكم إصلاح أنفسكم، ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم، يعني لا يضركم من ضل إذا أديتم الواجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بما أوجب على الله العبد، فإن هذه هي الهداية، لا يكون العبد مهتدياً حتى يقوم بالواجب، وكونه يرعى من تحت يده ويقوم بما يلزم، وكونه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعوا إلى الله كل هذا من طرق الهداية، فلا يكون مهتدياً حتى يؤدي ما أوجب عليه من الواجبات العينية والواجبات المتعلقة بالمجتمع، من أمرٍ بالمعروف ونهيٍ من المنكر وغير هذا مما يلزم المجتمع، فالحاصل أن قوله - سبحانه وتعالى - ((لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) معناه إذا أديتم الواجب، ومن ترك الحبل على الغالب ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن منكر، ولم يقم بحق الرعية ما أدى الواجب ولا اهتدى الهداية الكاملة، بل هدايته ناقصة غير كاملة فيكون مؤاخذ بذلك، يكون هذا الرجل الذي قصر بالواجب يكون مؤاخذاً بما قصر فيه؛ لأن هدايته ناقصة والله يقول: (لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)، والذي لم يأمر بالمعروف ولم ينهَ عن المنكر ولم يقم بالدعاية التي عليه ما يكون متهدياً الهداية المطلقة الكاملة، فتكون هدايته ناقصة ضعيفة فيها خلل، فيؤاخذ بهذا الخلل وبهذا النقص.