بتـــــاريخ : 3/11/2011 3:45:41 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1409 0


    دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز | المصدر : www.binbaz.org.sa

    كلمات مفتاحية  :

    دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى التوحيد
    يقول السائل: فضيلة الشيخ، يسمي بعض الناس عندنا العلماء في المملكة العربية السعودية بالوهابية فهل ترضون بهذه التسمية؟ وما هو الرد على من يسميكم بهذا الاسم؟

    هذا لقب مشهور لعلماء التوحيد علماء نجد ينسبونهم إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه؛ لأنه دعا إلى الله عز وجل في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واجتهد في إيضاح التوحيد وبيان الشرك للناس، حتى هدى به الله جمَّاً غفيراً، ودخل الناس في توحيد الله، وتركوا ما هم عليه من أنواع الشرك الأكبر، من عبادة أهل القبور، ومن البدع المتعلقة بالقبور، وعبادة الأشجار والأحجار، والغلو في الصالحين.
    فصارت دعوته تجديدية إسلامية عظيمة، نفع الله بها المسلمين في الجزيرة العربية وفي غيرها - رحمه الله رحمة واسعة - وصار أتباعه ومن دعا بدعوته ونشأ على هذه الدعوة في نجد يسمى بـ (الوهابي)، وكان هذا اللقب علماً لكل من دعا إلى توحيد الله، ونهى عن الشرك وعن التعلق بأهل القبور، أو التعلق بالأشجار والأحجار، وأمر بالإخلاص لله وحده وسمي وهابياً، فهو لقب شريف عظيم يدل على أن من لقب به فهو من أهل التوحيد، ومن أهل الإخلاص لله، وممن ينهى عن الشرك بالله، وعن عبادة القبور والأشجار والأحجار والأصنام والأوثان.
    هذا هو أصل هذه التسمية، وهذا اللقب هو نسبة إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي الداعي إلى الله عز وجل رحمه الله رحمة واسعة، فقد نشأ في نجد، وتعلم في نجد، ثم سافر إلى مكة والمدينة والعراق والأحساء وأخذ عن علمائها من أهل السنة، ثم رجع إلى نجد فرأى ما الناس فيه من الجهل، وعبادة القبور والغلو فيها، والشرك بالله سبحانه وتعالى، ودعاء الأموات والاستغاثة بهم والبناء على قبورهم، فدعا إلى الله، وأرشد الناس ونهاهم عن الشرك، وبين لهم أن التوحيد هو حق لله عز وجل على عباده، وأنه الذي دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام.
    وبين لهم معنى لا إله إلا الله وأن معناها: لا معبود حقٌ إلا الله، يعني: أنها نفي وإثبات، تنفي الإلهية عن غير الله وتثبت العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[1]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[2]، وقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ[3]، وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ[4]، وقال عز وجل: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[5]، وقال سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء[6].
    فالشيخ رحمه الله - محمد بن عبد الوهاب - قام بهذه الدعوة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، وكان ذلك في العيينة في بلدة قريبة من الرياض، دعا إلى الله فيها، ونشر التوحيد وصارت عنده حلقة عظيمة في التعليم، ثم انتقل لأسباب معروفة إلى الدرعية، وتلقاه أميرها محمد بن مسعود وبايعه على الدعوة إلى الله عز وجل، وعلى نشر الإسلام في الدرعية وما حولها فنفع الله بذلك، وتعاون الإمامان: الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود جد العائلة المالكة الآن، فتعاونا في سبيل الدعوة، وكان ذلك في عام ثمانٍ وخمسين ومائة وألف من الهجرة النبوية.
    هكذا بدأ الدعوة في الدرعية بعد أن انتقل من العيينة، فانتشر الإسلام هناك، وأزيلت القباب التي على القبور، وانتشر التوحيد بين الناس، وعرفوا حقيقة معنى لا إله إلا الله، ثم قامت دولة آل سعود في بقية الجزيرة، وانتشر أمر التوحيد في أطراف الجزيرة، فنفع الله بهذه الدعوة نفعاً عظيماً، وظهر بها الحق، وانتصر بها أهل التوحيد، وصارت علماً لأهل التوحيد في كل مكان.
    ثم انتشرت هذه الدعوة أيضاً في اليمن، وفي جهات كثيرة من الهند والشام والعراق ومصر، حيث تلقاها أئمة الهدى وعلماء الحق بالقبول، وساعدوا الشيخ محمداً رحمه الله ودعوا بدعوته.
    وخالفه آخرون ممن غلب عليهم الجهل، أو التقليد والتعصب لآبائهم وأسلافهم، أو غلب عليهم الهوى والتعصب لما هم عليه لئلا يقول الناس: لماذا لم تعلمونا؟ فعادوا هذه الدعوة، وكتبوا كتابات باطلة ضدها، ولكن الله سبحانه نصر الدعوة وأهلها واستقام أمر التوحيد في الجزيرة، وانتشر أمر الله بحمد لله، فصار أتباع هذه الدعوة ومن يدعون إلى توحيد الله من علماء التوحيد من علماء نجد وغيرهم يُلقبون بـ(الوهابية)، فهو لقب معروف شريف وليس بمستنكر، فهو لقب أهل التوحيد والإيمان، من أهل الدعوة إلى الله عز وجل.
    وهكذا انتشر هذا اللقب في كثير من البلدان الخارجية التي لا تنتسب إلى نجد؛ إذا رأوا من يدعو إلى الله ويبين حقيقة التوحيد، وينهى عن الشرك في أفريقيا أو في اليمن أو في الشام أو في جهات أخرى، إذا رآهم بعض الغلاة وبعض المنحرفين قالوا: هذا وهابي، حتى ينفروا الناس عن دعوته، وحتى يظن الناس أن هذه الدعوة دعوة باطلة أو دعوة مخالفة للشرع، وهو غلط قبيح ومنكر، بل هي حقيقة ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى توحيد الله، وهكذا الرسل جميعاً كلهم دعوا إلى توحيد الله، ونشروا دين الله - عليهم الصلاة والسلام - كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ[7]، هذه دعوة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - جميعاً، وهي دعوة نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، فإنه دعا إلى توحيد الله وقام في مكة بالدعوة وصار المشركون يسمون من أجاب دعوته صابئاً، كما يقال للموحد الآن وهابي، فمن أجاب دعوة محمد صلى الله عليه وسلم في مكة قالوا له: صابئ.
    وهكذا بعد ما هاجر، لكن الله نصر الدعوة وأيد نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وانتشرت الدعوة في مكة، وفيما حولها، ثم هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وانتصرت الدعوة، وقام سوق الجهاد، وصارت المدينة معقل الإسلام، ومدينة الإسلام، والعاصمة الأولى للإسلام، والحمد لله.
    والمقصود من هذا كله: أن هذه الدعوة وهذا اللقب لكل من دعا إلى توحيد الله، وأنكر الشرك يسميه بعض الجهلة وهابياً؛ لجهلهم للحقيقة وعدم علمهم بها، والحقيقة هي ما ذكرنا أنها دعوة عظيمة إلى توحيد الله وإلى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم التقليد الأعمى والتعصب المقيت، وعدم البدع والخرافات، وعدم الشرك والتعلق بالأموات وبالأشجار والأحجار، أو بالأنبياء والصالحين أو بالأصنام، فهذه الدعوة تحارب أهل الشرك وتدعو إلى توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بمعنى لا إله إلا الله وتحقيقها، وتحقيق اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، والتمسك بسنته وطريقته، والاستقامة على ذلك، هذه هي دعوة الشيخ محمد رحمه الله.

    [1] الحج: 62.
    [2] الفاتحة: 5.
    [3] الأنبياء: 25.
    [4] الإسراء: 23.
    [5] غافر: 14.
    [6] البينة: 5.
    [7] النحل: 36.
    فتاوى نور على الدرب الجزء الأول

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()