رأيت والدي في منتصف الليل يصلي صلاة الليل ثمان ركعات، فسألته عن فائدة الصلاة في الليل فقال: إن الإنسان الذي يصلي في الليل لا تأكل الأرض جسده بعد وفاته، فهل هذا صحيح، وهل يبقى الإنسان في قبره إذا كان يصلي صلاة الليل والناس نيام، وهل الروح تبقى في الجسد بعد الوفاة أم تصعد إلى خالقها؟
صلاة الليل قربة عظيمة, وسنة مؤكدة قال الله- جل وعلا- في وصف عباد الرحمن, وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (الفرقان:64), وقال-سبحانه في وصف المتقين-, كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (الذاريات:18), وقال الله لنبيه-عليه الصلاة والسلام-: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً*أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (المزمل:1-4), وقال-تعالى-:تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (السجدة:16), والآيات في هذا كثيرة تدل على فضل قيام الليل ،والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتهجد بالليل كثيراً -عليه الصلاة والسلام-, ويقول: ( أيها الناس أفشوا السلام, وأطعموا الطعام, وصلوا الأرحام, وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام), فالتهجد بالليل من أفضل القربات ومن أعظم الطاعات، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأغلب يصلي إحدى عشر ركعة، يسلم من كل ثنين ويوتر بواحد- عليه الصلاة والسلام-، وربما أوتر بأقل من هذا, ربما أوتر بتسع, وربما أوتر بسبع, ربما أوتر بخمس، ولكن الأغلب أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاثة عشر -عليه الصلاة والسلام- في الليل يطيل في قراءته, وركوعه, وسجوده-عليه الصلاة والسلام-. أما كونه لا تأكل الأرض جسمه إذا كان يصلي من الليل فهذا لا أعلم له أصلاً, لا أعلم في الأدلة الشرعية ما يدل على ذلك، وأما الروح روح المؤمن فإنها تعلق في شجر الجنة, تكون في الجنة يدخلها الله الجنة -جل وعلا- فتعلق في أشجارها كالطائر، شبه الطائر تعلق في أشجار الجنة وثمارها كما صح به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة), وأما أرواح الشهداء فأخبر-صلى الله عليه وسلم-أنها تكون في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعود إلى قناديل معلقة تحت العرش، فأرواح المؤمنين في الجنة مكرمة، لكن أرواح الشهداء لها شأن, ويعيد الله الأرواح إلى أجسادها إذا شاء، كما يعيدها عند السؤال حين يموت الإنسان ويوضع في قبره يأتي الملك فيسأله عن ربه, وعن نبيه, وعن دينه فيعيد الله له روحه, فيسمع السؤال