البحرين تلتقط انفاسها والتوتر الايراني ــ السعودي يزداد
طهران تعزّز وجودها العسكري في طنب واحد واثنين
استرجعت البحرين بعض انفاسها بعد قيام القوات الخليجية وامن البحرين بتفريق المتظاهرين بالقوة من دوار اللؤلؤة وسقط اكثر من 1500 جريح نتيجة بدء تفريق المتظاهرين بالقوة من شوارع المنامة.
ويبدو ان اسلوب العقيد القذافي في قمع الثورات الشعبية بالطيران والمدفعية والدبابات في ليبيا بدأت انظمة عربية اخرى تستعمله ولكن بوسائل اقل بكثير مما جرى في ليبيا. فقد نزلت القوات السعودية والكويتية والاماراتية والقوات البحرانية الى شوارع العاصمة المنامة وتقدر هذه القوة بحوالى 8 آلاف شرطي ورجل امن وعسكري وأطلقت رصاصا مطاطيا على المتظاهرين وبدأت تفريقهم من الشوارع. كما ذكرت «الديار» امس فقد سقط امس الاول 1500 جريح دون وقوع قتلى، اما فجر امس وعند الساعة الرابعة صباحاً بدأت القوات الخليجية بالدفعة الثانية بتفريق المتظاهرين من دوار اللؤلؤة في قلب العاصمة البحرانية، وامر ملك البحرين بفرض حظر التجول لمدة 12 ساعة واعتقلت القوات الخليجية اكثر من 825 شخصا كانوا يتجولون فيما بقي 30 الفا من المتظاهرين الشيعة موجودين في العاصمة والشوارع وغير متلزمين بقرار منع التجول.
وقال مراسل «إ. بي.» ان المدرعات السعودية انتشرت على المفارق والطرقات في العاصمة المنامة، كما نشرت اكثر من 40 مدرعة وشاحنة في دوار اللؤلؤة، اما القوات الاماراتية والكويتية فانتشرت على مداخل العاصمة لمنع الدخول اليها، وقام الجيش البحريني باستعمال مكبرات الصوت في سياراته وكذلك استعمل مكبرات الصوت في الجوامع للابلاغ عن منع التجول مطالبا المتظاهرين بالتفرق والعودة الى منازلهم. وقد قام ولي العهد البحريني بجولة في شوارع المنامة وصرح بأنه على الرغم من كل الاحداث التي حصلت فانه لم تحصل اية عملية سرقة واحدة او تحطيم زجاج في محل تجاري وهو امر يدل على وعي الشعب البحريني، واضاف اني اطمئن الشعب البحريني سني وشيعي بأن النظام سيأخذ مطالبهم بعين الاعتبار، وان الملك البحريني سيتخذ القرارات المناسبة.
بعد دخول قوات درع الجزيرة العربية بقيادة السعودية الى البحرين، تم ضبط الوضع الى حدّ ما، لكن أزمة بين البحرين وايران بدأت مع سحب البحرين سفيرها من طهران.
وفي المقابل استدعت الخارجية الايرانية سفير السعودية للاجتماع به وابلاغه احتجاجاً على دخول قوات سعودية الى البحرين وقد تؤدي ازمة البحرين الى احتمال قطع العلاقات الديبلوماسية بين مجلس التعاون الخليـجي وايران اذا تفــاقمت الامور، وذلك ان ايران التي احتلت منذ اكثر من 30 سنة جزر طنب واحد واثنين وثلاثة قبالة شواطئ الخليج وترفض ابو ظبي الاعتراف لايران بهذه الجزر، وتصر على انها اماراتية، حـيث قامت القوات الايرانية بانزال قوات عسكرية في هذه الجزر، بعدما كانت فيها مواقع عسكرية قليلة في جزر غير مأهولة.
ونقلت طوافات عسكرية ايرانية وحدات عسكرية الى هذه الجزر مما اعتبرته دول الخليج العربي استفزازاً مباشراً لها، ويكتفي سلاح الجو الايراني بالتحليق فوق شواطئ ايران ويدخل في عمق البحر بعمق 10 اميال ثم يعود الى ايران فيما بدأت الطائرات الاميركية تنطلق من القواعد العسكرية الاميركية في قطر والقواعد العسكرية في البحر المرابطة قبالة شواطئ الخليج وتحلّق باستمرار فوق منطقة الخليج وخصوصاً فوق البحرين وأرسلت اميركا ست بوارج اضافية من الاسطول السادس الاميركي الى شواطئ البحرين.
ما الذي يجري في البحرين؟
انطلقت ثورة شعبية شيعية في البحرين وكادت تسقط النظام السني، ويبدو ان الشيعة مدعومون من ايران، فردت دول الخليج بارسال قوات من درع الجزيرة العربية لتثبيت النظام السني في البحرين مع وعود باعطاء الاكثرية الشيعية بعض حقوقها، ويبدو ان اميركا اعطت اشارات كافية بضمان نظام الملك في البحرين وبقائه في سدة الحكم وذلك عبر دعمها لدخول قوات خليجية الى البحرين وكذلك من خلال ارسال 11 قطعة عســكرية من الاسطول السادس الى المنطقة لحماية القوات الخليجية التي دخلت الى البحرين. ويبدو ان واشنطن تريد اعطاء اشارة واضحة الى ايران بأنها لن تسمح لها بمسّ امن الخليج.
ووفق مصادر عسكرية اميركية فان الاستراتيجية الاميركية تقوم على منع حصول اي نزاع في المنطقة يؤثر على انتاج طاقة البترول في الخليج، لأن سعر البرميل قد يصل الى سقوف لا حدود لها ولأن اميركا وأوروبا تعتمدان بنسبة 60% من طاقتهما على النفط من الخليج العربي.
في هذا الوقت يبدو ان السعودية قررت مع دول الخليج اعتماد استراتيجية جديدة للوقوف في وجه ايران وقد تمتد كذلك على مستوى العالم العربي، اما ايران فما زالت تؤكد بأنها لن تقف مكتوفة الايدي امام التدخل ضد الشيعة في البحرين.
الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها انما يبدو ان اميركا وضعت ثقلها في المنطقة مما ادى الى منع تفاقم الامور ومنع اي اشتباك خليجي - ايراني وعدم اسقاط نظام ملك البحرين. يبقى ان مصدراً عسكرياً بحرينياً اعلن انه خلال ثلاثة ايام سيكون الأمن مطبّقا في البحرين ويتم تفريق المتظاهرين وعندها يمكن التفاوض بشأن المطالب السياسية.
وقتل ثلاثة متظاهرين وجرح العشرات في البحرين صباح امس في عملية امنية لفض اعتصام دوار اللؤلؤة وسط العاصمة المنامة من آلاف المحتجين الذين كانوا يعتصمون فيه منذ عدة أسابيع.
كما اعلنت زارة الداخلية ان رجلي شرطة قتلا دهسا بالسيارات خلال فض اعتصام دوار اللؤلوة فيما قتل الثلاثاء ايضا رجل شرطة بنفس الطريقة في جزيرة سترة جنوب المنامة.
ووصلت قوات الامن الى الدوار الذي يقع بالقرب من مرفأ البحرين المالي على متن حافلات وناقلات اشخاص مدرعة، وهاجم رجالها المحتجين المعتصمين في الدوار حيث احرقوا الخيام التي كانوا يستخدمونها واستخدموا الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
ورد المحتجون على هجوم الشرطة بالقاء القنابل الحارقة، وشوهدت اعمدة الدخان ترتفع فوق الميدان. وحلقت الطائرات العمودية في سماء الميدان، وشوهدت الدبابات وهي تتجه الى المكان، بينما ذكرت بعض التقارير إن الجيش استخدم الجرافات لـ«تطهير» المنطقة وازالة نقاط التفتيش التي اقامها المحتجون. وقد سيطرت القوات على محيط دوار اللؤلؤة بعد نحو ساعة من بدء عملياتها، واتجهت بعد ذلك لـ«تطهير» مرفأ البحرين المالي (حي المال والاعمال في العاصمة المنامة) من المحتجين.
وقال الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيعية المعارضة، «إن الحكومة تتصرف مثل الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يستخدم القسوة المفرطة ضد ابناء شعبه».
ودعا سلمان اتباعه من المحتجين إلى عدم التصدي لقوات الامن.
وقال طبيب في البحرين لبي بي سي إنه عالج العديد من المصابين بعيارات نارية واصابات بالرأس، وان الجنود ورجال الشرطة يستخدمون سيارات الاسعاف لمهاجمة المحتجين.
من جانبها، حثت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الجهات المتصارعة في البحرين الى توخي الهدوء وضبط النفـس.
وقالت كلينتون للصحفيين في القاهرة إن «استخدام العنف والقوة من قبل اي جانب سيزيد الوضع سوءا. ننصح الاطراف كافة باتخاذ الخطوات الفورية للتحاور حول حل سياسي للازمة».
كما قالت إنها أبلغت نظيرها السعودي الامير سعود الفيصل إن على السعوديين ايضا تشجيع الحوار بين الاطراف البحـرينية.
من جهته، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان دخول قوات خليجية من «درع الجزيرة» الى البحرين هو «عمل مشين سيبوء بالفشل»، على ما نقلت وكالة ارنا الرسمية.
انقسامات داخل العائلة
مع اتجاه الموقف في البحرين نحو مزيد من التصعيد بين جموع المعارضين ونظام الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بدأت بوادر الخلافات داخل أجنحة العائلة الحاكمة تطفو على السطح.
أعلن مصدر وثيق الصلة بالعائلة المالكة إن ولي العهد البحريني الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة كان قد أوشك يوم الأحد الماضي على التوصل إلى إتفاق مع النشطاء المطالبين بالديمقراطية على شروط بدء حوار، ولكن تحالفا من رجال الدين والجماعات العلمانية رفضوا الحوار مع الحكومة قبل الاستجابة لمطالبهم.