منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر التي بعضها لا أستطيع دفعه، وأصابني معها شيء من الخوف والقلق والاضطراب، حتى استولت عليَّ هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفاً شديداً، حيث أخاف أن تضرني في ديني؛ لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحياناً يصيبني بعض القنوط بسبب كثرة الوساوس، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (إنها من الإيمان)؟ جزاكم الله خيراً.
أصل الوساوس من الشيطان، هي الذي يملي على الإنسان ما يضره ويشوش عليه دينه كما قال جل وعلا: قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوساوس الخناس، فهو وسواس عند الغفلة وخناس عند الذكر يتصاغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل، قال له بعض الصحابة: يا رسول الله: إن أحدنا ليجد ما لا أن يخر من السماء أحب إليه من أن ينطق به، يعني يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء ولا ينطق بها لشدتها، فقال: (ذاك صريح الإيمان)، المعنى أن الشيطان لما يئس منهم أتاهم بوساوس خطيرة وشديدة في دينهم وعقيدتهم، لأن يخروا من السماء أهون عليهم من أن ينطقوا بها، هذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان، ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها والحذر منها، والمؤمن لئن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها، هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا يجوز أن يدعى أو لا بأس أن يشرك معه غيره في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟! وما أشبه هذا الوساوس، المتعلقة بوجود الله واستحقاقه للعبادة، وأنه الخلاق العليم، أو متعلقة بالجنة والنار في أن يوسوس أنه لا جنة وليس هناك نار وأنه لا بعث ولا نشور، كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها هذا هو صريح الإيمان، فالمؤمن أرشده النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا وجد مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أمر الصحابة رضي الله عنهم، قال لهم: إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله، وليتعوذ بالله ولينته، هذا هو الدواء، لهذه الوساوس الخبيثة، إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها لا يلتف إليها، أما المسألة الأخرى في صلاته وفي وضوئه فهي أيضاً من الشيطان يجب ألا يلتفت إليها يجب أن يحذرها فإذا توضأ لا يعيد الوضوء، وإذا صلى لا يعيد الصلاة بسبب الوساوس، لا، بل يعتقد أن صلاته صحيحة، ووضوؤه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم وتشويش قلوبهم، وإحراجهم فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولفظ الصلاة إذا وسوس إذا كان في الصلاة وكثرت عليك الوساوس، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تنفث، تنفث عن يسارك ثلاث مرات تقول أعوذ بالله من الشيطان، وقد اشتكى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله، إن الشيطان لبَّس علي صلاتي، فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يستعيذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، في الصلاة ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي إذا كثر عليك في صلاتك، أو في وضوئك تنفث عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، والله يعيذك منه سبحانه وتعالى، وهكذا في جميع الأمور، تتعوذ بالله من الشيطان، وتكثر من ذكر الله وتقول آمنت بالله ورسله، إذا كان في العقيدة، آمنت بالله ورسله، وبهذا تسلم من عدو الله ويبطل كيده، كما فعله الصحابة بإرشاد النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبطل الله كيده عنهم، وعافاهم من أذاه وشره.