عندما يقرأ المسلم أي سورة من القرآن أو من الأحاديث النبوية هل يلزم بحفظها، وهل من حفظ ونسي يكون آثماً؟
ليس الحفظ بلازم، إنما حفظ القرآن مستحب، ولكنه فرض لزوم لأن يحفظه بعض المسلمين أما لشخص معين فلا يلزمه حفظ القرآن لكن يحفظ ما تيسر منه، والواجب حفظ الفاتحة فقط حتى يقرأ بها في الصلاة، حفظ الفاتحة لازم وما سوى ذلك مستحب، وإذا تيسر له حفظ ما تيسر من ذلك من جزء عم، المفصل، أكثر من ذلك كله طيب وإذا حصل له حفظ القرآن هذه نعمة عظمى، فيشرع للمؤمن والمؤمنة العناية بحفظ القرآن والاستكثار من ذلك والمواظبة حتى يتيسر للمؤمن حفظ القرآن والمؤمنة، وإذا لم يتيسر حفظه كله فليحرص أن يحفظ ما تيسر منه كالمفصل من ق إلى آخر القرآن أو جز عم حتى يستعين بذلك في قراءته في الصلاة. هل يأثم من حفظ ونسي؟ لا يأثم، الصواب أنه لا يأثم وما جاء في مثل هذا من الوعيد هو ضعيف وما في القرآن من وعيد على النسيان المراد الترك، ترك العمل بالقرآن وما أوجب الله، أما كونه يحفظ بعض الآيات وينساها فما فيه شيء، كل إنسان ينسى حتى النبي ينسى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)، وفي بعض الأحاديث أنه سمع رجلاً يقرأ فقال: (رحم الله فلاناً، لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أسقطتها)، فالحاصل أن الإنسان من طبيعته النسيان، ولهذا يقول الله سبحانه: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طـه:115) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني). نعيد الآية الأخيرة لو تكرمتم؟ يقول الله جل وعلا (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) في سورة طه، وآدم نبي عليه الصلاة والسلام، بل رسول ومع هذا نسي، ولهذا قال الله سبحانه: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طـه:115) والنبي عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق يقول: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) اللهم صلي وسلم عليه، وقد صلى - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأيام وسلم من ثنتين ناسياً، وفي بعض الأيام سلم من ثلاث ناسياً، وفي بعض الأيام صلى خمساً ناسياً عليه الصلاة والسلام، كل هذا واقع، لكن النسيان المذموم هو الترك، كونه ينسى ما أوجب الله، ليترك ما أوجب الله ــ أو لا يبالي بما حرم الله يفعله هذا هو الذي عليه المؤاخذة والعقاب والغضب ولا حول ولا قوة إلا بالله، كما قال تعالى:فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى يعني نسيتها العمل بها، ولم تبالِ بها بل أعرضت عنها وتركتها، وكذلك قوله سبحانه:نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ، يعني أعرضوا عن الله، وأهملوا حقه وتركوا حقه؛ فنسيهم الله يعني أعرض عنهم وتركهم في ظلالهم وهو لا ينسى سبحانه وتعالى، قال تعالى:وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاًلكن معنى نسي، نسوا الله فنسيهم، يعني أعرض عنهم وتركهم وخذلهم سبحانه وتعالى، بنسيانهم لحقه وإعراضهم عن طاعته سبحانه وتعالى.