ترد بعض أحاديث الرسول وقد تخالف هواي، وأجد بعض الضيق والحرج في تفسيرها وفي نفسي، ولكني لا أتكلم ولا أكتب شيئاً، هل أخرج بذلك من الإسلام، وخاصة أن هذا الأمر يرد علي كثيراً، وكذلك إني أقرأ بعض الكتب النصرانية، أفيدوني إذ أنني في حرج شديد ومرض شديد، وأحيطكم علماً أنني أحافظ على الإسلام والصلوات الخمس، وأحب الله ورسوله؟
هذه من نعم الله العظيمة عليك حب الله ورسوله، والمحافظة على شرع الله في الإسلام هذه من نعم الله، ومن أسباب السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة فنوصيك بالثبات على الحق والحذر مما قد يشتبه عليك لأنه قد تكون هناك أحاديث موضوعة مكذوبة وأحاديث مكذوبة يحصل لك بها شك وضيق وهي غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما قاله الله جل وعلا أو ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم ففيه الخير والصلاح، وفيه الهدى والرشاد، وفيه الخير العظيم لمن تأمله وعرف معناه وتقبله بصدر رحب فإن الله جل وعلا لا يأمر إلا بالخير ولا يدعو إلا إلى الخير، وفي طاعته كل السعادة، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام إنما يدعو إلى الخير ويأمر بالخير عليه الصلاة والسلام، فالطاعة والسعادة في اتباع شرع الله، وفي التمسك بدين الله ، والوقوف عند حدود الله والهلاك والشقاء في مخالفة ذلك، وإذا أشكل عليك شيء من ذلك فاسأل أهل العلم من أهل السنة والجماعة من أهل البصيرة، عن ما أشكل عليك، وإذا كنت ذا معرفة باختلاف أهل العلم ومعرفة الحديث الصحيح والضعيف راجع كلام أهل العلم واعرف درجة الحديث وصحته وضعفه أو كونه موضوعا حتى تكون على بينة، وحتى يزول ما في نفسك من الحرج فكل ما كان من الشريعة فليس منه بحمد الله إلا الخير والهدى والصلاح، والله جل وعلا بين لعباده ما فيه خيرهم وصلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة وهو أرحم بهم من أمهاتهم سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم كذلك أرشدهم إلى سبيل النجاة ودعاهم إلى أسباب الخير، فأنت كن مطمئناً أن كل ما شرعه الله وكل ما ثبت عنه سبحانه وعن رسوله فهو حق وهدى وصلاح وما أشكل عليك وضاق به صدرك فلا تعجل حتى تعرف حقيقة الأمر وحتى تسأل أهل العلم عما أشكل عليك، وربما فهمت من النص ما ليس هو معنىً للنص، وربما ظننت أنه صحيح وليس بصحيح، بل هو من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة، فالواجب التثبت في الأمور (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)(الطلاق: من الآية2). ويقول سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(الطلاق: من الآية4). ويقول سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً )(الأنفال: من الآية29). يعني نورا ًوبصيرةً وهدى. ذكر سماحةَ الشيخ أنه يقرأ بعض الكتب النصرانية؟ أما قراءة بعض الكتب النصرانية فنوصيك بترك ذلك، ونوصيك بترك الكتب الأخرى الضارة سواء كانت من النصارى أو اليهود أو لغيرهم من الكفرة أو لأهل الكلام الباطل كالجهمية والمعتزلة وغيرهم ممن يخوضون في الكلام والأصول من غير طريق الكتاب والسنة، ونوصيك بالإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته وتلاوة الأحاديث الصحيحة كالبخاري ومسلم وكتب الأحاديث المعروفة كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ الإمام مالك فهذه الكتب كلها خير ونفع وإن كان في السنن بعض الأحاديث الضعيفة التي بينها أهل العلم وهكذا مثل كتاب رياض الصالحين مثل بلوغ المرام مثل الترغيب والترهيب فيها أحاديث عظيمة، صحيحة، مفيدة، اقرأها وتذاكر مع إخوانك طلبة العلم المعروفين بالخير والبصيرة حتى يرشدوك إلى ما قد يخفى عليك وحتى يعينوك على فهم بعض النصوص، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية. سماحة الشيخ ألا ترون أن هذه الوسوسة راجعة إلى هذه الكتب التي يقرأ فيها أخونا؟ قد يكون بعض ذلك، قد يكون بعض ما يرد على قلبه من هذه الكتب الضارة، كتب النصارى وأشباههم فإنها قد تضر ضرر عظيم، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى في يد عمر شيء من التوراة تغير وجهه وقال (لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي) عليه الصلاة والسلام. المقصود أن فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الهدى الكفاية وفي تدبر القرآن الخير والبركة يقول جل وعلا: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)(ص:29)، أما التوراة والإنجيل فقد حرفت وغيرت وزيد فيها ونقص منها هي كتب غير مأمونة ثم قد نسخ ما فيها من الحق بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام وفيما جاء به الكفاية والهدى. حتى يبقى صدر المسلم نظيفاً سماحة الشيخ؟ بم تنصحونه سماحة الشيخ؟ نعم نعم، يبتعد عما يشوش عليه فإن قراءة التوراة والإنجيل والكتب الأخرى التي ألفها أهل الباطل وأهل الكلام وأهل الشكوك وأعداء الإسلام كلها ضرر، كلها تسبب الشكوك والأوهام وضيق الصدر، وتسبب أيضاً ترك الحق، والميل إلى الباطل ومتابعتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.