بتـــــاريخ : 8/10/2008 3:23:33 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1565 1


    كيف يستثمر المسلم ماله بعيداً عن شبهات الربا

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : حسين شحاتة | المصدر : www.arriyadh.com

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال اقتصاد الاستمار المسلم

    كيف يستثمر المسلم ماله بعيداً عن شبهات الربا

     

    إن الله تعالى جعل المال عصب هذه الحياة، وأداة التفاعل بين الناس، وجعل الأولاد ثمرة القلب وقرة العين. وجعلهما معاً زينة الحياة الدنيا فقال سبحانه وتعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا} [الكهف: 46].

    وأثبت الواقع أن الناس حين يضعف إيمانهم يفتنون بأموالهم وأولادهم عن طاعة الله تعالى، لذلك حذر الله تعالى المؤمن من ذلك واعتبر ذلك خيانة لله ولرسوله، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].

    لذلك كان لزاماً على كل مسلم أن يتقي فتنة المال ويبتعد عن الحرام بكل صوره، فدورة المال في حياة المسلم أشبه بالنهر في منبعه ومجراه ومصبه، فالمال منبعه الاكتساب ومصبه الإنفاق ومجراه ما بين ذلك وهي فترة تملك الإنسان له، والعبد يحاسب على كل مرحلة من هذه المراحل، ومن أعظم فتن المال اكتسابه من حرام، وطرق الحرام كثيرة ومتعددة ومنها "الاختلاس والسرقة والغلول والرشوة وأكل الحرام وأكل مال اليتيم والغش"، ومن أبرزها استثماره أو اقتراضه الربا.

    وبهذا صار المال من أعظم الفتن، لأنه إذا بدأت الفتنة من منبعه فإنه لا يُرجى منه خير بعد ذلك، ومن أراد أن يتقي فتنة المال من منبعه يجب أن يكسبه من حلال، وطرق الحلال كثيرة ومتعددة، كما يجب على المسلم التقي أن يكون حريصاً على الالتزام بشرع الله في معاملاته المالية لأن كل شيء سيحاسب عليه مرة واحدة إلا المال سيُحاسب عليه مرتين، مرة عند اكتسابه ومرة عند إنفاقه، كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا فعل به" (أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر).

    أين نستثمر أموالنا؟

    لقد أثارت فتنة إيداع الأموال في البنوك التقليدية الكثير من الجدل بين الفقهاء، وترتب على ذلك أن بعض الذين كانوا يستثمرون أموالهم في هذه البنوك بدءوا فعلاً في سحبها منها تجنباً للشبهات ملتزمين بحديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إن الحلال بين وإن الحرم بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، ووصيته صلَّى الله عليه وسلَّم التي يوصينا فيها: "دع ما يريبك إلا ما لا يريبك".

    ويتساءل المسلمون: أين نستثمر أموالنا؟ ويوجد منا الموظف والأرملة والمحال إلى المعاش، وغير ذلك من الذين لا يستطيعون ضرباً في الأرض وهم الآن يودعون أموالهم في البنوك التقليدية بفائدة للحصول على إيراد يعينهم على الحاجات الأصلية للحياة مثل المأكل والمشرب والعلاج والتعليم والمسكن... ونحو ذلك.

    كما ظهر سؤال آخر: هل معاملات المصارف الإسلامية حلال؟ وخصوصاً في ظل ما يُثار حولها من شبهات، ومنها: أنها تتعامل مع البنوك التقليدية، وأنها تودع بعضاً من أموالها لدى البنك المركزي، وأنها توزع عائداً قريباً من الفائدة التي توزعها البنوك التقليدية، وأن بعض الموظفين فيها يدعون بأنه لا توجد فروق جوهرية بينها وبين البنوك التقليدية، وأنه لا فرق بين التمويل بالمرابحة لشراء سلعة وبين الاقتراض بفائدة من البنوك التقليدية.

    كل هذه التساؤلات وغيرها تحتاج إلى إجابة لمن يريد الاستثمار والتمويل وهذا هو القصد من هذه الدراسة.

    حيرة ولبس

    لقد انقسم المسلمون إزاء التساؤلات السابقة إلى فرق على النحو التالي:

    1 – فئة لا تعطي أي اعتبار للحلال والحرام ويهمها العائد الكبير على رأس المال، وتفصل بين الدين والحياة، وبين العبادات والمعاملات، وتقول: "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، وتتعامل مع أي بنك سواء كان وطنياً أو أجنبياً، يهودياً أو إسلامياً، المهم عندها أن تحصل على أقصى ربحية أو عائد بأي وسيلة حتى ولو بطرق غير مشروعة، وهؤلاء لا يهمهم النواحي الشرعية لاستثمار المال.

    2 – فئة تتبع الفتوى التي تتفق مع هوى النفس وتقول: "ضعها في رقبة عالم واخرج سالم"، ولا تريد أن تبذل أي جهد للبحث عن الأدلة والحقيقة، أن تجنب الشبهات، وتميل إلى الأخذ بالرخص.

    3 – فئة ورعة تتجنب الشبهات وتضع حاجزاً من الحلال بين الحرام والمشتبه فيه، وهي الفئة التي دخل الخوف من الله إلى قلبها وتريد أن تتحرى الحلال وتستشعر قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278 - 279]، وقوله عز وجل: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]، وقول الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: "لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه" (رواه مسلم)، وهذه الفئة هي التي يهمها تماماً أن تعرف الحق فتتبعه وتعرف الباطل فتتجنبه، وتدعو الله سبحانه وتعالى دائماً بالدعاء المأثور: "اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغننا بفضلك عمن سواك".

    لقد أصاب هذه الفئة الخوف والوجل والحيرة والشك، وتسأل كيف تستثمر المال بعيداً عن الشك والريبة؟ كما ترفض الفتوى التي لا سند لها من القرآن أو السنة أو من أقوال الفقهاء من الخلف أو السلف، وهذه الفئة هي التي تعنينا في هذه الدراسة ونحاول أن نوضح لها الأحكام والمبادئ والضوابط الشرعية لاستثمار المال وتمويل المشروعات على النحو التالي.

    الضوابط الشرعية لاستثمار المال

    في ظل انتشار وسائل توصيل العلم للناس من خلال وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنها شرائط الكاسيت والفيديو والحاسوب والإنترنت والقنوات الفضائية، يجب على المؤمن التقي الذي يخشى الله أن يبحث عن الأدلة القوية لكل رأي، ويختار الرأي الذي يرتاح إليه قلبه، وفقاً لوصية رسول الله   صلَّى الله عليه وسلَّم: "الإثم ما حاك في صدرك وتخاف أن يطلع عليه الناس"، ووصيته صلَّى الله عليه وسلَّم التي يوصي فيها "استفت قلبك" ولا ينبغي ولا يجوز شرعاً أن نقول: "ضعفها في رقبة عالم واخرج سالم".

    ولقد اتفق الفقهاء من السلف والخلف على مجموعة من الضوابط المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية لاستثمار الأموال بعيداً عن الربا،  ومن أهمها:

    -          استثمار المال في مجالات الحلال الطيب: المشروعية والطيبات.

    -          فقه الأولويات: الضرورات فالحاجيات.

    -          المشاركة في الربح والخسارة وهو ما يسمى في الفقه "الغنم بالغرم".

    -          المحافظة على المال لأنه قوام الحياة ولا يجب تعريضه للهلاك.

    -          تنمية المال حتى لا تأكله الزكاة "الصدقة" بالاستثمار وحبسه عن التداول.

    -     لا كسب بلا جهد ولا جهد بلا كسب، وذلك عند تفاعل ومشاركة المال مع العمل.

    -     ربط العوائد بالمخاطر وكلما زادت المخاطر زادت العوائد ولا ربح حلال بدون مخاطر.

    -     ضوابط أخرى كثيرة يضيق المقام لبيانها ولكن نكتفي بما نحتاجه الآن في هذه الدراسة.

    لذلك يجب على من يخشى الله ويتقه أن يلتزم بهذه الضوابط قبل أن يقدم على استثمار أمواله، كما يجب عليه تجنب هوى النفس التي أحياناً يزين لها الشيطان الحرام الكثير فتقدم عليه ولا تبالي بأن الحلال القليل فيه البركة من الله.

    البواعث والدوافع الذاتية لاستثمار المال بالحلال

    من البواعث والدوافع والحوافز التي ترشد وتوجه المسلم المؤمن التقي إلى الاستثمار الحلال الطيب ما يلي:

    - الإيمان العميق القوي بأن المال مال الله وأنه مستخلف فيه، ولذلك يجب أن يكون استثمار المال وفقاً لشرع الله المالك الحقيقي لهذا المال.

    - الإيمان الصادق الراسخ بأن الله يبارك في الحلال الطيب القليل ويمحق الخبيث ولو كثر.

    - الإيمان بالمحاسبة الأخروية مع الله يوم القيامة، وأننا سنسأل لماذا استثمرنا أموالنا بالربا وفي الخبائث؟ مصداقاً لقوله تعالى في آخر آيات الربا: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281]، وقول الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه" (الترمذي).

    - الإيمان بأن الرزق بيد الله سبحانه وتعالى.

    كيف تستثمر مالك بالحلال

    لقد فتح الله أبواباً شتى من الحلال الطيب ليستثمر من خلال المال، فلا يستوي ولا يتماثل الربح الحلال الطيب مع الربا الحرام.. لقد قالوا ومازالوا يقولون {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}، فرد الله عليهم يقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، ومدلول ذلك: لقد أحل الله الربح الناتج من البيع والشراء، وحرم الربا الناتج من مبادلة مال بمال وزيادة بدون أن توجد سلعة أو خدمة ليتم التعامل عليها بما كان يتعامل العباس عم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قبل الإسلام حيث كان يمول التجار بالربا، ونهاه الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم عن ذلك. ومن أمثلة الوسائل الحلال لاستثمار المال على سبيل المثال ما يلي:

     أولاً: الاستثمار الذاتي:

    أي أن يقوم صاحب المال بتشغيل ماله بنفسه، أو يشتري به محلات تجارية ويؤجرها... أو يشتري سلعاً معمرة للمستقبل، ويجب أن يضع الفرد نصب عينيه دائماً تنمية ماله ولا يتركه عاطلاً، كما يجب أن يوقن تماماً أن مجالات الاستثمار الحلال مفتوحة ميسرة والمحرمة هي الذي ورد نص يحرمها، كما يجب أن يتأكد من الحلال في مجال الاستثمار من تطبيق القاعدة الشرعية وفي الوسيلة إليه مع مشروعية الغاية ومشروعية الوسيلة، وهذه الصيغة من صيغ استثمار المال تصلح لمن عنده خبرة في مجالات الأعمال ولا تصلح لمن لا يستطيعون ضرباً في الأرض مثل الموظفين والأرامل والشيوخ ونحوهم.

    ثانياً الاستثمار عن طريق نظام المضاربة الإسلامية "فكرة توظيف الأموال المشروعة":

    وهو نوع من أنواع المشاركة بين صاحب رأس المال وصاحب العمل، حيث يتوفر لدى الأول رأس المال وتنقصه الخبرة العملية أو يصعب عليه القيام بممارسة الخبرة العملية أو يصعب عليه القيام بممارسة المعاملات، ويتوفر لدى الثاني الخبرة والمقدرة على ممارسة نشاط المعاملات سواء أكانت تجارية أم زراعية أم صناعية أم خدمية ويتفقان سوياً على توزيع عائد ربح عمليات المعاملات الفعلية كل فترة زمنية بينهما بنسبة يتفقان عليها "أي تطبيق قاعدة الغنم بالغرم".

    وهناك شروط مختلفة لعقد المضاربة الإسلامية، ولكن قد تتخذ أشكالاً مختلفة وكل أشكالها مشروعة ما لم تكن في أي منها مخالفة لنص شرعي، ويرجع في ذلك إلى فقه المضاربة في كتب الفقه.

    ومن الضوابط الشرعية للمضاربة الإسلامية ما يلي:

    -          أن تكون في مجال الحلال الطيب.

    -          أن لا يضمن صاحب العمل رأسمال المضارب.

    -          أن لا يضمن صاحب العمل ربحاً محدداً مسبقاً لصاحب المال.

    -          يضمن صاحب العمل لصاحب المال التعدي والإهمال.

    -          لا يشترك صاحب المال في الإدارة بل له حق الإشراف والمراقبة.

    ولكي يمكن تطبيق هذه الوسيلة أو الصيغة يجب أن يتوافر في صاحب العمل الأمانة والصدق والكفاءة الفنية، وهذا يتطلب من صاحب المال أن يختار من يخافون الله ولديهم الخبرة والحنكة والبصيرة.

    ثالثاً: استثمار المال بطريق المشاركة (نظم الشركات: تضامن – توصية – محاصة):

    يُقصد بالمشاركة هنا أن يشترك اثنان أو أكثر في تجارة أو صناعة أو زراعة أو تقديم الخدمات للغير كل منهم يقدم مالاً وعملاً، على أن يقتسما ما يسوقه الله إليهم من ربح حسب ما يتفقا عليه، وإذا خسرا توزع بينهم الخسارة بنسبة حصة كل منهم في رأس المال.

    وتتعدد صور ونظم المشاركة حسب طبيعة الشركاء والعمليات التي سوف يقومون بها، وفي ضوء القاعدة الشرعية: أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ما لم يصطدم بنص شرعي يوجب التحريم، فكل المشاركات حلال، فمنها المشاركة الثابتة ومنها المشاركة المنتهية بالتمليك، ويعتبر استثمار الأموال طبقاً لنظام المشاركة من أهم الطرق المشروعة لملاءمتها مع طبيعة المشروعات الاقتصادية المعاصرة، وهناك صور مختلفة للمشاركة أجازها فقهاء الإسلام مثل شركات التضامن والتوصية البسيطة والمحاصة وشركات الصنائع، وشركات الوجوه، وأي صورة أخرى مستحدثة تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.

    ومن متطلبات هذه الصيغ وجود الشريك الأمين الصادق الكفء ومجال الاستثمار الحلال الطيب، كما يجب أن تكتب العقود وتوثق، ويوضح فيها شروط الإدارة وتوزيع الأرباح والخسائر والتصفية، والتخارج أو نحو ذلك، وهذه الشركات هي قوام النشاط الاقتصادي والتنمية الشاملة للمجتمع وتعالج مشكلة التضخم، لأن الأموال تكون مستثمرة في أصول عينية.

    رابعاً: استثمار المال عن طريق المساهمات في رؤوس أموال الشركات المساهمة:

    تعتبر شركات المساهمة وما في حكمها من صيغ الاستثمار التي أجازها الفقهاء المعاصرون لأنها تقوم على أساس قاعدة المشاركة في الربح والخسارة "الغنم بالغرم" بشرط أن تعمل في مجال الحلال الطيب ووفقاً للأولويات الإسلامية.

    ورأسمال الشركة المساهمة مقسم إلى حصص يطلق على كل حصة سهم، ويعتبر حامل السهم شريكاً في صافي الموجودات "أصول" الشركة، وفي نهاية كل فترة مالية تحسب النتائج، فإذا كانت ربحاً يوزع على حملة الأسهم بضوابط قانونية ونظامية وإذا تحققت خسارة يتحملها حملة الأسهم بحسب ما يمتلك كل منهم، ويعتبر التعامل في الأسهم العادية حلالاً متى كانت الشركة المصدرة له تتعامل في الحلال.

    وتعتبر الشركات بصفة عامة والشركات المساهمة بصفة خاصة من دعائم الأنشطة الاقتصادية بصفة خاصة من دعائم الأنشطة الاقتصادية في أي دولة وبدونها يكون الكساد والتخلف، وتحاول الدول وضع النظم وسن القوانين لتشجيع هذا المجال من الاستثمار.

    كما تعتبر الأسهم من أهم الأوراق المالية التي يتم التعامل عليها في سوق الأوراق المالية حيث تسهل من انسياب الأموال لتمويل المشروعات وهذا ما تسعى الدول لتحقيقه.

    وهنا يجب على دعاة المصالح المرسلة من الفقهاء أن يشجعوا هذا النوع من الاستثمار ولا يصدوا عنه لأنه أفضل من إيداع الأموال في البنوك بفائدة، ولأن المصلحة الحقيقية للوطن هي تشجيع إنشاء الشركات وحث الناس على شراء الأسهم الحلال بدلاً من تخزينها في البنوك بفائدة وفقاً لنظام المتاجرة في الديون، وهناك فروق جوهرية بين الربح الحلال الناتج من الأسهم وبين الربا الناتج من إيداع المال لدى البنوك التقليدية.

    خامساً: استثمار الأموال بنظام المضاربة الإسلامية مع البنوك الإسلامية:

    لقد أسست المصارف الإسلامية على أساس تجميع المال بصيغة المضاربة الإسلامية، فالعقد الذي بين المستثمر وبين المصرف الإسلامي هو عقد مضاربة يقوم على أساس قاعدة "الغنم بالغرم" أي المشاركة في الربح والخسارة، ويقوم المصرف الإسلامي بتشغيل تلك الأموال واستثمارها مع الغير بصيغ المشاركة والمرابحة والإجارة والاستصناع والسلم ونحو ذلك، وما يأتي من ربح يوزع بينه وبين أصحاب الأموال وتقوم هيئات الرقابة في المصارف الإسلامية بالاطمئنان إلى أن هذه المعاملات تتم وفقاً لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية وتغطي بذلك شهادة تنشر مع القوائم المالية.

    من هنا نجد أن العقود التي بين أصحاب الأموال "المستثمرين – المودعين" وبين المصرف الإسلامي هي عقود مضاربة لا يضمن فيها المصرف ربحاً معيناً ولا يحدده مقدماً بل يعرف بعد استثمار هذه الأموال في تمويل المشروعات ومعرفة الأرباح الفعلية التي تُقسم بينهم وبين المصرف وذلك في نهاية كل فترة مالية.

    وبالرغم من الشبهات والأخطاء التي تقع فيها بعض المصارف الإسلامية في بعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية إلا أنها في مجملها أفضل من إيداع الأموال في البنوك التقليدية التي هي موضع شك وريبة ولا يطمئن إليها كثير من الناس.

    وفي هذا المقام نناشد المسؤولين عن المصارف الإسلامية بأن يتقوا الله في معاملاتهم، كما نطلب من هيئات الرقابة الشرعية بذل المزيد من الجهد في الرقابة الفعالة لتأكيد الثقة وتجنب الشك وسد الذرائع أمام الناس.

    استثمار الأموال من خلال المؤسسات التعاونية

    تقوم المؤسسات التعاونية المختلفة على نظام المساهمة والمشاركة وفقاً لأسس معينة ولا تختلف هذه المؤسسات عن نظام الاستثمار في الشركات إلا من حيث نظم العمل والإدارة حيث تقوم على أساس قاعدة المشاركة في الربح والخسارة "الغنم بالغرم" وعدم ضمان ربح معين، ومن أمثلة ذلك تعاونيات الإسكان وتعاونيات النقل وتعاونيات التعليم وتعاونيات التأمين.

    وهناك صيغ استثمار أخرى للمال يضيق المقام لبيانها مثل المزارعة والمساقاة والسلم والاستصناع والإجارة المنتهية بالتمليك، وما ذكر كان على سبيل المثال لا الحصر.

    حقائق وثوابت حول الاستثمار وفقاً للشريعة الإسلامية

    يجب على المسلم المؤمن التقي الوجل الذي يبحث عن كيفية استثمار ماله أن يوقن الثوابت الآتية:

    -     لقد أحل الله الربح الناتج من الأنشطة المختلفة الحلال الطيبة وحرم الربا الناتج من مبادلة مال بمال وزيادة.

    -     يمحق الله سبحانه وتعالى بركة المعاملات الربوية مصداقاً لقوله عز وجل: {يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا}.

    -     تجنب المعاملات التي فيها شبهات، "فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، فاتق الله أيها المستثمر، والتزم بوصية رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

    -     عندما يحرم الله باباً من المعاملات المالية يفتح أبواباً شتى من الحلال فهو سبحانه وتعالى الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.

    -     يجب التحري والاطمئنان إلى الأدلة الشرعية التي يرتاح إليها قلب الإنسان.

    -          لقد خُتمت آيات الربا بالتذكير بالإيمان والتقوى {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}.

     

    الاقتصاد الإسلامي / ربيع الآخر 1426هـ العدد 289

    الدكتور / حسين شحاتة – خبير استشاري في المعاملات المالية الشرعية

     

    كلمات مفتاحية  :
    اعمال اقتصاد الاستمار المسلم

    تعليقات الزوار ()