وقع خلاف بين شخصين حول تكفير من يطوف حول القبر ويستغيث به، فمنهم من يقول: إن هذا الفعل فعل شرك ولا خلاف، ولكن يُعذر صاحب هذا الفعل لجهله بأمور التوحيد، والآخر يقول: بكفر ذلك الشخص الذي يستغيث بغير الله ولا يُعذر بسبب الجهل بأمور التوحيد، ولكن يُعذر في الفرعيات والأمور الفقهية، والسؤال هو: أي الرأيين صواب وأيهما خطأ؟ جزاكم الله خيراً.
الصواب قول من قال: إن هذا لا يعذر؛ لأن هذه أمور عظيمة وهي من أصول الدين، وهي أول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك، فأصول الدين لا يعذر فيه بالجهل لمن هو بين المسلمين ويسمع القرآن ويسمع الأحاديث، فالاستغاثة بأصحاب القبور والنذر لهم ودعاؤهم وطلبهم الشفاء والمدد كل هذا من أعظم الشرك بالله عز وجل، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، فسماهم كفاراً بذلك، وقال عز وجل: ..ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ*إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (13-14) سورة فاطر، سبحانه وتعالى، فسمَّى دعاءهم إياهم شركاً، والله يقول جل وعلا: ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، ويقول سبحانه: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) سورة يونس، فالظالمون هم المشركون، إذا أطلق الظلم فهو الشرك، كما قال عز وجل: ..إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) سورة لقمان، وهكذا الطواف بالقبور، إذا طاف يتقرب بذلك إلى صاحب القبر، فهو مثل إذا دعاه واستغاث به يكون شركاً أكبر، أما إذا طاف يحسب أن الطواف بالقبور قربة إلى الله، قصده التقرب إلى الله كما يطوف الناس بالكعبة يتقرب إلى الله بذلك، وليس يقصد الميت، هذا من البدع ومن وسائل الشرك المحرمة الخطيرة، ولكن الغالب على من طاف بالقبور أنهم يتقربون إلى أهلها بالطواف، ويريد الثواب منهم، والشفاعة منهم وهذا شرك أكبر، نسأل الله العافية، كالدعاء.