مر تقريباً يومان منذ تحطيم قاعة محكمة جنوب القاهرة، ولم يتم القبض على الجناة الذين يريدون أن يحكم القضاة "على مزاجهم". كما لم يتم القبض على الذين هاجموا قسم شرطة الساحل بالأسلحة النارية ليفرجوا عن كل المحتجزين.. ولذلك كان طبيعياً، بل ومتوقعاً أن يتبادل بعض تجار الموسكى إطلاق النيران فى الشوارع، ولا أظن أنه سيتم القبض على الجناة.. لماذا؟
لأن هذا للأسف هو المنطق السائد فى أعقاب ثورة اللوتس، فالحكومة "كلها على بعضها" لا تميل إلى التطبيق الحازم للقانون، ولكنها تلجأ إلى الموائمات، المبنية بالطبع على جلسات المصالحة العرفية، ويا دار ما دخلك شر. ولعل القارئ الكريم يتذكر أن هذا حدث فى قرية "صول" بعد إحراق الكنيسة، فذهب مشايخ ورجال سياسية وعقدوا لقاءات بين المسيحيين والمسلمين، حتى استطاعوا نزع فتيل النيران، ولكن كل هذا الجهد المشكور لا يعنى تعطيل القانون، وإفلات الجناة.
ذات الأمر حدث فى محافظة قنا، فقد تم قطع الطرق، وتعطيل مصالح الناس، واستجابت الحكومة لمطالب المحتجين برفض تعيين المحافظ الجديد، وهذه خطوة جيدة كنت من المطالبين بها، ولكن هذا لا يعنى عدم القبض على من خالفوا القانون.هذه الطريقة كان لابد أن توصلنا إلى ما نحن فيه، انفلات مروع، وانتهاك غير مسبوق للقانون.
ولا أظن أن السبب فى لجوء الحكومة إلى هذه الطريقة سببها ضعف الشرطة الغامض، فهى لم تسيطر بالكامل حتى الآن على مواقعها، بسبب فقدانها لعدد كبير من السيارات والأسلحة، وبسبب استقالة عدد كبير من الضباط، فهذا أمر له حلول تم طرحها ولكن وزارة الداخلية ووزيرها لم يسمعا، ولم ينفذا. لكن حتى لو كان هذا صحيحاً فهناك قوة الجيش التى من الممكن أن تطبق القانون بحسم، فقد أخلت ميدان التحرير بالقوة ودون وجه حق، من متظاهرين يمارسون حقهم فى الاحتجاج، وأصدرت الحكومة ومعها المجلس العسكرى قانون منع الاحتجاجات، رغم الاعتراضات الواسعة عليه، فلماذا إذن يتراخون فى ضبط الحالة الأمنية فى البلد؟
فى انتظار الإجابة.