بتـــــاريخ : 5/6/2011 2:25:38 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 590 0


    تربية النفس البشرية

    الناقل : mady14 | العمر :42 | الكاتب الأصلى : mady 14 | المصدر : forums.fatakat.com

    كلمات مفتاحية  :
    ايمان


    يقول الله عز و جل في سورة الشمس :
    وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
    أقسم الله بالنفس البشرية وبالذي أنشأها وأبدعها ، وجعلها مستعدة لكمالها .
    وعرفها طريق الفجور والتقوى ، وما تميز به بين رشدها وضلالها ، قال ابن عباس : بين لها الخير والشر ، والطاعة والمعصية ، وعرَّفَها ما تأتي وما تتقى .
    {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}
    هذا هو جواب القسم ، أي: لقد فاز وأفلح من زكي نفسه بطاعة الله ، وطهرها من دنس المعاصي والآثام.
    وقد خاب وخسر نفسه, وأوقعها في التهلكة ، مَن نَقَصها وأخفاها وأخملها وحال بينها وبين فعل الخير بسبب ارتكاب الموبقات والشرور ,فإن من طاوع هواه ، وعصى أمر مولاه ، فقد أورد نفسه موارد الهلاك.

    وقوله : { دَسَّاهَا } أى : نقصها وأخفاها بالمعاصى والآثام . وأصل فعل دسَّى : دسَّسَ ، فلما اجتمع ثلاث سينات ، قلبت الثالثة ياء.


     

    فالنفس بطبيعتها طموحة إلى الشهوات واللَّذَّات، كسولة عن الطاعات وفعل الخيرات، لكن في قَمْعِها عن رغبتها عزُّها، وفي تمكينها مما تشتهي ذلها وهوانها؛ فمن وُفِّق لقمْعِها نال المُنَى، ونفسَه بنى، ومن أرخى لها العنان ألْقَتْ به إلى سُبُل الهلاك، ونفسَه هدم وما بنى؛ فمن هجر اللذات نال المنى، ومن أكبَّ على اللذات عض على اليد.

    وعلى هذا: فالناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافًا واضحًا، يظهر ذلك في استقبال المِحَن والمِنَح، والإغراء والتحذير، والنعم والنِقَم، والترغيب والترهيب، والفقر والغنى؛ فمنهم:

    - الصنف الأول من الناس: من أسَّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان: فلا تضره فتنة ولا تُزَعْزعُه شبهة، ولا تغلبه شهوة ،صامد كالطود الشامخ، فهم الحياة نعمة ونقمة، ومحنة ومنحة، ويسرًا وعسرًا، ثم عمل موازنة، فوجد أن الدهر يومان؛ ذا أمن وذا خطر، والعيش عيشان؛ ذا صفو وذا كدر، فضبط نفسه في الحاليْن؛ فلم يأسَ على ما فات، ولم يفرح بما هو آتٍ؛ فلا خُيَلاء عند غنى، ولا حزن عند افتقار، لا يبطر إن رَئِس، ولا يتكدر إن رُئِس، يقلق من الدنيا، ولا يقلق على الدنيا أبدًا، يستعجل الباقية على الفانية؛ فتجده راضي النفس، مطمئن الفؤاد، إن هذا الصنف من الناس صنف قيِّم كريم، لكنه قليل قليل، وما ضره أنه قليل وهو عزيز؛ والسر إنه الإيمان، الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه، واطمأن وضرب بجذوره فلا تزعزعه المِحَن، ولا تؤثر فيه الفتن؛ بل يُكِنُّ الخير ويجني الفوائد .

    وهذه سمة المؤمنين، الاطمئنان إلى الله يملأ نفوسهم فيبنيها، يحرك جوارحهم فيقوِّيها.
    أما الصنف الثاني: فأسَّس بنيانه على شفا جُرُف هارٍ: يعبد الله على حرف، إن أصابه خير اطمأنَّ به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، يذوب أمام المحنة فلا يتماسك، يلعب بعواطفه الخبر البسيط فلا يثبت، يطير فؤاده للنبأ الخفيف فلا يسكن، فؤاده هواه، يعيش موزعًا بين همِّ حياة حاضر ومفاجآت تنتظر، لا تطمئن لقوله، ولا تثق في تصرفاته، بصره زائغ، عقله فارغ، أفكاره تائهة، مغلوب على أمره، لا ينفع في ريادة ولا يُعتمَد عليه في ساقة، جبان مفتون فرَّار غرَّار .

     

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    ايمان

    تعليقات الزوار ()