هذا السؤال له إجابة مُشابهة وهي: ـ
س: ما هي حقوق الزوج على زوجته وكذلك حقوق الزوجة على زوجها؟ وما الأسباب التي تجعل حياة الزوجين قائمة على المودة وحسن المعاشرة؟
لا شك أن الزوجية في هذه الحياة من الأمور الضرورية، فبيت ليس فيه زوجة ناقص في الحواس وفي المنافع ولذلك روي عن الشافعي رحمه الله قال:
وهكذا أيضا المرأة لا تهنأ بالعيش إذا لم يكن لها زوج يؤنسها ويقوم بقضاء وطرها، ومتى اتصف الزوجان بالأخلاق الرفيعة، فإنها تتم بينهما الألفة والمودة والرحمة والعشرة الطيبة، أما إذا اختلفا واستعملا الشدة وسوء الخلق، فإن العشرة لا تدوم في الغالب، فلأجل ذلك جاءت الأدلة ببيان ما يجب لكل من الزوجين على الآخر، كقول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وقوله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم وقد أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن لا تريدون أو كما في الحديث،
وقد توسع العلماء في ذكر حقوق كل من الزوجين على الآخر، وتلك الحقوق منها ما هو واجب، ومنها ما هو مستحب، فإذا التزم الرجل أن يحسن خلقه مع زوجته ويستعمل الكلام اللطيف، فيلقاها بوجه طلق، ويظهر لها المسرة والفرح ويكمل لها حاجاتها على حسب حاله، لقوله تعالى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ وهكذا أيضا يؤدي حقها في الاستمتاع الذي هو من حق كل منهما على الآخر، وكذلك الصحبة الحسنة ولين الجانب، والعفو عن الأخطاء والزلات، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والتخلي عن الأخلاق الرذيلة، فإن الأصل في ذلك أنها تدوم الصحبة،
وعلى المرأة أيضا من الحقوق استعمال الخلق الحسن وإظهار الفرح والانبساط إلى زوجها، وتلقيه بالبشر وطلاقة الوجه والتبسم عند مقابلته، وكذلك القيام بخدمته الخدمة المعتادة كإصلاح الطعام وتغسيل الأواني والثياب، وتنظيف المنزل ونحو ذلك مما تتم معه سعادة الزوجين، وبذلك تدوم الصحبة، أما إذا كان الرجل شديدا على امرأته فإنها تشتد عليه ويحصل بينهما الشقاق والنزاع الذي يؤدي إلى الفراق أو يؤدي إلى عدم الاستقرار، فلذلك لا يجوز للمرأة إساءة الظن بزوجها، ولا تتبع عثراته، ولا محاسبته على كل زلة أو خطأ، كما لا يجوز لها تكليفه بما يعجز عنه من الطلبات سواء في المآكل أو الأكسية أو الأواني التي إحضارها قد يثقل كاهله، وهكذا لا يجوز تشددها في الطلبات ككثرة الزيارات والخروج إلى المتنزهات، والخروج إلى الأسواق وإلى المجتمعات التي يتواجد فيها شيء من المنكرات،
وهكذا لا تطلب منه إحضار أجهزة الاستقبال التي تشتمل على المنكرات والفواحش والمحرمات، كما أن على الزوج أن يتجنب ما يسيء العشرة بينه وبين امرأته، فلا يطيل الغيبة عنها، ولا يسهر أكثر الليل مع أصدقائه، ولا يحضر إلى منزله أهل الفساد وأهل الشرور وأهل المسكرات وأهل المخدارت، وهكذا أيضا لا يتعاطى شيئا من المحرمات كالخمر والدخان واستعمال آلات الملاهي والأغاني وما أشبهها، ويحفظ سمعه وبصره وجسده عن كل ما يخل بشرفه ودينه وأخلاقه، ويحفظ سمعته عن أن يذاع عنه أخبار سيئة، وهكذا أيضا لا يكلف امرأته ما تعجز عنه في المنزل ونحوه، ولا يأمرها بشيء من المعاصي كالتكشف عند الأجانب، أو خدمة الرجال، أو ما أشبه ذلك، فمتى صلح الزوجان واستعملا هذه الأخلاق رجي أن تدوم الصحبة بينهما.
|
|
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين |
|