يغلب على الشعراء المبالغة في المدح أو الذم حتى يخرج أحدهم إلى الإطراء أو الظلم فيقع في الكذب ومدح الإنسان بما لا يستحق وهجاؤه بما ليس فيه، فلذلك حكم الله على الشعراء عمومًا بقوله تعالى: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ الآيات، ونزه رسوله عن قوله والتحلي به فقال تعالى: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ وورد في الحديث الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم - : لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا يريه خير من أن يمتلئ شعرًا وقد استثنى الله تعالى من الشعراء قوله: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا فمتى كان الشاعر يصون لسانه عن الهجو والسباب، وعن الكذب والبهتان والقذف والعيب والثلب وتتبع العثرات، ويقتصر في شعره على نصر الحق وبيانه ونظم العلوم المفيدة والانتصار لأهل الدين ممن هجاهم وكذب عليهم، والرد على المبطلين وتفنيد الشبهات التي تورد على الإسلام وأهله وعلى الدين الصحيح والعقيدة السليمة فإنه داخل فيمن استثنى الله تعالى.
ولهذا يقال: الشعر كلام؛ فحسنه حسن وقبيحه قبيح، أي: فكما أن في الكلام النثر سباب وقدح وكذب وزور وغيبة ونميمة فكذا في الشعر مثل ذلك وأبلغ؛ حيث إن الشعر يبقى غالبًا ويرصد ويحفظ بلفظه فلذلك نحث من يقول الشعر أن يجعل شعره في نظم الكلام الحسن والفوائد الحسنة والعلوم الصحيحة ونحو ذلك. والله أعلم.
|
|
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين |
|