بتـــــاريخ : 6/30/2011 8:27:01 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1746 0


    إثبات قرب الله ومعيته

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : ابن جبرين | المصدر : www.ibn-jebreen.com

    كلمات مفتاحية  :

    [ فصل: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه مجيب كما جمع بين ذلك في قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [ البقرة: 186] الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته .
    وما ذكر في الكتاب، والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته؛ فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو عَلِيٌّ في دنوه ، قريب في علوه ] .


    (الشرح)* قوله: (فصل: وقد دخل في ذلك الإيمان بأنه قريب من خلقه، كما جمع بين ذلك في قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ يؤمن أهل السنة بأن ربهم سبحانه وتعالى فوق عباده قال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ [ الأنعام: 18 ] وأنه هو العلي الأعلى، قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [ الأعلى: 1 ] وقال: إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى [ الليل: 20 ] وقال: إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء: 34 ] فيؤمنون بأنه عَلِيٌّ بكل أنواع العلو: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات كما يشاء.
    ويؤمنون أيضا بأنه تعالى قريب مجيب، قريب من عباده مجيب لهم، قال تعالى:
    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ ق: 16] فالرب تعالى قريب من عباده يقول تعالى: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [ الأعراف: 56 ] قال بعضهم: المراد أنه قريب برحمته، وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [ البقرة: 186 ].
    فإذا آمن العبد بأن الله تعالى قريب من عباده، حمله هذا الإيمان على ألا يعصي؛ لأنه يستحضر أن ربه قريب منه، ويستحضر أن ربه يطلع عليه ويراه، ولا يخفى عليه منه خافية، فيرجع إلى نفسه قائلا: كيف أعصي ربي ومالكي وهو يراني؟ كيف أعصيه وهو سميع قريب؟ وكيف أقدم على معصيته وهو القادر عليَّ والمتصرف فيَّ؟ كيف أخرج عن طاعته وأنا بمرأى منه ومسمع، كل ذلك عليه أن يستحضره.

    فالله تعالى قد ذكر معيته ؛ المعية العامة والمعية الخاصة، فقال تعالى:
    مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [ المجادلة: 7 ] وقال تعالي: وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ [النساء: 108].
    فهذه المعية العامة تقتضي العلم والاطلاع، وإذا أيقن العبد بهذه المعية العامة حمله ذلك على أن يطيع الله تعالى، وألا يخرج عن طواعيته وألا يعصيه طرفة عين، فهذه فائدة معرفة العبد بذلك.
    ثم يعلم أيضا أن هناك معية خاصة بالمؤمنين، وهي المفهومة من قوله تعالى:
    إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل: 128] وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69] إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 46] لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة: 40 ] ونحو ذلك.
    هذه المعية تقتضي النصر والتأييد، أي معكم أنصركم وأقويكم وأشد أعضادكم وأثبتكم، فهذه المعية مقتضاها غير مقتضى المعية العامة، فيؤمل أن تحصل له هذه المعية:
    أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:194] أي يكون الله معه، ومن كان الله معه بنصره وتأييده فلن يغلب ولن يهزم.
    ثم على العبد بعد ذلك ألا يعتقد اعتقادا سيئا، فلا يضيق ذرعا بمثل هذه الآيات، ولا يقول: كيف يكون الرب تعالى عليا فوق عباده وفوق عرشه في السماء السابعة التي بيننا وبينها هذه المسافات الطويلة، ومع ذلك يكون معهم؟
    إذا عرف أن الله تعالى ليس كمثله شيء فليعرف أنه عَلِيٌّ في دنوه، قريب في علوه، وأنه مهيمن على العباد، مُطلع عليهم، قريب منهم، يسمعهم وهو على عرشه لا يخفى عليه منهم خافية، يعلم السر وأخفى.
    وقوله: (وقوله صلى الله عليه وسلم:
    إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ): لما رفع الصحابة أصواتهم مرة بالذكر، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يرفعوا أصواتهم رفعا شديدا، وكان الصحابة في السفر إذا هبطوا واديا سبحوا جميعا بقولهم: سبحان الله وإذا علوا مكانا مرتفعا كنشز من الأرض كبروا بقولهم: الله أكبر، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سمعيا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته .
    فالرب تعالى قريب من عباده، مطلع عليهم، أي أنه لا يخفى عليه شيء من أحوالهم، وأنه يسمع أقوالهم، ولا يشتبه عليه شيء من حوائجهم ولا من مطالبهم، فما دام كذلك، فإن العبد الذي يؤمن بذلك عليه:
    أولا: أن يطيع الله بكل أنواع الطاعة.

    ثانيا: إذا عرف أن ربه يعلم ما في ضميره، وما ينويه بقلبه فعليه أن يصلح نيته، وأن يطهر سريرته، وألا يخالف شيئا مما يعتقده.
    كذلك أيضا ألا يقدم على ذنب بل يرتدع، فإذا حدثته نفسه بشيء رجع إليها وقال: الرب تعالى الذي نهاني قريب يراني ويطلع عليَّ ولا يخفى عليه من أمري خافية، فكيف أتقدم إلى معصية.
    بذلك نعرف أن العبد يستفيد فائدة عظيمة من هذه العقيدة، ومن اعتقاده أن الله تعالى هو العلي الأعلى بكل أنواع العلو، وهو القريب الذي لا تخفى عليه خافية، وأنه ليس بغائب كما في قوله تعالى:
    وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ [الأعراف: 7 ] فيستفيد العبد هذه الفائدة التي هي إيمانه بقرب الله تعالى ومعيته، مما يحمله على مراقبته وتَحَرِّي ما هو طاعة له، والبعد عن معصيته ومخالفته.
    *قوله: (وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو عَلِيٌّ في دنوه، قريب في علوه):
    يجب على العبد أن يؤمن بنصوص كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم واعتقاد أنها لا تتناقض ولا يخالف بعضها بعضا، بل يتسع قلبه للإيمان بأن الله تعالى مع الخلق، وأنه فوق العرش، وأن هذا لا ينافي هذا.

    هناك مثلا من أنكر القرب والمعية، وفاته الإيمان بهذه النصوص الصريحة، وهناك من أنكر الفوقية والعلو بجميع أنواعه والاستواء على العرش فأنكر هذه الأدلة الواضحة، وجعلها ليست حقيقية فأصبح بذلك مخالفًا لمعتقد أهل الحق ورادًًّا لبعض الأدلة فدخل في زمرة من يؤمن ببعض ويكفر ببعض.
    أما المؤمنون حقا فاتسعت قلوبهم لذلك، وآمنوا بالكتاب كله واعتقدوا أن بعضه يصدق بعضا وأن معناه كله صحيح .

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()