• عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه وجَدَ بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليْه ممَّا سواهما - في العلاقة مع الله - وأن يحبَّ المرء لا يحبه إلاَّ لله - في العلاقة مع الآخَرين - وأن يكره أن يعود في الكُفر بعد أن أنقذَه الله منه كما يكره أن يقذف في النار - في العلاقة مع النفس))؛ متَّفق عليهبسم الله الرحمن الرحيم
تحدَّث النَّاس وأكثروا عن النَّجاح، وضربوا على وترِه حتَّى كادوا أن يقْطعوه، فانتشرتِ المحاضرات والدَّورات والمقالات؛ بل والمؤلَّفات الَّتي تدورُ في فلك النَّجاح من زاوية أو أُخْرى، وفي مجالات الحياة المختلفة.
ومن أهم تلك المجالات:
النَّجاح في العلاقات مع الآخَرين، بل ربَّما يكون من أكثر المجالات التي أُثْرِيت بالحديث سواء من خلال دورات أو مؤلَّفات صغيرة أو كبيرة، حتَّى أصبحت بعض الكتب في هذا المجال من أكثرِ الكتُب مبيعًا في السوق.
والنَّجاح بشكل عامّ أمر مطلوب ومرغوب شرعًا وعقْلاً، ولا خلاف في ذلك، ولكن اختلف النَّاس في الوسائل والطرُق الَّتي يسلكونَها للوصول إلى النَّجاح.
النَّبيُّ المعلِّم - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعطى هذا الأمر - النَّجاح في العلاقات - أهمّيَّة بالغة، ووضع له قواعد توجيهيَّة وخطوطًا عريضة تحقِّق أعلى نسبة من النَّجاح فيه إن التزم بها المرء، نلمسها من خلال جولة سريعة في أحاديث ومواقفَ له - صلَّى الله عليه وسلَّم - ملخَّص هذه القواعد في ثلاث:
الأولى: النَّجاح في العلاقة مع الله.
الثَّانية: النجاح في العلاقة مع النَّفس.
الثَّالثة: النَّجاح في العلاقة مع الآخرين.
والقاعدة الأولى هي الأصل، وما بعدها يَنبني عليْها، بل لا نجاح في الحياة بدونها، تأمَّل النَّماذج التالية لتقرير هذه القواعد:
• عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه وجَدَ بهنَّ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسولُه أحبَّ إليْه ممَّا سواهما - في العلاقة مع الله - وأن يحبَّ المرء لا يحبه إلاَّ لله - في العلاقة مع الآخَرين - وأن يكره أن يعود في الكُفر بعد أن أنقذَه الله منه كما يكره أن يقذف في النار - في العلاقة مع النفس))؛ متَّفق عليه.
• وعن أبي ذر ومعاذ - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اتَّق الله حيثُما كنت - في العلاقة مع الله - وأتبِع السيّئة الحسنة تَمحها - في العلاقة مع النَّفس - وخالِق النَّاس بخلق حسن - في العلاقة مع الآخرين))؛ رواه الترمذي.
فهده الثلاث مجتمعة هي طريق النجاح في العلاقات، وعدم التَّوازُن فيها يؤدّي إلى خلل في حياة المرء، وتغليب قاعدة على أخرى يؤثِّر على نسبة النَّجاح، فلا يكون النَّجاح كاملاً إلاَّ إذا شمل الجوانب الثَّلاثة، وكلّ بقدره.
فالانقِطاع للعبادة غير مقبول في شرْعِنا، وليس من هَدْي نبيِّنا؛ فالسَّماء لا تُمْطِر ذهبًا ولا فضَّة، والتَّعامل مع الآخرين بخُلق سيئ وأنانية أمرٌ مَمقوت ومرفوض بالطَّبع والخلقة، وإهمال النَّفس وترك الارتقاء بها يدلُّ على ضعف الفهم وسوء التصرُّف؛ لذا كان النَّجاح هو التوازنَ مع الجوانب الثَّلاثة، بحيثُ يصل المرء إلى السَّعادة والفوز بالدنيا والآخِرة، فلا غِنى للمرء عن الآخرين، ولا بدَّ للنَّفس من حقِّها، وأصل ذلك يرجع إلى حُسن الصِّلة بالله - سبحانَه وتعالى.
ونجد تأكيد هذه القواعِد بتحْذير النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الطُّرق والأساليب المخالفة لها، ومن ذلك مثلاً قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثٌ مهلِكات: شحّ مطاع، وهوًى متَّبع، وإعجاب كلِّ ذي رأيٍ برأْيِه)) وفي رواية: ((وإعجاب المرْء بنفسه))؛ حلية الأولياء ومساوئ الأخلاق للخرائطي وغيرهما.
ففشَل العلاقة مع الله يكون باتباع الهوى، وفشلها بين النَّاس بطاعة البخيل، وفشل إدارة النَّفس بإعجاب صاحبها برأيِه؛ فهو لا يعرف عيبه ولا يتفطَّن لخلَله، فيبقى على غيّه وفشله.
هذه إشارات من هدْي النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوانين العلاقات النَّاجحة، وتَجدها بسهولة مبثوثة بين ثنايا أحاديث كثيرة ومواقف عديدة، تجعل المرْء يستغرب اجتهاد البعض في البحث عن قوانين العلاقات من كتُب مُترْجمة عن الغرب أو دراسات إنسانيَّة، لشعوب وشخصيَّات وإن كانت في مصافّ العظماء أو النَّاجحين؛ لكنَّها لا تعني شيئًا أمام عظمة ونجاح منقذ البشريَّة وسيّدها - صلَّى الله عليه وسلَّم - صاحب النَّجاح الكامل، وعلى رأس ذلك النَّجاح في العلاقات؛ فهو مُهندِسُها ومؤصِّلها والأنموذج الفريد فيها.